الفرق بين العاقل الرشيد والجاهل أن الأول يتعلم من الأخطاء ويصححها، والثاني يبقى على حاله إلى أن يجيء من يوقظه علانية أو في همس: «صح النوم»! يقول كن بلانشرد صاحب كتاب «مدير الدقيقة الواحدة» الأكثر بيعاً ضمن كتب القيادة: «المحاولة هي مجرد طريقة مزعجة ناتجة عن عدم القيام بالفعل الحقيقي»، بمعنى أن الالتزام يحصد الأفعال على أرض الواقع لا المحاولات فقط. وفي منشآتنا كثيراً ما نسمع عن المحاولات عبر ترديد عبارات: «سنقوم»، «نراجع»، «سنفعل»، «ننوي»، «ندرس»، «نراجع»، وقد تشيب رؤوس أطفالنا الرضع و«ربعنا» مازالوا يكررون تلك العبارات المطاطة! ويقول في مواضع آخرى: «إذا كنت تريد أن يتحمل التابعون لك المسؤولية، فعليك توفير احتياجاتهم»، «أحياناً عندما تظهر الأرقام صحيحة يبقى القرار خاطئاً» و«عندما تتوقف عن التعلم فإنك تتوقف عن التوسع والنمو». هذه العبارات نوردها إيماناً منا بأن مؤلفي كتب الإدارة والقيادة توصلوا إليها بعد دراسات ميدانية امتدت لعقود عدة من الزمن، ومهمتنا هنا تكمن في توصيل رسالة للقراء العقلاء الأعزاء على قلوبنا ممن تواصلوا معنا عبر البريد الإلكتروني واتصالاتهم الهاتفية التي يبحث أصحابها عن الحلول اللازمة لانتشال البلد من الوضع التشغيلي المتدني على مركز قيادي نحلم به... أكرر نحلم به فقط!الشجاعة في اتخاذ القرار هي صفة القائد الناجح على أن يكون القرار مدروساً بعناية وحنكة متسماً بالعدالة عند التطبيق ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. لقد مرت على البلد عقود من زمننا المتغير، ونحن نشاهد أرقام الميزانية بين مصروفات وإيرادات، وهي مازالت معتمدة على النفط كمصدر رئيسي للدخل، مع العلم أن الأبواب مفتوحة لجلب إيرادات أخرى غير النفطية، ولكننا عندما فقدنا الرغبة في التعلم، فقدنا الحلول المؤدية إلى التطور والتوسع والتنوع في استثماراتنا على الصعيدين البشري والتنموي. ويتحدث النواب عن المشاكل وتبرز الأسئلة البرلمانية كمؤشر لوجود خلل يدفع إلى استجواب الوزراء، والملاحظ هنا أن المسببات في قطاعات الدولة تبقى على ما هي عليه، فالوكلاء ومن هم دون مستواهم في مراكزهم من دون تغيير، ويخرج الوزير أو يتم تدويره، وهلم جرا! إن الجهاز التنفيذي في الدولة بحاجة إلى تثقيف ومعالجة فورية للمشاكل المعلن عنها، وعلى النواب مراجعة توصياتهم للجهاز التنفيذي والبحث عن الأسباب التي أخرت البت فيها! والشاهد إننا فقدنا المراقبة الفعلية لعدم توافر استراتيجيات عمل لمنشآتنا وانعدام المعايير السليمة لقياس كفاءة عمل القادة لدينا. والصحيح أن النجاح لا يستمر إلى الأبد، والفشل ليس قاتلاً كما يقول كن بلانشرد، ولكن حينما يرتفع مؤشر الفساد حسب ما أظهرته «الشفافية» في نتائجها الأخيرة، فنحن نعاني من كارثة إدارية! هل يعني أن قومنا لا يجيدون القراءة؟! أم أن المعضلة في الكيمياء الشخصية لمن يقرأ المؤشرات السلبية في منشآتنا المعلن عنها وغير المعلن؟ الحل في خطوتين فقط:الأولى هي الاستعانة ببيوت استشارية لتقييم القادة من وكلاء وما دون، ومن هم على قدر من المسؤولية يبقون، والفاشلون المتسلقون يجب عزلهم فوراً. الثانية هي تلخيص المشاكل ووضع الحلول لها وفق استراتيجيات عمل توكل مهمة تنفيذها إلى الصالحين، وتجهيز فريق عمل للتنسيق مع نواب مجلس الأمة.... مما تقدم يبقى السؤال: هل نجيد القراءة؟ الله المستعان.
تركي العازميكاتب ومهندس كويتيterki_alazmi@hotmail.com