الفساد ظاهرة عالمية، توجد في كل دول العالم بنسب مختلفة، وكلما ازدادت الشفافية في مجتمع ما انخفض ممارسو الفساد على كل المستويات، وإذا ازدهرت سوق الاستبداد السياسي وثقافة الإقصاء ضرب الفساد أطنابه، ورفرفت أعلامه، ورفع عقيرته، معلناً انتصاره الساحق الماحق بالضربة القاضية على كل مقومات الحياة الكريمة.
وللفساد أشكال وأنواع: الفساد السياسي، والفساد الإداري، والفساد المالي، والفساد الأخلاقي، والفساد الأمني، وهذا التنوع للتقسيم فقط وبيان الفرق بين الأنواع، وإلا فهي سلسلة متصلة ومترابطة، يعتمد بعضها على بعض، فالفساد الإداري يعتمد على الفساد السياسي بالدرجة الأولى، والفساد الأمني يعتمد على الفساد الأخلاقي، وهلم جرا.
وقد عرف معجم «أوكسفورد» الإنكليزي الفساد بأنه: «انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة»، كما يمكنني وبكل بساطة تعريفه بأنه: كل جهد منظم أو غير منظم، يستهدف استغلال مقدرات فرد أو مجموعة من الأفراد باستخدام طرق غير مشروعة، وبذلك يدخل في هذا التعريف القول والفعل.
والفساد للأسف مرض معدٍ، ينتشر بين الناس كانتشار النار في الهشيم، يجعل الوطن طريح الفراش، ولا يقوى على الحراك، حتى لو علّق (باج) التنمية، وصدح بها في العالمين، ولا تنفع معه حينذاك مسكنات أو مضادات حيوية، فالمسألة ليست نزلة برد موسمية طارئة، بل لا بد من عملية قلب مفتوح عاجلة، نستبدل بها النابض الأساسي للحياة في أي أمة، وهو (تعزيز روح الانتماء للوطن)، أو ما اصطلح عليه بـ (الوطنية).
من صور الفساد السياسي: الرشاوى السياسية سواء على مستوى الناخب البسيط، أو على مستوى ممثلي الأمة، وكلما علا المنصب السياسي كان فساده أكثر تأثيراً على بقية القطاعات، والرشاوى السياسية يمكن أن تكون من خلال المال السياسي القذر بشكل سافر ووقح، أو من خلال الترضيات في المناصب القيادية.
ومن صور الفساد الأمني في أي دولة، أن يكون (حاميها حراميها)، بأن يكون رأس الجريمة هو من وُكِلت إليه مهمة محاربتها، ولا شك أن انتشار هذه الصورة من الفساد يقلل الثقة في الأجهزة الأمنية، ويدفع بالناس إلى الاعتماد على أنفسهم لحماية ذواتهم من اختراقات الآخرين لحدودهم... اللهم احفظ بلادنا من كل أنواع الفساد آمين.


د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter :@Dralsuraikh