| جاد الله فرحات * |
قال عنه أهل العلم هو الأول في هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد المشاهد كلها تصدق بماله كله يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة الثمانية.**
عن عبدالله اليمني مولى الزبير بن العوام قال لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه تمثلت عائشة رضي الله عنها بهذا البيت:
أعاذل ما يغني الحذار عن الفتى
إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
فقال أبوبكر رضي الله عنه ليس كذلك يا بنية ولكن قولي (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) فقال انظروا ثوبي هذين فاغسلوهما ثم كفنوني فيهما فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت.
عن عائشة في حديث الحكم بن حزن قالت والله ما ترك أبو بكر ديناراً ولا درهماً ضرب لله سكته.
وعن ثابت بن مسلم بن يسار عن أبي بكر الصديق قال إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة وانقطاع شثعه والبضاعة تكون في كمه فيفتقد بها فيفزع لها فيجدها في ضبته.
وعن قيس قال كان لأبي بكر غلام فكان إذا جاء بغلته لم يأكل من غلته حتى يسأله فإن كان شيئاً مما يحب أكل وإن كان شيئاً يكره لم يأكل قال فنسي ليلة فأكل ولم يسأله ثم سأله فأخبره أنه من شيء كرهه فأدخل يده فتقيأ حتى لم يترك شيئاً.
وعن عبدالله بن عمر عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت إن أبا بكر رضي الله عنه حين حضرته الوفاة قال لعائشة إني لا أعلم في آل أبي بكر من هذا المال شيء (إلا هذه) اللقحة وهذا الغلام الصقيل كان يعمل سيوف المسلمين ويخدمنا فإذا مت فادفعيه إلى عمر رضي الله عنه فلما بعثت به إلى عمر قال يرحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال إني لأرجو لكم أن يتمم الله لكم هذا الأمر يا معشر العريب حتى إن الرجل منكم ليدعو بخبزته من الحنطة فإن شاء قال لأهله أيدموا بسمن وإن شاء قال أيدموا بزيت.
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد الله يعني ابن جعفر عن إسماعيل بن محمد أنا أبا بكر رضي الله عنه قسم قسما سوى فيه بين الناس فقال له عمر رضي الله عنه يا خليفة رسول الله تسوي بين أصحاب وسواهم من الناس فقال أبو بكر إنما الدنيا بلاغ وخير البلاغ أوسعه وإنما فضلهم في أجورهم.
وعن الحسن قال دخل سلمان على أبي بكر وهو يكيد بنفسه فقال يا خليفة رسول الله أوصني فقال له أبو بكر إن الله عز وجل فاتح عليكم الدنيا فلا تأخذوا منها إلا بلاغكم وإن من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله عز وجل فلا تحقرن الله عز وجل في ذمته فيكبك في النار على وجهك.
وعن محمد بن سيرين قال لم أعلم أحد استقاء من طعام أكله غير أبي بكر فإنه أتى بطعام فأكله ثم قيل له جاء به ابن النعمان فقال فأطعمتوني كهانة ابن النعمان ثم استقاء هذا أو نحوه.
وعن ابن أبي مليكة قال قالت عائشه رضي الله عنها لما حضر أبي رحمه الله دعاني فقال يا بنية إني كنت أعطيتك تمر خيبر ولم تكوني أخذتيها وأنا أحب أن ترديها عليّ قالت فبكيت ثم قلت غفر الله لك يا أبة والله لو كان خيبر ذهباً جميعاً لرددتها عليك فقال هي على كتاب الله عز وجل يا بنية إني كنت أتجر قريش وأكثرهم مالاً فلما شغلتني الإمارة رأيت أن أصيب من المال بقدر ما شغلني يا بنية هذه العباءة القطوانية وحلاب وعبد فإذا مت فأسرعي به إلى ابن الخطاب يا بنية ثيابي هذه فكفنوني بها قالت فبكيت وقلت يا أبة نحن في غنى من ذلك فقال غفر الله لك وهل ذلك إلا للمهل قالت فلما مات بعثت بذلك إلى ابن الخطاب فقال يرحم الله أباك لقد أحب ألا يترك لقائل مقالاً.
وعن عائشة قالت (مات) أبو بكر فما ترك ديناراً ولا درهماً وكان قد أخذ قبل ذلك ماله فألقاه في بيت المال.
عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن عمر ذكر أبا بكر رضي الله عنهما وهو على المنبر فقال أن أبا بكر كان سابقاً مبرزاً.
وعن أبي حازم قال جاء رجل إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال ما كان منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال كمنزلتهما منه الساعة.
حدثنا عبد الله حدثني أبو معمر حدثنا ابن أبي حازم عن يحيى بن سعيد عن القاسم قال من الناس ناس لا تذكر عيوبهم.
قال ابن عباس أول من صلى أبو بكر ثم تمقل بقول حسان :
إذا تذكرت شجواً من أخي ثقة
فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلهــا
إلا النبي وأوفاها بما حمـلا
الثاني التالي المحمود مشهده
وأول الناس حقاً صدق الرسلا
وعن عمر رأى أبا بكر وهو مدل لسانه آخذه بيده فقال ما تصنع يا خليفة رسول الله فقال وهل أوردني الموارد إلا هذا.
وعن هشام عن الحسن قال قال أبوبكر والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.
وعن قتادة قال بلغني أن أبا بكر قال وددت أني خضرة يأكلني الدواب.
رضي الله عنه وأرضاه.

* إمام وخطيب