قبل خمس سنوات تقريبا أخذت ابنتي في نزهة على شاطئ البحر مقابل سوق شرق، حيث كان الوضع كئيباً والناس قد اختفت في بيوتها وهي تسمع صفارات الانذار طوال الليل والنهار تحذرهم من الصواريخ التي كان يطلقها النظام العراقي المقبور ضد الكويت، وفي الليلة نفسها سقط صاروخ على سوق شرق ودمر جزءا من المبنى.لم يكن الوضع الأمني هو الوحيد الذي يبعث الحزن في النفوس ولكن كان الوضع الاقتصادي كذلك، إذ كان العجز في الميزانية كبيرا، والمشاريع التنموية شبه متوقفة لاسيما مشاريع البنية التحتية، ورؤوس الاموال قد هربت خارج الكويت بسبب الخوف من الجيران، وأسعار النفط في الحضيض.لقد كانت أياما عصيبة، قارن ذلك بالوضع اليوم، حيث اصبح المال يصب علينا صبا، والخيرات تأتينا من كل مكان، وسعر النفط بلغ 91 دولارا، وبلغ الدخل 15 مليار دينار في عشرة أشهر، أي أنك لو قسمت هذا المبلغ على مليون كويتي لحصل كل مواطن على 15 ألف دينار كاش في يديه.انظر إلى مشاريع البنية التحتية تتسارع باضطراد وانظر إلى الحركة العمرانية ونشاط القطاع الخاص، وانظر إلى أرباح الشركات التي تزداد في كل يوم والبورصة في ارتفاع. ألا يتطلب منا ذلك شكرا للمنعم الذي أطعمنا من جوع وآمننا من خوف؟!لقد ذكرت تلك القصة القريبة قبل خمس سنوات للمقاربة حيث ان البعض قد يكون قد نسي ما هو أهم وهي قصة التحرير قبل 17 عاما، حيث كان الكويتيون بلا بلد ينتمون إليه ولا أمن ولا عزة، ولولا فضل الله تعالى ومنته وكرمه لبقينا على ذلك الوضع إلى أبد الآبدين. يذكرني ذلك بفيلم عرضناه في احد النشاطات الطلابية في الولايات المتحدة، كان يصور بيتا للعصفور ويقول ان بيت العصفور يسمى عشاً، وبيتا للحصان يسمى اسطبلاً وبيتا لكذا وكذا من الحيوانات، ثم يعقب بعدها بالقول: كل كائن حي له بيت إلا الفلسطيني لا بيت له، ثم يحكي قصة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وقد شاهدنا الشباب الأميركي يبكي من فرط التأثر بهذا الفيلم.وبعد أكثر من ثلاثين عاما من عرض ذلك الفيلم مازال الفلسطيني ليس له بيت ولا وطن، فهل يُعتبر كثيرا علينا ان نبتهل إلى الله تعالى ليلا ونهارا بالحمد والشكر الذي أنقذنا من براثن أعدائنا ومنّ علينا بالتحرير ثم بالنعم الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى؟! اللهم لك الحمد على ما أنعمت به علينا.د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com
مقالات
د. وائل الحساوي / نسمات / وين كنّا... ووين صرنا!!
11:36 م