قرأت خبراً في إحدى الصحف مفادة إن مفهوم القيادة لدى «ربعنا» يركز على توجه جديد في طريقة اختيار القياديين وهو: سيكون اختيار قادة أعمارهم لا تتجاوز الأربعين عاما!
صعقت في الوهلة الأولى لقراءة الخبر... ورجعت للهدوء بعد أن أرسل لي العقل الباطن إشارة تذكرني بأننا في الكويت!
في الكويت جبلنا على قلب المعايير وأنا «والعياذ بالله من كلمة أنا» باحث في علوم الإدارة والقيادة وأعتقد أن القائمين على بحث موضوع اختيار القياديين يقصدون في خبرهم المدراء وليس القادة.
إن أهم شرط في تولي المنصب القيادي أن يكون رشيداً، وسن الرشد من المنظور الإسلامي يبدأ من سن الأربعين... وهنا نجدهم مخالفين لمبدأ شرعي رباني، وطبعاً هناك حكمة من وراء تنصيب قيادي في عمر يتجاوز الأربعين كون القيادي يجب أن يكون من أصحاب خبرة طويلة ولديه شخصية ناضجة رشيدة، والشباب دون الأربعين رغم أنهم شعلة من الحماس ألا أن الخبرة غير مكتملة بالنسبة لهم، وبالتالي فإن المؤثرات التي تحيط بالمنصب القيادي قد تفسد قراراتهم وبالتالي قد تتأثر المؤسسات التي يقودونها سلباً!
ولنقل جدلاً إن إخواننا لا يعيروا اهتماماً لعامل سن الرشد من الجانب الشرعي، لذلك سنطرح عليهم بحكم استمرار عملنا البحثي الذي استمر لقرابة ستة أعوام خلال مرحلتي الماجستير والدكتوراة معلومات موثقة من باحثين غربيين لعلهم يقتنعون ويتراجعون عن توجههم «الأعرج»!
إن نتيجة دراسة طبقت على أفضل 500 شركة غربية حددت أربع خصال ميزت القادة الناجحين في تلك الشركات كان من بينها الرشد والنضج الذي ميز شخصية القائد الناجح من سواه.
يقول دل جونز في مقال له بعنوان: هل السن مهم عندما تكون رئيساً تنفيذياً؟ نشر في «جريدة يو أس توداي» عدد 12 أغسطس 2008 «إن القادة الجيدين من رؤساء تنفيذيين تقع أعمارهم بين الخمسين وبداية الستين عاما» وإن معدل العمر 55 عاما حسب دراسة S & P 500 CEO وأثبتت أن السن عامل مهم عند اختيار القيادي!
الغريب ان الخبر المحلي الذي نشرته إحدى الصحف ركز على وجوب إلمام القيادي بالحاسوب وغيره من الأمور التي أعتقد انها لا تخص صفة القيادي وهي أقرب للإداري وشتان ما بينهما!
القيادي هو صاحب الرؤية وهو من يضع الخطوط العريضة لخطة العمل، وهو من يحدد الوجهة التي يريد من المؤسسة بلوغها، والمدير هو من يترجم الرؤية ويضعها في أهداف توصل إلى رؤية القيادي من خلال النتائج والرؤية لا تأتي من الصغار لأنها خلاصة تجربة طويلة أثمرت في توافر خصال لا تتوافر في أي مدير مرشح لمنصب قيادي، وخبرتي التي امتدت إلى قرابة 17 عاما فقط في القطاع الخاص أثبتت صحة ما ذكر في كتب وأبحاث القيادة، وكنت شاهداً على قرارات لقادة صغار غير ناضجين، وكانت سببا في فشل مؤسساتهم مع التنبيه إلى ان السن في مجتمعنا أحياناً يأتي بنتائج مغايرة لسبب واحد فقط هو «المصالح، وإذنك خشمك» وكثير منهم غير مقتنعين ببعض قراراتهم لكن التوجهات أجبرتهم على المصادقة على تلك القرارات ولو أنهم في مستوى اخلاقي لتركوا مناصبهم أفضل لهم ولكن هذا يعتبراً استثناءً... والحديث في هذا الجانب يطول ولكن ما نود أن نبينه هنا ان القيادي يجب عند الاختيار الأخذ في عامل سن الرشد فالحيوية المطلوبة في المدير تختلف عن الرؤية التي يتصف بها القيادي... والله المستعان!


تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki.alazmi@gmail.com