أخذتني هموم العروبة خلال المقالات السابقة، فشرقت بي وغربت، فلا تكاد تهدأ ثورة حتى تبرز أخرى، حيث تفجرت بي دماء العروبة، وتذكرت فخري البارودي وهو ينشد: بلاد العرب أوطاني... من الشام لبغدان... ومن نجد إلى يمن... إلى مصر فتطوان. أسأل الله عز وجل أن يحفظ هذه الأمة من كل مكروه، وأن يلهمها من أمرها رشداً، وأن يشتت أمر عدوها.
لنعد للهم المحلي، ومشاكلنا الداخلية، وإلى وزارة التربية تحديداً، وأخص موضوع الغياب الذي يصاحب الإجازات الرسمية، إلى متى تقف وزارة التربية مكتوفة الأيدي أمام تلك الظاهرة؟ فقد قرر الطلبة، وبإيعاز من بعض المعلمين والمعلمات في المدارس الحكومية، وبغض الطرف من بعض الإدارات المدرسية، وسكوت رهيب من الإدارات العامة في المناطق التعليمية المختلفة، والاكتفاء بدور المتفرج، مع وضع اليدين خلف الظهر، وكأن الأمر لا يعنيها البتة!
وزيرة التربية كانت أشد تفاعلاً مع قضية إضراب المعلمين الوافدين، منها في مسألة غياب الطلبة وتطنيشهم للدراسة، لا أعلم متى تتحرك الوزارة ممثلة بقيادييها في علاج تلك الظاهرة، وأنا أرى أن تلك الظاهرة أولى بالاستجواب من استجواب وزير الداخلية الأسبق، بسبب لوحات الانتخابات التي كلفت الدولة خمسة ملايين.
إن غياب الطلبة لمدة 8 أيام دون مبرر، أو إجازة رسمية، وبشكل جماعي، فيه إهدار للمال العام، قد يفوق تلك الأموال التي استُجوبَ من أجلها الوزير الخالد، ولكن أين من يفهم ويستوعب من أعضاء مجلس الأمة، الذين يزاحمون كتاب الصحف بمقالاتهم وتصريحاتهم، ويقضون ربع أوقاتهم في القنوات الفضائيات، ويتسابقون فيما تبقى من الوقت للفوز بأكبر قدر ممكن من الحضور السياسي المميز في الندوات والاعتصامات.
قضية أخرى تستحق أن نشير إليها، ولعلها تستحق استجواباً آخر ولكن لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل، لأن ما تُهدر فيها من أموال عامة وخاصة تفوق الخمسة ملايين تلك، فالتأخر في إقرار اللائحة الجديدة لانتخابات الجمعيات التعاونية، التي تحفظ حقوق المساهمين من المتلاعبين بها، موضوع يستحق المناقشة والاستعجال به، حتى نغلق باب الشر على كثير من المجالس المنتخبة في بعض الجمعيات التعاونية.
جمعية الصليبخات كان يديرها مجلس معين عام 2000، وقد كانت الأرباح في ذلك العام (812700 د.ك)، والتي انخفضت تدريجياً إلى (219784 د.ك) عام 2003، أي بعد ثلاثة مجالس منتخبة، للأسف، وعندما تم حل مجلس 2004، وقتها تنفست الجمعية الصعداء على يد مجلس معين برئاسة د.مطر المطيري، وهو من الكفاءات الكويتية، وأخذت أرباح الجمعية بالنمو التدريجي حتى وصلت في عام 2010 إلى (1666662 د.ك)، كما أنجز المجلس المعين العديد من المشاريع الإنشائية التي حُرم منها أهالي المنطقة ردحاً من الزمن.
لذا فإنني أطالب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بسرعة إقرار تلك اللائحة التي تضمن أموال الناس من التلاعب من بعض المجالس المنتخبة، أو التمديد لبعض المجالس المعينة لحين إقرارها، لأن كثيراً من المجالس المعينة أرحم بنا ممن يتم انتخابهم، فيا للأسف!
إهداء لثوار ليبيا:
مع تعديل طفيف على أبيات البارودي أعلاه...
بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن
من الجهرا لتطوان
سلام الله يا ثوار
شدوا أرهبوا الجاني
وقولوها بلا خوف
لترحل كي تعش هاني


د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh