سئل مروان المعشر، نائب رئيس البنك الدولي، عند عرضه لتقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي: هل لمستوى الحرية في العالم العربي دور في تدهور مستوى التعليم فيه؟ أجاب أن البنك لا يتدخل في المسائل السياسية. إن إجابة هذا السؤال يعرفها أي مواطن عربي، إن لم يكن من تجربته فمن تجربة غيره، ذلك أن العالم العربي يمر بمرحلة تعتبر من أحلك المراحل التاريخية التي مرت عليه على الأصعدة كافة. وأعظم أسباب هذه الحلكة مستوى الحرية المتدهور، إن لم يكن منعدماً في غالب العالم العربي، والذي وصل فيه مستوى الحرية إلى أدنى درجة على المستوى العالمي، فتقدمت عليه مناطق كانت إلى عهد قريب ترزح تحت الظلم والاستبداد كأميركا الجنوبية واللاتينية وأفريقيا.لذا بمستويات للحرية كهذه فلا تستغرب عزيزي القارئ عندما تعلم أن 50 في المئة من إجمالي سكان العالم العربي، والذي يقارب 300 مليون، يعيشون تحت خط الفقر، وبوجود 70 مليون أمي في العالم العربي، ولا يترجم في العالم العربي أجمع إلا 300 كتاب من لغات العالم كافة سنوياً. غيض من فيض، ومؤشرات مؤلمة في ظل ما يملكه العالم العربي من ثروات مادية وبشرية وثقافية هائلة.لم يصل العالم العربي إلى هذا التخلف الضارب أطنابه، وانعدام الحرية، عبطاً، بل إنه نتاج لعامل خارجي متمثل بالاستعمار الغربي على مدى قرنين، ومازال مستمراً بصور شتى، وحرصه على جعل هذا العالم متفككاً وضعيفاً، كما ذكر ذلك مستشار الأمن القومي الأميركي السابق زيبغينيو بريجنسكي بكل صراحة ووضوح عند عرضه للقوى المستقبلية التي يمكن أن تنافس العالم الغربي في كتابه «رقعة الشطرنج». فالعامل الخارجي حريص جداً على تشرذم العالم العربي لأسباب تاريخية ولحماية مصالحه على المدى الطويل ظناً منه بأن هذا العالم بما يملك من مقومات خطر على هذه المصالح. والمتتبع لحال العالم العربي يعلم مدى خطأ هذه السياسة المتبعة والقائمة على ظنون وأوهام. وأما العامل الداخلي فيتمثل في الاستبداد الذي عم العالم العربي، ومازالت شعوبه تعاني منه على المستويات كافة ولا تخفى على كل ناظر ومتابع.     التخلف الذي يعيشه العالم العربي ليس مشكلة مستعصية لا يمكن الخروج من دائرته، فشعوب عدة استطاعت الخروج منه باتباعها نواميس وسنناً كونية لا تتخلف في أي زمان أو مكان. وأعظم هذه السنن العمل الدؤوب للسير نحو الحرية، فالناس على دين ملوكها، وكما يكونون يولى عليهم، فهذه سنة لا تتخلف أبداً، فهل من مذكر.***قال عمر أبو ريشة :«أمتي هل لك بين الأمم    منبر للسيف أو القلم»

سيف الهاجري

كاتب وناشط سياسي كويتيbinrashdan@yahoo.com