لعل ما يحدث في الشرق الأوسط والعالم العربي من ثورات شعبية، وتكسير لصنم الخوف في القلوب، وخروج الناس للشارع للمطالبة بإصلاحات سياسية، ورحيل رؤساء دول وحكومات، وارتفاع صوت طالما ظل خافتاً، جعل بعضنا يتساءل وبشكل جدي، هل ما يحدث الآن هو ما يسمى بنظرية الفوضى الخلاقة، وهل ما يحدث هو إعادة رسم لشرق أوسط جديد، وبمعنى أكثر دقة هل ما يحدث في العالم العربي والشرق الأوسط هو بفعل فاعل، وتدخلات خارجية مخطط لها مسبقاً؟
لقد ناقشت هؤلاء في أكثر من منتدى وتجمع سواء في العالم الحقيقي، أو في العالم الافتراضي في الفيسبوك والتويتر، وقلت لهم بأن ما توردونه من نظريات لتفسير تلك الأحداث المتلاحقة ممكن عقلاً، ولا يرفضه المنطق إطلاقاً، ولعله يستند إلى مواقف الدول العظمى في عصرنا كالولايات المتحدة الأميركية ومنظومة الاتحاد الأوروبي، ولكنهم نسوا عاملاً مهماً في تفسير تلك الأحداث، إنه الشعوب.
قد يقولون إن تمرد الجيوش وانحيازها لإرادة الشعوب لم يكن بقرار منعزل عن ضوء أخضر من تلك الدول، نعم هذا صحيح، ولكنهم تغافلوا عن أن الزمن قد تغير، والفساد السياسي قد استشرى، والعالم في تطور مستمر، ومازالت أغلب حكوماتنا تعتقد أنها تستطيع توجيه الرأي العام بشكل أحادي، ومن خلال مصدر واحد، في وقت امتلأ فيه الفضاء بشتى صنوف الفضائيات والقنوات، وغص الإنترنت بالمواقع والمنتديات وخدمات المحادثة والتواصل والشبكات الاجتماعية عظيمة التأثير.
كما تناست تلك الحكومات أن الجيل الذي تعود قبول الذل والخنوع قد أعقبه جيل أصبح يعي معنى الحرية، ويرددها فيما يدوِّن ويكتب بعيداً عن أعين الرقباء وأجهزة الاستخبارات، وبأسلوب لا يحتاج إلى ترخيص مسبق، فهو يكتب يومياً وينشر ما يؤمن به، ويتداول الشباب والفتيات تلك الأفكار في عالم افتراضي يختلف تماماً عن واقعهم المعيشي، الذي يتناقض بالكلية مع تلك المبادئ التي يطالبون بها، مثل الحريات والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة، والحرب على الفساد، وأهمية تداول السلطة، وغيرها من الأفكار الثورية.
ولذا فإني على قناعة بأن ما حدث هو انقلاب على مفهوم الاستبداد السياسي الذي كان منتشراً في عقود مضت، وهي ثورات شعبية حقيقية، استثمرتها القوى العظمى حسب مصالحها المبنية على دراسات استراتيجية، ودعمت تحرك الجيوش في تلك الدول، ليكون لها الفضل كاملاً على أنظمة المستقبل، ويكون التحكم والسيطرة في أشدِّ صوره، ولكن هيهات فقد تغيرت المفاهيم، ولابد أن تتغير الأساليب، فصوت الشعب لابد أن يسمع من الآن فصاعداً. أفهمتم.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh
لقد ناقشت هؤلاء في أكثر من منتدى وتجمع سواء في العالم الحقيقي، أو في العالم الافتراضي في الفيسبوك والتويتر، وقلت لهم بأن ما توردونه من نظريات لتفسير تلك الأحداث المتلاحقة ممكن عقلاً، ولا يرفضه المنطق إطلاقاً، ولعله يستند إلى مواقف الدول العظمى في عصرنا كالولايات المتحدة الأميركية ومنظومة الاتحاد الأوروبي، ولكنهم نسوا عاملاً مهماً في تفسير تلك الأحداث، إنه الشعوب.
قد يقولون إن تمرد الجيوش وانحيازها لإرادة الشعوب لم يكن بقرار منعزل عن ضوء أخضر من تلك الدول، نعم هذا صحيح، ولكنهم تغافلوا عن أن الزمن قد تغير، والفساد السياسي قد استشرى، والعالم في تطور مستمر، ومازالت أغلب حكوماتنا تعتقد أنها تستطيع توجيه الرأي العام بشكل أحادي، ومن خلال مصدر واحد، في وقت امتلأ فيه الفضاء بشتى صنوف الفضائيات والقنوات، وغص الإنترنت بالمواقع والمنتديات وخدمات المحادثة والتواصل والشبكات الاجتماعية عظيمة التأثير.
كما تناست تلك الحكومات أن الجيل الذي تعود قبول الذل والخنوع قد أعقبه جيل أصبح يعي معنى الحرية، ويرددها فيما يدوِّن ويكتب بعيداً عن أعين الرقباء وأجهزة الاستخبارات، وبأسلوب لا يحتاج إلى ترخيص مسبق، فهو يكتب يومياً وينشر ما يؤمن به، ويتداول الشباب والفتيات تلك الأفكار في عالم افتراضي يختلف تماماً عن واقعهم المعيشي، الذي يتناقض بالكلية مع تلك المبادئ التي يطالبون بها، مثل الحريات والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة، والحرب على الفساد، وأهمية تداول السلطة، وغيرها من الأفكار الثورية.
ولذا فإني على قناعة بأن ما حدث هو انقلاب على مفهوم الاستبداد السياسي الذي كان منتشراً في عقود مضت، وهي ثورات شعبية حقيقية، استثمرتها القوى العظمى حسب مصالحها المبنية على دراسات استراتيجية، ودعمت تحرك الجيوش في تلك الدول، ليكون لها الفضل كاملاً على أنظمة المستقبل، ويكون التحكم والسيطرة في أشدِّ صوره، ولكن هيهات فقد تغيرت المفاهيم، ولابد أن تتغير الأساليب، فصوت الشعب لابد أن يسمع من الآن فصاعداً. أفهمتم.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh