| بقلم د. أحمد سامح |
قد يضطر الإنسان أن يخرج من الدفء داخل المنزل أو في مكان العمل ليواجه بصدره انخفاض درجات الحرارة والتعرض لتيارات الهواء الباردة فيصابون بالنزلات الشعبية والالتهابات الرئوية.
ذلك لأن القوة الدفاعية للحويصلات الهوائية لا تستطيع أن تتأقلم بسرعة مع التغير السريع في فرق درجات الحرارة بين الداخل الدافئ المتواجد فيه الإنسان إلى الخارج حيث تنخفض درجات الحرارة.
وتحدث النزلات الشعبية والالتهابات الرئوية كمضاعفات الإصابة بنزلات البرد والانفلونزا.
وأعراض الالتهابات الشعبية تبدأ في الارتفاع في درجات الحرارة والسعال الجاف المؤلم وضيق التنفس.
وعندما يكون التشخيص الاصابة بالالتهاب الرئوي تشتد هذه الأعراض وتكون أكثر حدة والمريض أكثر إعياءً لأن الالتهاب يشمل كل أنسجة الرئة.
وفي هذه الدراسة نوضح الفرق بين التهاب الشعب الهوائية أي النزلات الشعبية والالتهاب الرئوي.
ومضاعفات الالتهاب الرئوي والنزلات الشعبية خطيرة وكانت تؤدي إلى الوفاة في الماضي القريب قبل اكتشاف المضادات الحيوية الفعالة.
لذلك يجب أخذ الحيطة والحذر من الانتقال من الدفء إلى البرودة والعكس صحيح عند الانتقال المفاجئ من البرودة إلى الدفء خصوصا في الليل.
وهذه النصيحة الطبية مهمة جدا لأصحاب المهن والأعمال التي تتطلب خروجهم عند الفجر خصوصا المؤذنين وأئمة المساجد والمصلين وكذلك المتنزهون في البر عليهم أخذ الحذر والحيطة قبل الخروج لصلاة الفجر من الطقس البارد.
كذلك على مرضى السكري وفقر الدم «الأنيميا» ومرضى قصور الكلى ومن يعانون من ضعف جهاز المناعة لأي سبب ومن يتلقون العلاج بالكورتيزون والأدوية الأخرى المثبطة لعمل جهاز المناعة الاحتراس والحذر لأنهم معرضون أكثر من غيرهم للاصابة بالنزلات الشعبية والالتهابات الرئوية في فصل الشتاء من كل عام.

عند انخفاض درجات الحرارة والانتقال من الدفء سواء كان داخل المنزل أو في مكان العمل إلى الخارج حيث درجات الحرارة المنخفضة والبرودة، مثل هذه الظروف تؤدي إلى كوارث صحية في مثل هذه الأيام من كل عام وأخطرها النزلات الشعبية الحادة والالتهابات الرئوية الخطيرة.

أكثر الناس عرضة للإصابة
أكثر الناس عرضة للاصابة بالنزلات الشعبية والالتهابات الرئوية في فصل الشتاء بسبب الانتقال من الدفء إلى البرودة هم مرضى السكري ومرضى فقر الدم «الأنيميا» والذين يعانون من ضعف جهاز المناعة ويتلقوا أدوية الكورتيزون الشهيرة أو يتلقون أدوية مثبطة لجهاز المناعة.
وكذلك خروج المصلين وأئمة المساجد والمؤذنين لأداء صلاة الفجر من منازلهم الدافئة إلى الخارج حيث تكون درجات الحرارة قد وصلت إلى أدنى درجاتها الصغرى.
وكذلك المتنزهون في البر معرضون للاصابة بالنزلات الشعبية الحادة والالتهابات الرئوية الخطيرة، إذا لم يحتاطوا ويأخذوا حذرهم ويتناولون كوبا من الماء قبل الخروج إلى الصلاة ويرتدوا ملابس تقيهم البرد القارس والصقيع وتجنب الكوارث الصحية.

الإصابة بالنزلات الشعبية
تحدث الاصابة بالنزلات الشعبية التي تعني التهابا حادا يصيب الغشاء المخاطي المبطن للشُعب الهوائية نتيجة الانتقال من الجو الدافئ إلى الخارج حيث انخفاض درجات الحرارة وكذلك العكس عند الانتقال من مكان بارد إلى مكان دافئ.
وتبدأ الأعراض بارتفاع درجات الحرارة والسعال الجاف الذي يكون مؤلماً ويعبر عنه المريض بأنه يشعر بحرقان في الصدر وإذا استمر الالتهاب وكان المريض مدخنا يبدأ افراز المخاط والبلغم.
وقد يصاب مريض النزلات الشعبية بضيق في التنفس وتزييق بالصدر نتيجة تضييق القصيبات والشعب الهوائية وانسدادها بالافرازات المخاطية وانتفاخ جدرانها نتيجة الالتهابات.
وتعالج النزلات الشعبية باستخدام المضادات الحيوية الفعالة والمناسبة مع أخذ قسط من الراحة مع علاج الأعراض مثل ارتفاع درجة الحرارة والسعال.
كذلك يجب الامتناع عن التدخين حتى تشفى الحالة في غضون اسبوع أما إذا أهمل علاج النزلات الشعبية فهي تؤدي إلى حدوث المضاعفات مثل الاصابة بالالتهابات الرئوية والربو الشعبي «التنك».

الإصابة بالالتهاب الرئوي
تحدث الاصابة بالالتهاب الرئوي عند الانتقال من الجو الدافئ إلى الجو البارد سواء كان في المنزل أو مكان العمل في فصل الشتاء.
وذلك لأن القوة الدفاعية للحويصلات الهوائية وما حولها من أنسجة لا تتأقلم بسرعة مع التغيير المفاجئ في درجات حرارة الجو فينتج عنها تغيرات باثولوجية «مرضية» في الأنسجة بفعل مهاجمة الجراثيم والفيروسات والفطريات أو المواد الضارة للرئة عند ضعف تأقلمها للفروق التي تحدث في درجات الحرارة عند الانتقال من الدفء إلى البرد والعكس صحيح.

أعراض الالتهاب الرئوي
يحدث الالتهاب الرئوي بسبب الاصابة بعدوى الميكروب الرئوي «النيموكوكاي» ويحدث كعدوى ثانوية كمضاعفات الاصابة بنزلات البرد والانفلونزا والنزلات الصدرية خصوصا في مرضى البول السكري وفقر الدم «الأنيميا» وعند ضعف عمل جهاز المناعة.
وتبدأ الأعراض بارتفاع في درجة الحرارة وتصاحبها رجفة ورعشة وقشعريرة.
وعادة يكون هناك الشعور بألم في الصدر نتيجة التهاب الغشاء البلوري بالصدر وهو غشاء يبطن الرئة وجدار الصدر.
وفي بداية المرض يكون السعال جافا ثم يصحبه بلغم لونه رمادي ثم يأخذ لون الصدأ.
ويصاحب المرض قيء وفقدان الشهية والصداع وشحوب الوجه وضيق التنفس.
ويكون التشخيص بالأشعة العادية ويوضح الالتهاب الذي أصاب فصوص الرئة أو اصابة الرئة بأكملها.

علاج الالتهاب الرئوي
بفضل التطور الهائل في علم الأدوية والتقدم الكبير في تكنولوجيا الدواء الذي مكن من استخدام مضادات حيوية فعالة وقوية حديثة أمكن التغلب على الالتهابات الرئوية ومضاعفاتها الخطيرة التي كانت تؤدي إلى الوفاة لا محالة في الماضي القريب وحدوث كوارث صحية كل فصل شتاء.
ويصف الطبيب المعالج الأدوية الخافضة للحرارة والمسكنة للألم والمهدئة للسعال.
كما يصف المضادات الحيوية القوية الفعالة للقضاء على الميكروب ويصف أحياناً الأدوية الموسعة للشعب الهوائية، كذلك يطلب الطبيب المعالج من المريض الامتناع عن التدخين الذي هو من أسباب وعوامل الاصابة بالمرض لأنه يضعف عمل جهاز المناعة في الرئتين.
وكذلك علاج الأمراض العامة والسيطرة عليها التي قد يكون مصابا بها مريض الالتهاب الرئوي مثل مرض السكري وفقر الدم «الأنيميا» ومن يتلقون العلاج بأدوية تثبيط المناعة وعقار الكورتيزون.
كذلك يطلب من المريض الراحة التامة في الفراش وهي مهمة جدا وتتراوح ما بين اسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حتى يتفرغ جهاز المناعة لمقاومة المرض.
ويراعى أن يكون طعام مريض الالتهاب الرئوي ليناً سهل الهضم.

مضاعفات الالتهاب الرئوي
يعتبر تأخر الشفاء هو أول مضاعفات الالتهاب الرئوي وعندما تنخفض مناعة الجسم وتضعف مقاومته يتحول الالتهاب الرئوي خراجا بالرئة.
وقد يمتد الالتهاب الرئوي إلى الغشاء البلوري ويتجمع السائل البلوري الذي قد يتحول إلى صديد.
ومن المضاعفات الأخرى للالتهاب الرئوي حدوث التهاب الأذن الوسطى والتهاب السحايا «الحمى المخية الشوكية» خصوصا في الأطفال.
وفي حالات نادرة تؤدي الاصابة بالالتهاب الرئوي إلى التهاب في الأمعاء أو حتى حدوث التهاب في غشاء التامور المغلف للقلب.
والحمد لله مع التقدم العلمي الهائل في وسائل التشخيص وطرق العلاج وتقدم الرعاية الصحية الأولية أصبح حدوث مثل هذه المضاعفات قليل الحدوث.