يقال: لا تصطنعوا إلى ثلاثة معروفاً: اللئيم فإنّه بمنزلة الأرض السّبِخة
والفاحش فإنّه يرى أنّ الذي صنعتَ إليه إنما هو لمخافة فُحشِه، والأحمق فإنّه لا يعرف قدْرَ ما أسديتَ إليه، فواضع المعروف في غير أهله كالمُسْرِج في الشَّمس، والزارع في السَّبَخ، وقال بعض الحكماء: المعروف إلى الكرام يعقب خيراً، وإلى اللئام يعقب شراً، ومثل ذلك مثل المطر، يشرب منه الصدف فيعقب لؤلؤاً، وتشرب منه الأفاعي فيعقب سماً.
يقول زهير بن أبي سلمى
من يجعل المعروف في غير أهله
يكن حمده ذما عليه ويندم
ومما ذُكِرَ في مساوئ اصطناع المعروف:
خرج قوم لصيد فطردوا ضبعة حتى ألجؤها إلى خباء أعرابي فأجارها وجعل يطعمها ويسقيها، فبينما هو نائم ذات يوم إذ وثبت عليه فبقرت بطنه وهربت، فجاء ابن عمه يطلبه، فوجده ملقى فتبعها حتى قتلها، وأنشد يقول:
ومن يصنع المعروف مع غير أهله
يلاقي كما لاقى مجير أم عامر
أعد لها لما استجارت ببيته
أحاليب ألبان اللقاح الدوائر
وأسمنها حتى إذا ما تمكنت
فرته بأنياس لها وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من
يجود بمعروف على غير شاكر
وقال آخر: دخلت البادية فإذا أنا بعجوز بين يديها شاة مقتولة وإلى جانبها جرو ذئب. فقالت: أتدري ما هذا؟ فقلت: لا،
قالت: هذا جرو ذئب أخذناه صغيراً وأدخلناه بيتنا وربيناه، فلما كبر فعل بشاتي ما ترى، وأنشدت:
بقرت شويهتي وفجعت قومي
وأنت لشاتنا ابن ربيب
غذيت بدرها ونشأت معها
فمن أنباك أن أباك ذيب
إذا كان الطباع طباع سوء
فلا أدب يفيد ولا أديب
على الهامش
الخطفى لقب للشاعر حذيفة بن بدر اليربوعي جد الشاعر جرير وسمي الخطفى لوصفه إبلا
يرفعن بالليل ما أسدفا... أعناق جنان و هاماً رجفا... وعنقاً باقي الرسيم خيطفا.
فمن هو الشاعر الملقب بذي الرمة.

فهد حمود الحيص
fhh_@hotmail.com