أخيراً التقيت بأحد مراسلي شبكة الأخبار رويترز سألني: لماذا أنتم العرب لديكم هذه الثورات؟ قلت له: ولماذا أنتم ثرتم ضد الحكم المركزي بالمملكة المتحدة؟ أجاب بكل بساطة: كنّا نبحث عن حقنا كشعب على أرضنا. ابتسمت وقلت له: ذلك هو السبب إذاً في كل مكان.
اتفقنا بأن أغلب الأنظمة الحاكمة بالوطن العربي تعتقد بأنها مالكة الأرض والشعب على عكس ما هو مفترض بها كأنظمة تدير مقدرات وخيرات البلد لصالح شعوبها وإبعاد القهر المادي والمعنوي عنهم.
إن نتيجة قبول فكرة بأن الحاكم هو المالك للدولة، تعتبر أولى خطوات صناعة الدكتاتور من حيث يشعر الفرد أو لا يشعر، حتى وإن اختلف نوع لباسه الخارجي من أمير أو ملك أو رئيس جمهورية. وحسبي بأن العقل الباطن يزيف الواقع في عينه بأن الشعب مازال يفديه بالروح والدم وإنه المعبود الثاني بعد الله وعلى الشعب عبادته رغماً عن أنفه.
باستعراض تعريف الدولة وهو عبارة عن أرض يستوطنها شعب وينصب عليهما حاكم، وقناعة بأن ثالوث الدولة لا يمكن له أن يصمد بمجرد سقوط أحد أضلاعه، إلاّ أن من الخطأ في مكان أن يتساوى الأضلاع من حيث الأهمية. فلو سقط الحاكم، لكان من السهل أن يتداعى الشعب من جراء نفسه لتسمية حاكم آخر وهي طبيعية بني البشر بإيجاد القائد تلو الآخر. أمّا الأرض، فإن احتمال زوالها غير متاح بالقدرة البشرية العادية، حتى لو أحرقها الدكتاتور قبل رحيله، فإن الشعب بمقدوره إعادة الحياة فيها. إذاً ما تبقى لنا هو الضلع الأقوى والركيزة الأساسية في صناعة الدولة وهو الشعب، وهنا لنا وقفه طويلة ونسأل...
لماذا يضجر الحاكم سريعاً إذا طالب الشعب بحقه، ولماذا أصلاً لايعطيهم حقهم قبل أن يطلبوه؟ حتى لو أعطاهم النزر اليسير، لماذا على الشعب أن يركع ويسجد له إجلالاً وإكباراً وكأنه المسدد بروح القدس لا إنه قد حجب خيرات الأرض عن أصحابها في الأعوام الماضية؟
ولأن الناس فيما عشقت مذاهب، فإن الشعب قد عشق الأرض، فلن يفارقها لو جبر على تجرع ظلم الحاكم لأعوام قبل أن يثور. ومن هنا، أختم المقال دون إجابات.


عبدالله زمان
كاتب كويتي
BinZaman@live.com
Twitter: @ZamanQ8