أتساءل في غمرة الأحداث الدراماتيكية في العالم العربي، ابتداء من تونس، ثم مصر، ثم ليبيا، واليمن، وغيرها، أين أجهزة المخابرات التي صرفت عليها تلك الدول مئات الملايين، لتحفظ الأمن والنظام، هل كانت غائبة أم مغيبة، هل كانت تتعمد الصمت والسكوت ليحدث ما يحدث، أين هي من أنات الشعوب وآهاتها؟
أسئلة كثيرة تدور في رأسي حول هذا الموضوع، فأتساءل: لم تصمت الأنظمة حتى تنفجر القنابل الموقوتة فتخلف أشلاء يصعب جمع شتاتها، لم تضطرنا حكومتنا إلى استخدام العنف اللفظي والعنف الجسدي، وبإمكانها أن تكون أكثر حساسية لما يسري في جسد الأمة من روح جديدة، ونفس ثوري لا يخمده مال، أو منصب.
إنها روح فتية، هي معارضة شبابية، ليست معارضة أحزاب نفعية، ليست معارضة تتأرجح مواقفها وتتلون حسب مصالح أقطابها، هي نَفَس جديد كسر أصنام الذل والخضوع واستعباد البشر للبشر، هي نَفْسٌ نُفِخت في جسد الأمة، لتعيد لها الحياة مرة أخرى بعد عقود من الطغيان والتخلف، والثورات العسكرية البليدة الغبية.
لقد صفق جيل الخمسينات والستينات لثورات العسكر ضد الأنظمة الملكية، وما علموا أنهم يصفقون لخيبتهم وهوانهم، أنا لا ألومهم فقد تم خداعهم، من خلال إذاعة صوت العرب، وقد يأتي من يلومني في المقبل من العقود على كلامي هذا، ولا أدري فلعلي أكون مخطئاً في نصرتي لثورات الشعوب التي بدأت تنتفض من نير وبطش بها، وسلبها حق الحياة الكريمة.
أجمل ما في تلك الثورات أنها أعادت (شيئاً) من العقل لبعض الأنظمة، فأعادت حساباتها مع شعوبها، وبدأت تستمع إلى صرخاتهم، وتتحسس آلامهم، وبدأت تتنازل عن كبريائها وعنجهيتها المصطنعة، وبدأت بالحوار المتعقل مع نبض الشارع، والذي علمت يقينا غير قابل للشك أنه هو الذي يحفظ لها أمنها واستقرارها، وليست تلك المعاهدات التي تبرمها مع القوى العظمى.
لقد علمتني الحياة أن حساسية أي نظام عامل مهم لاستمراره وبقائه وتماسكه وقوته، ويمكن أن أمثل هذا بماكينة السيارة، فماكينة السيارة نظام ميكانيكي قائم على آلة الاحتراق الداخلي، والتي بدورها تقوم بتحريك عمود الكرنك لتتحرك السيارة، ينتج عن هذه الحركة المتسارعة حرارة عالية بسبب الاحتكاك المستمر، ولو تعطل مؤشر جهاز التبريد (الراديتر) لفاجأتنا السيارة بالتعطل، وقتها قد نحتاج لتغيير المكينة بالكامل، أو تصليح (تجفيت) بعض أجزائها. اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter:@Dralsuraikh
أسئلة كثيرة تدور في رأسي حول هذا الموضوع، فأتساءل: لم تصمت الأنظمة حتى تنفجر القنابل الموقوتة فتخلف أشلاء يصعب جمع شتاتها، لم تضطرنا حكومتنا إلى استخدام العنف اللفظي والعنف الجسدي، وبإمكانها أن تكون أكثر حساسية لما يسري في جسد الأمة من روح جديدة، ونفس ثوري لا يخمده مال، أو منصب.
إنها روح فتية، هي معارضة شبابية، ليست معارضة أحزاب نفعية، ليست معارضة تتأرجح مواقفها وتتلون حسب مصالح أقطابها، هي نَفَس جديد كسر أصنام الذل والخضوع واستعباد البشر للبشر، هي نَفْسٌ نُفِخت في جسد الأمة، لتعيد لها الحياة مرة أخرى بعد عقود من الطغيان والتخلف، والثورات العسكرية البليدة الغبية.
لقد صفق جيل الخمسينات والستينات لثورات العسكر ضد الأنظمة الملكية، وما علموا أنهم يصفقون لخيبتهم وهوانهم، أنا لا ألومهم فقد تم خداعهم، من خلال إذاعة صوت العرب، وقد يأتي من يلومني في المقبل من العقود على كلامي هذا، ولا أدري فلعلي أكون مخطئاً في نصرتي لثورات الشعوب التي بدأت تنتفض من نير وبطش بها، وسلبها حق الحياة الكريمة.
أجمل ما في تلك الثورات أنها أعادت (شيئاً) من العقل لبعض الأنظمة، فأعادت حساباتها مع شعوبها، وبدأت تستمع إلى صرخاتهم، وتتحسس آلامهم، وبدأت تتنازل عن كبريائها وعنجهيتها المصطنعة، وبدأت بالحوار المتعقل مع نبض الشارع، والذي علمت يقينا غير قابل للشك أنه هو الذي يحفظ لها أمنها واستقرارها، وليست تلك المعاهدات التي تبرمها مع القوى العظمى.
لقد علمتني الحياة أن حساسية أي نظام عامل مهم لاستمراره وبقائه وتماسكه وقوته، ويمكن أن أمثل هذا بماكينة السيارة، فماكينة السيارة نظام ميكانيكي قائم على آلة الاحتراق الداخلي، والتي بدورها تقوم بتحريك عمود الكرنك لتتحرك السيارة، ينتج عن هذه الحركة المتسارعة حرارة عالية بسبب الاحتكاك المستمر، ولو تعطل مؤشر جهاز التبريد (الراديتر) لفاجأتنا السيارة بالتعطل، وقتها قد نحتاج لتغيير المكينة بالكامل، أو تصليح (تجفيت) بعض أجزائها. اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter:@Dralsuraikh