فلقد أكد الإسلام على أن العلاقة التي بين الرجل والمرأة هي علاقة مكملة لبعضها وليس فيها شيء من الانتقاص لأحدهما، وجعل الإسلام في شرائعه من الأوامر والنواهي ما يحقق التوازن بين الذكر والأنثى، فإذا امتثل كل منهما لأوامر ونواهي الشارع حقق توازنه وخدم مجتمعه دون تجاوز من أحدهما على الآخر، بدأ الإسلام في بناء المجتمع من خلال ضمائر الأفراد ووجدانهم سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، وغرس فيها بذر الحب والرحمة بين كل من الرجل والمرأة، وجعل محبتهم لبعضهم من حقيقة الإيمان بالله، ومن الأمور الجالبة لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة. وكذلك جعل الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكافلية، قائمة على المودة والرحمة، وفي الإسلام قيم منظمة لعلاقة المرأة بالرجل وعلاقة الرجل بالمرأة وعلاقة كل منهما بربه، وهذه القيم لو ربى كل من المرأة والرجل نفسه عليها لأصبح نموذجاً فريداً، تشرئب الأنظار إليه، ولعشنا في مجتمع متكافئ ومتوازن، ولاتزنت العلاقة بين الرجل والمرأة وأصبح لكل منهما مكانته في الريادة والقيادة داخل المجتمع، ولحدث التوازن والتكامل في نفس كل منهما وفي واقعهما والكف عن المطالبات بالمساواة اللامشروعة.
طالبنا بحقوق المرأة تصريحاً وتلميحاً أعواماً عدة، هي حقوق من حقها أن تتمتع بها كفلها الدستور لها وللرجل أيضاً، ونحن نؤمن بهذه الحقوق وناضلنا من أجل الحصول عليها، وهي الحقوق السياسية، وبعد أن أقرت وتقلدت المرأة الكثير من المناصب في الدولة وأبرزها وزيرة في وزارات عدة إلى أن وصلت نائبة في البرلمان وسفيرة، فلا نتمادى ونطالب بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة حتى في بعض الحقوق الشرعية كالميراث، ونيل المرأة حقوقها السياسية لا يعطينا الحق بالمبالغة في المطالبات والمغالاة لإثبات الوجود والتكسبات الشخصية.
إن المجتمع الكويتي قطع شوطاً كبيراً وبوناً شاسعاً منذ أن طالب بحقوق المرأة السياسية إلى أن نالتها كاملة كمرشحة وناخبة، فلا نأتي الآن ونتهم المجتمع بما ليس فيه ونصدر تصريحات مقروءة ومسموعة بأننا لا بد من تشريع أطر قانونية للوقاية من العنف الانتخابي الذي يمارس ضد المرأة خلال الانتخابات، برأيي هذا اتهام جلي للمجتمع وأفراده، فنحن لا نرى هناك عقبات تحول دون مشاركتها في الانتخابات كمرشحة وناخبة، ولم نشاهد عنفاً انتخابياً يمارس ضد المرأة أو تمييزها دون الرجل، وأصبح المجال مفتوحاً ولا يوجد ما يحد من تمكينها للخوض والانخراط والعمل في المجال السياسي، ولا نتهم المجتمع بأن الثقافة السائدة بين أفراده هي ثقافة المجتمع الذكوري والتميز الثقافي ضد المرأة.
ولفت نظري أمر مهم وهو اتهام الدين في كل موضع وموقف يصدر من أشخاص قلة في المجتمع هم الذين لا يمتلكون سعة الأفق في تحليل الأمور وإسقاطها على الواقع وفهمه، ويقع الاتهام على دين اليسر وليس دين العسر دين الوسطية والاعتدال وليس دين التشدد والتطرف، نحن ندرك أن الأفهام والأدراك تختلف باختلاف البيئة التي نشأ منها الفرد، فلماذا اتهام الدين ووصفه بأنه دين متشدد؟ وأصبحت المرأة الكويتية الآن عنصراً أساسياً في صنع القرار وأضحت هناك شراكة حقيقية بينها وبين الرجل في إدارة شؤون الدولة، فقد حان وقت تجميع الجهود وصّب جل الاهتمام على الحقوق المدنية والاجتماعية التي لم تحصل عليها المرأة حتى ننهض بالوطن ونحقق تطلعات أبنائه، وينعكس الأثر الإيجابي على دور المرأة ويستفيد المجتمع من قدراتها وخبراتها وإمكاناتها العلمية والعملية في تحديد الأولويات التنموية، بما يضمن لها عيشة الرخاء في جميع مراحلها الاجتماعية وهي متمتعة بحقوقها السياسية والاجتماعية والمدنية كافة.

منى فهد العبدالرزاق الوهيب
m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib