نتابع ببالغ الأمل والمنى النهج الحكومي بتطبيق القوانين وفرض العدالة والمساواة بين الأكفاء والطاقات الوطنية بمعزل عن انتمائهم السياسي والعقائدي، والتركيز على الأهلية والقدرة في إدارة الموقع والمنصب المرشح لشغله بكل تجرد. وحسبي بأن تكالب التيارات السياسية وبعض النواب على منصب مدير الجامعة لا يأتي من باب المصلحة العامة على ما يبدو فالكيكة بالفعل يراد توزيعها على الفئات المستفيدة إن كانت خارج أسوار الجامعة أم كانوا من العاملين فيها، والمتأملين بتسمية مدير جديد سيعمل على ترقيتهم وتعديل مواقعهم الأكاديمية بكل تأكيد. والمستغرب بأن فلسفة التدليس تأتي من باب الغاية تبرر الوسيلة، ليصبح هذا النهج متأصلاً لدى الوصوليين والمتسلقين والذين يقدمون ولاءاتهم الشخصية برسم الخدمة المسبقة للمدير القادم من الآن كبادرة دعم سياسي ومعنوي في حين يتهمون الآخرين بها. فتعساً لهذا التمصلح المؤدي لتعطيل فرص المستحقين الواقعيين والمتأهلين القادرين على تسلم المنصب الأكاديمي الأول بالدولة.
الوزيرة موضي الحمود هي المسؤولة الأولى عن ترشيح الاسم لمنصب مدير جامعة الكويت، وبالتالي فهي مسؤولة أيضاً أمام أي أثر سياسي وأكاديمي سوف ينتج عنه تنصيب شخص رائحته تفوح منه على بعد أمتار عديدة. فمن أرقى ممارسة سياسية نتوقعها من الوزيرة بأن تتحلى بالتجرد من انتمائها السياسي في اختيار المرشح لهذا المنصب، والنظر بعين المصلحة الأكاديمية العامة وليس بناءً على ما يقوله الواشون وغلاة المنتفعين من الأسماء المطروحة ومن يدعمهم. فالكفاءات الكويتية التي نعتز بها، هي التي تظهر القدرة والاعتدال والاتزان وتقدير الأمور وتلك صفات لا تنحصر فقط في اسم شخص تدعمه كاتبة مقال هنا، أو سياسي أيد كتاب عدم تعاون لرئيس الحكومة لتكافئه الوزيرة اليوم بهذا الفعل.
أمّا الحديث عن مخالفة وعبث العمداء، فأنا أمنّي النفس للتعرف على المقصودين. نعم نريد أن نعرف من هم هؤلاء العمداء ولماذا لم يتم ذكرهم والاكتفاء بالإشارة لواحد فقط، لو اتفقنا جدلاً بأنه هو المقصود، مع الإغفال المتعمد لأسماء كل العمداء المخالفين الحقيقيين والذين منهم انبثقت الترشيحات لمنصب مدير الجامعة الجديد؟
المصيبة الكبرى هو بمن يدّرس العلوم السياسية ولا يفقه الفرق الإصلاحي والمدلول العلمي بين المهرجان الخطابي والمظاهرات، ليأتي بعدها الشخص نفسه وينظّر للعالم «الغلابة» معنى السياسة ومفاهيمها الراقية. فمن يريد أن ينتقد عليه أن يتجرد من أهواءه الذاتية وانتفاعاته المتخمة بالمصالح، وينتقد الفعل المشين بإدخال الشرطة والعسكر داخل الحرم الجامعي وليس إدانة وانتقاد المهرجان الحضاري. فالحرم الجامعي مصان وله قداسته حتى في أردى وأدنى الجامعات بأميركا ككلية Boston Collage وهي الكلية المقدّرة من قبل المؤسسات الأكاديمية العالمية بدرجة «نص وواحد»، ورغم من هذا التقدير المتدني لتلك الكلية، إلاّ أنها تُطبّق أقسى أنواع العقوبات لأي عسكري ينتهك الحرم الجامعي، أو يستخدم صلاحياته العسكرية ضد أعضاء الجامعة كانوا مدرسين أم طلبة، فعن أي صورة كويتية تتكلمون أيها المتزلفون؟
نعم أيتها الوزيرة، ما يحدث في الجامعة غير مقبول ولا يمكن قبول الأوضاع المتردية على هذه الحالة أكثر. فلابد للإدارة المقبلة أن تكون ذات قرار مستقل ولا تخضع لدعم مشبوه وما يترتب عليه من دفع فواتير الترضيات التي أصبحت استحقاقاً على المدير الجديد من الآن. فجامعة الكويت تعتبر من خيرة المؤسسات الولاّدة للكفاءات الوطنية، حتى أخذت بتصدير تلك الكفاءات لشغل مناصب قيادية عديدة بالدولة. وهذا الأمر جعل ضعاف النفوس في حيرة من أمرهم، فلا هم من المباركين الحقيقيين لزملائهم، ولا هم من الذين يسيرون بدرب الاجتهاد والعصامية لينالوا ما نال غيرهم.
آخر الأمنيات للوزيرة الحمود، بأن تنظف الجامعة من الغوغائيين، فهؤلاء لا مصلحة لديهم سوى مصلحتهم الشخصية حتى لو كان ذلك على حساب قضية «البدون» وجعلها قضيتهم الأولى لسبب غير مخفي وهو دليل إضافي على الغوغاء المقصود.


عبدالله زمان
كاتب كويتي
BinZaman@live.com