لا أحب التشاؤم ولا أدعو لليأس، ومع ذلك أجد نفسي مدفوعاً للحديث عما يجري من انحدار في الشأن التربوي فلعلني ألفت انتباه من بيده التغيير ويملك القرار في معالجة الاهمال والتقصير.
من يزر بعض المدارس اليوم يتألم مما يراه، فبعض الإدارات المدرسية لا تكاد تتواجد في مدارسها فهي منشغلة ما بين أنشطة ولجان وفعاليات تابعة للوزارة، وبين متابعة لبعض الأعمال الخاصة، مما يترتب عليه إلقاء الحمل والمسؤولية على المدير المساعد، وبالطبع فإن ابتعاد المدير عن مدرسته يجعله لا يتلمس المشاكل التي تدور داخلها والذي يؤدي بدوره إلى استفحال تلك المشاكل وصعوبة معالجتها.
بعض المدارس تعيش حالة من الفوضى، فإذا دخلتها تعتقد للوهلة الأولى بأنك أخطأت الطريق وأنك في مجمع تجاري لا مدرسة، فترى بعض الطلاب يتجولون أثناء الحصص في الممرات والساحات، والبعض الآخر تحلقوا في جلسات، وترى البعض الآخر يحضر للمدرسة بزي مخالف وبهيئات غريبة، وبعضهم أجلكم الله يلبس النعال، وقد ضربوا بذلك عرض الحائط باللوائح والقرارات. وإن بحثت عن السر وجدت أنه إما ضعفاً في الإدارة، أو إهمالاً في المتابعة، أو خوفاً من تحمل مسؤولية معاقبة المخالفين.
بعض الطلاب يكتب كلمات لا تليق تجاه الهيئة التدريسية، فلا يتم مسحها أو معاقبة كاتبها، ومنهم من يقل أدبه على معلمه ولربما تطاول باللسان، أو قد يصل الأمر إلى مد الأيدي ثم يحدث تدخل وواسطات، تحصن الطالب وتجعله خارج نطاق المساءلة، أو قد تخفف عنه العقوبة.
من المعلمين والمعلمات من لا يراعي الله تعالى في عمله ووظيفته، أو يراقب الله في الأمانة التي بين يديه، فكثرة الغياب بعذر وبغير عذر وخاصة الإجازات المرضية الكاذبة، حضور للحصص دون تحضير، عدم الدقة والعدالة في توزيع الدرجات، عدم بذل الجهد المطلوب في شرح الدروس وتوضيحها، ثم يطالب هؤلاء بمكافأة الأعمال الممتازة.
بعض الإدارات المدرسية لها رغبة جادة في الإصلاح وتقويم سلوك المتعلمين، ولكنها للأسف تجد عراقيل وعدم تقدير من قبل بعض الإدارات في المناطق التعليمية مما تدفع هؤلاء المدراء إلى إيثار جانب السلامة، يحدثني أحد مدراء المدارس أنه كاد أن يحرم من مكافأة نهاية الخدمة بسبب أنه عاقب بعض الطلاب والذين تكرر تأخيرهم عن طابور الصباح، ولما اشتكى ولي الأمر على المدير (والله يرحم أولياء الأمور الأولين الذين كانوا يقولون لنظار المدارس خذ الولد لحم ورده لنا عظم) وقفت المنطقة التعليمية مع الشاكي ولم تقدر خدمة المدير الطويلة، أو على الأقل تعطيه شيئاً من المرونة في توجيه الطلاب ومحاسبتهم.
إن واقع المدارس الأليم دفع عدداً ليس بالقليل من أولياء الأمور للبحث عن البديل والذي هو المدارس الخاصة ذات الكفاءة، ولكن رسومها المرتفعة وخاصة ثنائية اللغة منها تجبر ولي الأمر للعودة مرة أخرى إلى المدارس الحكومية.
إننا في بلد قد أنعم الله عليه بالخير العميم، فهل نحن عاجزون عن توفير كوادر تعليمية ذات كفاءة عالية، ونحن بلد نطمح أن نكون في مصاف الدول المتقدمة، فهل نحن أضعف من أن نطبق معايير الجودة، أو أن نتعامل مع المقصرين بكل شفافية دون خضوع للتهديد أو الابتزاز.
أتمنى أن يقر كادر المعلمين ليكون دافعاً ومحفزاً للمعلمين لمزيد من العطاء، إلا انني في الوقت نفسه أدعو وزارة التربية لوضع ضوابط حازمة تحرم الاستفادة من كادرها لكل من يثبت تهاونه أو تقصيره في أداء واجبه.

عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com