التناسب الطردي بين عنصرين يعني أن هناك علاقة ما بين هذين العنصرين، بحيث ان زيادة أحدهما تؤدي إلى زيادة الآخر، والعكس صحيح، أما التناسب العكسي بين عنصرين فهو يعني أن هناك علاقة بين عنصرين، تؤدي زيادة أحدهما إلى نقصان الآخر، والعكس صحيح أيضاً، وهو ما يحدث تماماً بين القانون والواسطة.
تطبيق القانون على الجميع، وانتشار، بل، وتأصل ثقافة البحث عن الواسطة لغصب حقوق الآخرين، بينهما تناسب عكسي، ولن أصدق أحدهم بأي حال عندما يدعي أننا في بلد قانون، بينما أرى أن الواسطة هي أساس التعيين في المناصب سواء القيادية منها أو الإشرافية (واللي ما عندوش ما يلزموش)!
أحدهم كان مناطا به تطبيق القانون، وبين ليلة وضحاها، وبسبب الواسطة التي هي فوق القانون، عُدِّلت جنسيته الكويتية إلى الأولى، وأصبح يملك حق الترشِّح لعضوية البرلمان، وإذا به ينقلب من موظف يطبق القانون، إلى موظف يبحث عن الصوت في الانتخابات، والصوت كما تعلمون يبحث عن الواسطة، والواسطة عند هذا الموظف، ولا مانع وقتها من (الدوس) في بطن القانون اللعين، إن كان يقف في وجه صوت عزيز.
لا أعلم كيف يفكر هؤلاء، ومن أي منطلق ينطلقون، هل فعلاً يريدون تدمير أوطانهم، وهم يكرسون مبدأ الواسطة، بل ويجعلونها أساسا يبنون عليها قراراتهم، أم يبحثون عن المجد والشهرة والأضواء، من خلال بحث الناس عنهم، وسؤالهم عن أقرب الطرق للوصول إليهم، وفزعة بعض المتسلقين هنا وهناك للقيام بالواجب.
الدنيا لا تدوم يا هذا، والمناصب كذلك لا تدوم لأحد، فهي كما قيل (كرسي حلاق) وما يقوم به بعضهم من تكريس لمبدأ الواسطة في عمله قد يؤذيه يوماً من الأيام، عندما يفقد ذلك المنصب، بينما سيجني هو وأبناؤه وأحفاده ومن بعدهم ثمرة غرسه الطيب إن هو زرع بذرة تطبيق القانون، والذي بتطبيقه قد يفقد بعض المزايا والمكاسب في المنظور القريب، بينما سيجني الكثير في المنظور البعيد، وعلى مستوى الأمة.
لقد فقدنا كثيراً من الكفاءات الوطنية التي تستحق التقدير بسبب الواسطة وتخطي القانون، وكسرنا كثيرا من القوانين واللوائح والقرارات لأجل سواد عيون بعضهم، ممن يملك تلك العصا السحرية، التي تقلب الحق باطلاً والباطل حقاً، فمتى نستيقظ من غفوتنا، ونصحو من رقدتنا، ليكون القانون هو واسطتنا الوحيدة لأخذ حقوقنا.

د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
alsuraikh@yahoo.com