| كتبت هبة الحنفي |
كان الاحتفال بالعيد الوطني في السابق يأتي في شهر يونيو من كل عام، وهو شهر استقلال الكويت، حيث تقام عروض عسكرية واحتفالات شعبية ويخرج الناس الى الشوارع رغم ارتفاع درجات الحرارة لمشاهدة تلك العروض ابتهاجا بالمناسبة السعيدة، لكن الدولة رأت ان تدمج عيد جلوس الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم في شهر فبراير مع عيد الاستقلال في عيد واحد يقام فيه عرض عسكري واحتفالات فنية وشعبية، وبالمصادفة جاء عيد التحرير من الغزو العراقي في شهر فبراير فأضيف الى قائمة الاعياد الوطنية.
واذا تركنا توقيت الاحتفال وانتقلنا الى طبيعة الاحتفال في الحقبة الأخيرة خاصة عقب التحرير نجد ان الفرحة مستمرة بالمقدار نفسه في قلوب الشعب الكويتي، لكن اختلفت مظاهر التعبير عنها، وباتت ترتبط حاليا بالفوم والذي يستخدمه الشباب واستعراض السيارات على شارع الخليج.
«الراي» جالت في ذاكرة الرعيل الأول من أبناء الكويت لاستذكار تلك اللحظات في ذاكرتهم حول الاحتفال بالأعياد الوطنية وقتذاك وما وصلت له الآن... وهنا نص الاراء:
أغمض المواطن محمد المسباح عينيه كمن أراد ان يرجع بذاكرته الى الوراء عندما طرحنا عليه سؤالنا حول الفرق بين الماضي والحاضر في طبيعة الاحتفال بالعيد الوطني، وهنا ارتسمت ابتسامة على محياه حيث استذكر أيام الماضي الجميل، قائلا: «الأعياد الوطنية في السابق كانت تمتاز برونق وكانت تحمل مغزى ومعنى حيث كنا نستشعر بالروح الوطنية الحقة في أعماقنا في تلك الفترة، حيث كانت تقام بها العروض العسكرية وعروض لبعض الفرق الشعبية الموسيقية، وكانت تتميز بمدى رقيها وتنظيمها، وان كنا نحتفل بها اليوم بشكل مختلف تماما عن الأيام الماضية حيث كان للاحتفالات تنظيم، الا اننا بتنا اليوم نرى نوعا من الاستهتار الذي يمارسه شباب اليوم من استخدام الفوم في مسيرتهم على الخليج احتفالا بالعيد الوطني، على الاختلاف طبيعة الاحتفالات في الماضي حيث كانت المباني والمنازل تتزين احتفالا بهذه المناسبة الوطنية المميزة، وتتفنن الشركات والمدارس والاندية في صنع مجسمات لاقامة ما يشبه الكرنفال في شارع الخليج آنذاك».
وتمنى في هذه المناسبة المميزة وهو مرور نصف قرن على الاستقلال ان تعود الأمور الى نصابها وتصفى النفوس مابين السلطة التنفيذية والتشريعية، مشيرا الى انه لا مجال للانجاز ولدفع عجلة التنمية مع كثرة التلويح واستخدام الاستجوابات لتصفية الحسابات، لايمكن لأي وزير ان يكمل رسالته والعمل والانجاز في خضم هذا الجو السياسي غير المستقر ولكثرة التلويح بالاستجوابات، منوها «في الماضي كان للنواب ريادة في طرح الأسئلة وكان النائب يحترم ويقدر الرأي الآخر، فكان اختلاف الآراء والرؤى لايخلف للود قضية، وهذا ما نستفقده في وقتنا الراهن».
وهنأ المسباح سمو أمير البلاد وولي عهده ورئيس الوزراء بالعيد الوطني، مثمنا مبادرة الأمير في المنحة الأميرية، مشيرا الى ان هذا ليس بغريب عن آل الصباح والذين عهدنا منهم الجود والكرم.
ومن جهته، استذكر المواطن يوسف الصراف كيف كانوا يتوجهون سيرا على الأقدام من سوق الصرافين الى شارع السور لحضور العرض العسكري والذي كان يقام احتفالا بالعيد الوطني، قائلا: «كانت تفرش الأرض بالسجاد وتنصب الخيام للاستقبال حيث كانت تجتمع الأسرة الحاكمة والمواطنون هناك لحضور العرض العسكري وبعض العروض الفنية الشعبية كرقصة العارضة وغيرها، حيث كانت للاحتفالات سابقا معنى ومغزى ولها طعم فرحة خاص رغم بساطة تلك الأيام وبعدها عن التعقيد الذي نشهده اليوم».
واستطرد قائلا: «أما الاحتفالات في عصرنا الحالي والخاصة عقب التحرير فخرجت عن المألوف حيث أصبحت هناك أمور سلبية دخيلة علينا تصاحب الاحتفال بالعيد الوطني ومنها استخدام البخاخات المسرطنة وهو أمر سلبي ويسبب اخلالا في الأمن وذلك ما شهدناه في الأعوام السابقة الأخيرة في المسيرات التي تخرج على شارع الخليج للاحتفال والتي تخلف عنها بعض الاصابات والأضرار والمساهمة في تلوث البيئة بسبب الاستهتار باستخدام الفوم».
ودعا الى الرجوع الى رونق الماضي في طبيعة الاحتفال بهذه المناسبة المميزة على قلوب الشعب الكويتي والتي كانت تجمع معاني الروح الوطنية وتجسدها من خلال العروض العسكرية واحتفالات الفرق الشعبية والكرنفال الذي كان يقام في تلك الأوقات، وأعرب عن سعادته الجمة لاعادة احياء العروض العسكرية لجلل المناسبة وهو اليوبيل الذهبي للعيد الوطني، متمنيا استمرارها للسنوات القادمة للعودة للنمط القديم في الاحتفال.
وفي هذه المناسبة المميزة، تمنى الصراف ان تتعاون الحكومة مع المجلس لاعادة الصفاء للساحة السياسية الكويتية، مشيرا الى اننا نمر في منحنى خطير فالأزمة الواقعة حاليا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية سببها بعض النواب والذين يحاولون عرقلة الحكومة في أداء واستكمال خطة التنمية والتي لن تتم من دون تعاون وجمع شمل السلطتين بعيدا عن التأزيم، أملا من نواب مجلس الأمة ان يضعوا مصلحة الوطن والشعب أمام أعينهم، فلابد من ان نضع يدنا بيد الحكومة وصولا لبر الأمان.
وتمنى ان يدوم الفرح والسرور على الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي، مثمنا ما بادر به أمير البلاد في منح الشعب الكويتي المنحة الأميرية، لافتا الى ان هذه المكرمة الأميرية ليست بغريبة على أسرة الصباح فمن عاداتهم الكرم والخير.
وبدوره، رأى المواطن جاسم السقاي ان الاحتفالات بالأعياد الوطنية تدعم أواصر الوحدة الوطنية والتلاحم بين أبناء الشعب الكويتي، معرباً عن أمله ان تكون الاحتفالات بالأعياد الوطنية وما يصاحبها من فرحة كبيرة فرصة لالتقاط الانفاس من أجل السعي واستكمال خطة التنمية لرفعة شأن البلاد في المرحلة المقبلة، خاصة اننا بتنا نشهد تقدم دول الخليج الأخرى بخطوات عنا، فلابد ان ندع الخلافات جانبا ونسهم في دعم كل ما هو لمصلحة البلاد، فيجب ان نستكمل المسيرة الوطنية التي بدأها السابقون من الآباء والأجداد الذين جعلوا الكويت وأمنها وعزتها غايتهم التي ينشدونها وهدفهم الذي يسعون الى تحقيقه.
ودعا الى عودة طبيعة الاحتفالات الى سابق عهدها حيث كانت تتمثل الروح الوطنية فيها، فقد كانت تقام العروض العسكرية المميزة حيث يتجمهر الجميع في ساحة شارع السور لمشاهدته حيث كانت للفرحة نكهة مميزة لم نعد نستشعرها في أبناء جيل اليوم والذي استبدل العروض العسكرية بمسيرات بالفوم على شارع الخليج متسببا بالضرر للآخرين والتي تخلف عنها حوادث عديدة في السنوات الماضية.
ومن جانبه، رأى المواطن محمد جعفر ان هنالك اختلافا كبيرا وواضحا، ففي الماضي كانت الأعياد تعتمد على البساطة والعفوية وكانت الفرحة تخرج من القلب وغير مصطنعة، وهذا ما كان يميز الشعب الكويتي في تلك الفترة، فقلوب الكويتيين كانت ومازالت على بعض»، متابعا: «لم تكن في الماضي على البذخ والاسراف، وأذكر ان أجمل اللحظات حين كانت تخرج المسيرة بالعربات والكرفانات التي تحمل أشكالا جميلة وتجوب شارع الخليج الذي كان مختصرا في ذلك الوقت، كما كان هناك الاستعراضات العسكرية الجميلة التي كانت تقام في شارع السور».
وأردف قائلا: «في حين ان احتفالات اليوم عبارة عن غزل ومعاكسات وفوم مسرطن ورقص في وسط الشارع والذي يتسبب في قلق الشارع من دون تنظيم، كل تلك الأمور أفقدت هذه المناسبة الوطنية روعتها وجمالها، مما أضفى جوا غير حضاري على الاحتفال بسبب تصرفات مستهترة من بعض المراهقين.
وتمنى ان تعود الاحتفالات الى سابق عهدها كما كانت في الماضي، مهنئا سمو الأمير والعائلة المالكة بهذه المناسبة العزيزة على قلوب الكويتيين.
ومن جانبه، وصف المواطن خالد القديري الاحتفالات الوطنية في سابق عهدها بانها اتسمت بطبيعة روح الماضي والبساطة وصدق المشاعر، حيث كانت عملية التعبير عن الفرحة بالعيد للوطني في الماضي بسيطة ومع ذلك كان لها وقع مختلف وجميل على نفوس وقلوب المواطنين، فكانت تشتمل على عروض عسكرية مختلفة كعرض الفرق الموسيقية في الجيش وعروض الطائرات الحربية والتي كانت تدخل البهجة في النفوس، متابعا: «كما ان مؤسسات الدول المختلفة كانت تشارك في الاحتفالات بأسلوب آخر من خلال التباهي بما انجزته وحقق على أرض الواقع خاصة ان الكويت كانت حينذاك مقبلة على التنمية».
وبين القديري ان طريق الاحتفال اليوم بالعيد الوطني وعيد التحرير تختلف عما كانت عليه في الماضي فقد خرجت الاحتفالات في الوقت الحالي عن الأسلوب المتعارف عليه وباتت تعكس الاساءة والتصرف اللاأخلاقي من قبل بعض الشباب المراهق من خلال استخدام الفوم لرش السيارات والتي قد ينتج منها ضرر للآخرين فهو تصرف غير حضاري، ولله الحمد الحكومة بدأت بالتصدي له، داعيا الجميع الى اعادة الروح البسيطة وفرحة العيد لما كان في سابق عهدها في صورة عصرية بعيدا عن الاساءة والتسبب بالضرر للآخرين واحترامهم، رافضا مثل تلك الاحتفالات التي تسيء لصورتنا وتعطي انطباعا سيئا عن دولتنا الحبيبة الكويت.
وتنمى الاستقرار والأمن والامان للكويت متمثلة بحكومتها الرشيدة وكافة أطياف الشعب، وهنأ أمير البلاد معبرا له عن عظيم امتنانه للمكرمة الأميرية التي بادر بها والتي أدخلت السرور على القلوب.
ودعا كافة المسؤولين في الدولة بهذه المناسبة الخاصة على قلوب الكويتيين الى استغلال الديموقراطية التي ارتضتها الكويت نهجا لهذا الاستغلال الصحيح والتي عهدناها، متابعا: «وعلى الجميع ان يعي ان لا كلمة بعد كلمة صاحب سمو أمير البلاد، وما علينا الا ان نقول السمع والطاعة، فعلى رغم اجتهادات البعض على الساحة فهو يرى ما لانراه لما يتمتع به من حنكة سياسية ورؤية نافذة».
واستذكر محمد السليمان الاحتفالات الوطنية الماضية التي كان يتقدمها العرض العسكري والذي يتخلله عزف الفرق الموسيقية التابعة للجيش وعرض الطائرات الحربية حيث كانت لتلك الاحتفالات تحمل رونق خاص، كما كان يقام كرنفال على شارع الخليج في السبعينات تشارك فيه مختلف المؤسسات والشركات من خلال صنع مجسمات غاية في الروعة، مشيرا الى ان كل زمان له دولة ورجال، فلكل زمن أسلوبه وطريقته الخاصة في الاحتفال، وان تمنى ان تختفي بعض المظاهر السلبية التي أصبحنا نشهدها في وقتنا الحالي خلال الاحتفال بالأعياد الوطنية كالتشفيط بالسيارات والمعاكسات.
ورأى ان الكويت لا تعاني من أي أزمة وان كل ما تروج له المحطات ماهو الا كلام فارغ وحشو لبرامجها، داعيا الله ان يديم الأمن والامان على الكويت.