أرجو ألا يفسر مقالي اليوم انتقاداً لثورة 25 يناير لشباب مصر التي أعطت العالم درساً في الثورات السلمية، ثورة بت أخشى عليها من تجار السياسة وسماسرة الدين، أو انني أدافع عن نظام الحكم السابق وما فيه من ظلم وتسلط وفساد، ولكن...
عندما قبل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، رحمه الله، مبادرة روجر وزير الخارجية الأميركي للسلام مع إسرائيل ضج العالم العربي منتقداً عبدالناصر ومخوناً له، فخرج المصريون رافضين ذلك ومدافعين عن عبدالناصر رئيس الجمهورية المصرية ورمزها، وعندما وقع الرئيس أنور السادات، رحمه الله، اتفاقية «كامب ديفيد» للسلام ناله ما نال عبدالناصر من نقد وتجريح من العرب، ودافع عنه الشعب المصري كما دافع عن عبدالناصر فهو أيضا رئيس ورمز لجمهورية مصر العربية، وعندما كان يجتمع المصريون في أي مكان ينتقدون فترة حكم الرئيس حسني مبارك كانوا يرفضون أي نقد من غيرهم... فهو رئيسهم ورمز بلدهم، وما نراه اليوم من تشهير وتجريس وبهدلة وامتهان لآدمية شخص تجاوز الثمانين من العمر ويعاني من مرض مميت أمام كاميرات القنوات الفضائية وميكروفوناتها أمرا لا يليق بشعب مصر المتحضر منذ آلاف الأعوام، ومعروف بالطيبة والتسامح بحق شخص حكم مصر أكثر من ثلاثين عاماً، وكان له من الانجازات كما كان له من الاخفاقات، ويحمل أوسمة وتاريخا مشرفا يعطيه حصانة قانوينة وإنسانية مما يلاقيه اليوم، وله حقوق مثل أي إنسان آخر احتراماً لسنه، واشفاقاً عليه من المرض.
لقد رفض الرئيس السابق حسني مبارك الهرب من بلده حاملاً ما خف وزنه وغلا ثمنه كما فعل زين العابدين بن علي، أو سلط جنوده وأعوانه لتدمير بلاده وقتل شعبه كما فعل علي صالح ومعمر القذافي، بل أصر أن يكمل ما بقي من عمره في بلده ليموت ويدفن فيه راضياًً بقضاء الله ثم حكم شعبه، أوليس ذلك اعترافاً بالخطأ والرضا بالعقاب الذي يستحقه على أخطائه وتقصيره أثناء فترة حكمه ولكن من دون إهانة لإنسانيته، أو تعزير علني، أوليس يحق لمن شارك بحرب اكتوبر المجيدة أن يحاكم بستر ويعاقب من دون فضيحة وردح، وهل يقبل الجيش المصري أن يقع أحد قادته ضحية الانتقام والتشفي على مرأى العالم المتحضر الذي يرفض فكرة الانتقام والتعذيب؟


مبارك مزيد المعوشرجي
Malmoasharji@gmail.com
mailto:Malmoasharji@gmail.com