أخبرني أحد الزملاء بواقعة حصلت أمامه بطلها أحد النواب... فالنائب الله يستر عليه ويهديه كان يتحدث ويخاطب مرافقيه: «نبي نصير من الأعيان»!
هذا النائب قبل الانتخابات الفرعية كان «ربعه» يجمعون له «العانية- القطة» على هيئة مساهمات مالية كي يغطي تكلفة دخوله الانتخابات الفرعية وكانت آنذاك قرابة 2000 دينار والآن الأخ يملك عمارات وشركة إن لم تكن شركات ورصيده في الملايين!
فلو قمنا بـ «حسبة بدو» وهي حسبة تقديرية على السريع وفرضنا أن راتب النائب 2250 دينارا تقريبا ولو سلمنا بأن النائب سيوفر قرابة 1000 دينار من راتبه لمدة 15 عاماً فستكون المحصلة 180.000 دينار ولو بقي في العضوية لمدة 20 عاما فـ «التحويشة» ستصبح 240.000 دينار وهذا لن يكفي لشراء أرض استثمارية حتى ولو قدمت له التسهيلات المالية!
إننا نتحدث عن فساد في الذمة المالية والأمثلة كثيرة يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي فأنتم تعاينون أوجه الفساد بأم أعينكم ولا تستطيعون التفوه بكلمة واحدة، وهذا الأمر غير مقتصر على النواب بل هناك الكثير من نواب ومسؤولين كبار انفجرت خزائنهم من كثر ما حصلوا عليه من مال أو سمه ما شئت!
نحن لا نريد أن يكون نوابنا ووزراؤنا ومسؤولونا على شاكلة حاكم نيويورك (يعتبر من أهم مليارديرات نيويورك) الذي خفض راتبه إلى دولار واحد لجذب الناخبين ناهيك عن استخدامه لمترو الأنفاق في تنقلاته، ولكن نريدهم أن يكشفوا لنا عن ذمتهم المالية وأن يحترموا عقولنا لا عقول «السذج» من أبناء جلدتنا. يعني واحد «منتف»... كيف تضخمت أرصدته وأملاكه.
إن العلاقة بين ذمة المسؤول المالية والواسطة علاقة وثيقة، فالواسطة هي من تفتح «حنفية» المال لتصب في رصيده، والواسطة هي من تمنع النزيه من تطبيق القانون، والواسطة هي من جعلت أحلام الشعوب العربية في الدول المجاورة ضربا من خيال إلى أن أتت اللحظة الحاسمة وكتب المولى عز شأنه النجاح لانتفاضتهم بعد أن «انتفخت الكروش» وصار الكسب غير المشروع هو الطريق الأمثل لبلوغ الثراء الفاحش!
إن ذمم الكرام لا تشترى، والعقول النزيهة الرشيدة لا تؤثر فيها الإغراءات أيا كان شكلها وما يحدث من حولنا يعتبر رسالة واضحة لمصير من تبع هواه ونسي ان الله لهم بالمرصاد.
مما تقدم، فنحن نسوق هذا المثال و«الله يهدي» المعني و«الستر زين» لكن لماذا تغيرت مفاهيمنا وأصبحت المادة هي الدافع في كل شيء ورغم أن المثل « إما بشيمة أو بقيمة» في بعض المواقف يردد ويختار الكثير «القيمة» فهي الأسهل في ظل تذبذب الحالة المالية للبعض وهو ما يطلق عليه البعض «المال السياسي»!
المراد... إن الوقت يمر بشكل سريع وما زلنا في التيه نسير وحان الوقت لإقرار قانون الكشف عن الذمة المالية» وتطبيقه بأسرع وقت ممكن كي تظهر لنا حقيقة ممارسات البعض المشبوهة والحق يراد أن يتبع. نحن من غير تطبيق القانون واختيار نخبة قيادية نزيهة تدير شؤون البلد فلن تنفع الخطة المليارية ولن تفيدنا تكتيكات بنيت على منظور باطل. والله المستعان!

تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki.alazmi@gmail.com