جميل جداً أن تكون متفائلاً متحمساً للخروج من مأزق تمر به، وجميل أن ترسم خططك، وغير هذا وذاك الكثير من الأمور التي تجعلك تشعر بالسعادة عندما تتوافر لك مقومات تدفعك لهذا الشعور.
هذا الجانب المضيء لا يوجد طبعاً في الكويت لأن المقومات مفقودة، فنحن مرتبط مصيرنا بجهاز تنفيذي يقطع أنبوب الأكسجين الذي يغذي حس التفائل القابع في فكر ظل في غيبوبة من عقود عدة... تمنينا له العيش الكريم في وطن مدينة الحرير والأحلام التنظيرية، في أمن وزير للداخلية غير الشيخ جابر الخالد، في مشاريع وزير غير الدكتور فاضل صفر، في تعليم تبعد عنه الوزيرة الحمود كبعد المجرات عن «جليب» في الوفرة، في وزير الأسعار المترنحة غير الهارون، في قطاع نفطي لا يقربه الوزير الشيخ أحمد العبدالله.
ليْتهم تركونا نحلم كما كنا في السبعينات من عمر وطن فقد حقه في منح مواطنيه من إقامة ندوة، وفقد ذلك النسيج الاجتماعي المترابط.
نحن نكتب ونعيد ما نكتبه كلما ظهر حدث مخالف للتوقعات التي نسجت خيوطها في ذلك الحلم الجميل الذي أصبح أشبه بسوالف ليل تغادر مخيلتنا مع شروق الشمس، و«تلحس» وعودها بالضبط كما صورالبعض وعود وزير المالية الشمالي.
تتكرر الحكاية وتتغير المؤثرات مع تغير التشكيلة الوزارية وأخبار التجديد لبعض القياديين غير المنسجمة مع ملامح ذلك الحلم الموعود: فلماذا يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي تتكرر القضايا الخلافية لأسباب ظاهرة، ولسنا بصدد سردها فهي منشورة بالصحف ولا تحتاج إعادة؟ ونحن في هذا المقال نخاطب من يستطيع أن يفهم ما بين السطور... بعيداً عن العاطفة!
في منتصف الثمانينات حل مجلس الأمة وظهر الرقيب الإعلامي بمقصه المشهور ومن كان في حقل الصحافة آنذاك يستطيع العودة بذاكرته إلى تلك الأحداث المؤسفة. ما أشبه اليوم بالبارحة فمنذ تلك الحقبة الزمنية نسير في تيه من أمرنا وكأننا نلعب الكرة بفريق أصيب لاعبوه في الشوط الثاني ولم يتوافر له البديل الناجح وبالتالي تكون الخسارة مصير اللعبة... إنها لعبة السياسة المؤلمة. لقد سيّسوا كل شيء، وتم تأويل الأقاويل وخرجت لنا الجعجعة التي لا يُرى لها طحين.
ما الحل؟ ليتني أملك القرار ويسمحون لي بالآتي:
أولاً: أشكل لجنة لاختيار القياديين مستعينا ببيوت استشارية عالمية.
ثانيا: أعمل على تشكيل دورات تدريبة لجميع أفراد المجتمع الكويتي تهدف إلى تغيير القاعدة الثقافية في اختيار النواب بعيداً عن مؤثرات السراديب والاسطبلات، والفرعي!
ثالثاً: أختار وزراء من غير محاصصة وفقاً لمعيار الكفاءة.
رابعاً: أجمع الطرفين: مجلس الأمة والوزراء وتحدد الأولويات.
خامساً: أوجد مكاتب استراتيجية في كل وزارة، ومكتباً استراتيجيا تابعاً لرئيس مجلس الوزراء مهمته متابعة تنفيذ خطة العمل المتفق عليها (وطبعاً في حال التزام الوزير فهو في بعيد عن مرمى سهام النواب).
سادساً: أوجد جهازاً للتظلمات والاقتراحات يشرف عليه محترفون.
ولكن من يستمع لنا؟
إنها سوالف ليل يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي. والله المستعان.

تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki.alazmi@gmail.com