يستغرب الكثير سر الاهتمام الكبير والتفاعل مع الثورة المصرية بعد أحداث الخامس والعشرين من يناير الماضي، فكثير منا تفاعل معها، سواء من ناصر ثورة الشعب، أم من وقف إلى جوار الرئيس المتنحي عرفاناً لموقفه من غزو الكويت، سر هذا الاستغراب هو أن هذا التفاعل خفت بريقه مع ثورات شعبية تبعتها في بعض البلدان العربية الأخرى، ولبيان تميز الثورة المصرية عن الثورات الأخرى أقول:
1 - تعتبر مصر محور ارتكاز للشرق الأوسط، نظراً لحجمها الجغرافي وتعداد سكانها الذي تجاوز الثمانين مليوناً، ولوجود حدود مشتركة مع العدو الصهيوني، ولأننا نعرف طبيعة مصر والشعب المصري حق المعرفة سواء بالسفر إليها أو بعلاقاتنا الممتدة مع كثير من المصريين في كل مكان.
2 - منطلق ثورة الشعب المصري كان مصرياً بحتاً، ابتدأ في الإنترنت، وانتشر في فضائه، وتلقفتها عقول الشباب والفتيات، حتى نضجت الفكرة خلال عامين، كانت خلالها مئات الإضرابات والاعتصامات والمسيرات، فهي ثورة شبابية مصرية بحتة، لم تلوثها، حسبما أعتقد، مصادر خارجية، وإن كان لتلك المصادر الخارجية يد طولى في ترتيب الأحداث التي توالت بعد انطلاقها.
3 - لم ترتفع في الثورة المصرية شعارات دينية أو طائفية أو حزبية أبداً، ولكنها شعارات وطنية بحتة، فوجدنا المسلم والمسيحي في ميدان التحرير، وغيره من الميادين في مختلف محافظات مصر، كما رأينا ممثلين من كل الأحزاب تناصر الغاضبين وتكتب دفاعاً عنهم، بل إن الفنانين والمذيعين والمخرجين والكتاب كانوا يتسابقون لنصرة تلك الثورة التي انتشرت بين كل فئات المجتمع.
4 - الثورة المصرية لم تكن ثورة الجياع، كما صورها بعضهم، فكثير ممن خرج فيها كانوا من الطبقة الوسطى، وما وائل غنيم عنا ببعيد، كما أنها لم تكن ثورة ضد استبداد سياسي منع حرية الرأي بالكامل، بل كانت ضد منهج لإدارة البلاد، ترك فيه الحبل على الغارب لفئة من المتنفذين، ليسرحوا ويمرحوا، ويستولوا على كنوز مصر دون حسيب ولا رقيب.
5 - النظام المصري نظام جمهوري، يختار فيه الشعب رئيس الجمهورية، ولذا من حقه أن يطالب برحيله، بالأساليب السلمية الحضارية، وهذا ما شهدناه من المظاهرات الحضارية للشعب المصري، وما البلطجة التي رأيناها إلا من صنع الحكومة نفسها.
6 - لم نر من المتظاهرين في مصر أي سلوك تخريبي سواء للمؤسسات العامة أو الخاصة، وما حدث فيها من تخريب كان متعمداً من أزلام السلطة لتشويه الثورة السلمية، بل العكس كان صحيحاً، حيث نظم الشباب المصري صفوفه، وبدأ بحماية المناطق السكنية والممتلكات العامة والخاصة ودور العبادة من المخربين المفسدين.
هذا هو الفرق بين ما حدث في مصر، وما يحدث في بعض البلاد العربية الأخرى الآن من ثورات، ما يفسر تردد بعضنا عن مناصرتها، رغم إيماني الكامل بحق الشعوب في تقرير مصيرها، مهما كلف الأمر.
د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh
1 - تعتبر مصر محور ارتكاز للشرق الأوسط، نظراً لحجمها الجغرافي وتعداد سكانها الذي تجاوز الثمانين مليوناً، ولوجود حدود مشتركة مع العدو الصهيوني، ولأننا نعرف طبيعة مصر والشعب المصري حق المعرفة سواء بالسفر إليها أو بعلاقاتنا الممتدة مع كثير من المصريين في كل مكان.
2 - منطلق ثورة الشعب المصري كان مصرياً بحتاً، ابتدأ في الإنترنت، وانتشر في فضائه، وتلقفتها عقول الشباب والفتيات، حتى نضجت الفكرة خلال عامين، كانت خلالها مئات الإضرابات والاعتصامات والمسيرات، فهي ثورة شبابية مصرية بحتة، لم تلوثها، حسبما أعتقد، مصادر خارجية، وإن كان لتلك المصادر الخارجية يد طولى في ترتيب الأحداث التي توالت بعد انطلاقها.
3 - لم ترتفع في الثورة المصرية شعارات دينية أو طائفية أو حزبية أبداً، ولكنها شعارات وطنية بحتة، فوجدنا المسلم والمسيحي في ميدان التحرير، وغيره من الميادين في مختلف محافظات مصر، كما رأينا ممثلين من كل الأحزاب تناصر الغاضبين وتكتب دفاعاً عنهم، بل إن الفنانين والمذيعين والمخرجين والكتاب كانوا يتسابقون لنصرة تلك الثورة التي انتشرت بين كل فئات المجتمع.
4 - الثورة المصرية لم تكن ثورة الجياع، كما صورها بعضهم، فكثير ممن خرج فيها كانوا من الطبقة الوسطى، وما وائل غنيم عنا ببعيد، كما أنها لم تكن ثورة ضد استبداد سياسي منع حرية الرأي بالكامل، بل كانت ضد منهج لإدارة البلاد، ترك فيه الحبل على الغارب لفئة من المتنفذين، ليسرحوا ويمرحوا، ويستولوا على كنوز مصر دون حسيب ولا رقيب.
5 - النظام المصري نظام جمهوري، يختار فيه الشعب رئيس الجمهورية، ولذا من حقه أن يطالب برحيله، بالأساليب السلمية الحضارية، وهذا ما شهدناه من المظاهرات الحضارية للشعب المصري، وما البلطجة التي رأيناها إلا من صنع الحكومة نفسها.
6 - لم نر من المتظاهرين في مصر أي سلوك تخريبي سواء للمؤسسات العامة أو الخاصة، وما حدث فيها من تخريب كان متعمداً من أزلام السلطة لتشويه الثورة السلمية، بل العكس كان صحيحاً، حيث نظم الشباب المصري صفوفه، وبدأ بحماية المناطق السكنية والممتلكات العامة والخاصة ودور العبادة من المخربين المفسدين.
هذا هو الفرق بين ما حدث في مصر، وما يحدث في بعض البلاد العربية الأخرى الآن من ثورات، ما يفسر تردد بعضنا عن مناصرتها، رغم إيماني الكامل بحق الشعوب في تقرير مصيرها، مهما كلف الأمر.
د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh