شرحنا في المقال السابق التطورات التي مر بها المجتمع الكويتي والتيارات التي تأثر بها وكيف استطاع المجتمع أن يحافظ على هويته الكويتية وتراثه الإسلامي ويتفادى المنعطفات الخطيرة التي حاولت الهيمنة عليه وتمزيق وحدته، فبالرغم من صغر المجتمع الكويتي واختلاف مشاربه لكنه اكتسب خبرة كبيرة في مقاومة تيارات العنف والتطرف والتكفير والتيارات الطائفية والفكرية والقبلية التي عصفت بمجتمعات كثيرة أكبر منه.
لكن ذلك لا يعني أن نهمل التصدي للمستحدثات أو نتساهل في الاختراقات بحجة عدم تأثيرها، بل لا بد من المحافظة على:
أولاً: الوحدة الوطنية، فهي الجدار الصلب الذي يحفظ المجتمعات فمهما كان لدى الأفراد من توجهات واعتقادات فيجب أن تكون محاطة بجدار الوحدة الوطنية خاضعة لها، بل لا يوجد اعتقاد ومذهب صحيح يقوم على هدم الوحدة الوطنية وتجاوزها.
للناس أن يمارسوا معتقداتهم وتوجهاتهم ولكن تبقى الوحدة الوطنية جدارا صلبا وخطا أحمر و«حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين».
ثانياً: لا بد من سيادة القانون على الجميع حتى لا يتذرع أحد بأنه حر في ما يفعل مادام غيره كذلك، ولا بد من تشديد العقوبة على متجاوزي القوانين مهما كانت منزلتهم، فبذلك يأمن الناس على أرواحهم وأعراضهم.
ثالثاً: ثوابت المجتمع خط أحمر يجب الأخذ على يد من يتعرض لها بالتسفيه والتحقير، فإما أن يسمح للبعض بشتم وتحقير ثوابت الآخرين بحجة حرية الرأي، فهذا مبدأ باطل حاربه الإسلام عندما نهانا عن سب آلهة المشركين حتى لا يسبوا آلهتنا، وذلك لا يمنع من الحوار والنقاش للوصول إلى الحق.
رابعاً: لا بد من حماية المجتمع من الأفكار الدخيلة التي يعج بها العالم من حولنا ومحاربتها، ولا بد من صيانة النشىء من تغلغل الأفكار والمعتقدات الدخيلة والشاذة لأنهم الأشد عرضة للتأثر.
خامساً: لا بد من البحث عن السبل الكفيلة بصهر أفراد المجتمع في بوتقة واحدة وإزالة الحواجز بينهم، ولننظر إلى الولايات المتحدة على سبيل المثال التي تتألف من عشرات الأجناس والأعراق والديانات، كيف استطاعت صهرهم تحت نظام واحد لا يتجرأ أحد على مخالفته، بل انظر إلى الهند التي تعتبر عالما قائما بذاته من حيث تعدد الأجناس والأديان كيف استطاعت توحيد البلاد تحت مظلة الحكم الديموقراطي بل وانطلقت نحو التنمية والتصنيع بالرغم من الفقر المدقع بين سكانها.
نحن في الكويت أكثر انسجاما وارتباطا بين شعبنا من الهند وغيرها، ولكن لضعف سلطة الحكومة وعدم الأخذ على يد المتجاوزين، فإننا سنشهد في كل يوم قضية تسعى لشرخ الوحدة الوطنية وتبادل الاتهامات والتجاوز على القوانين من أجل الاستئثار بالقوة والسلطة من البعض، وغالبا ما تكون مستوردة من الخارج أو ينفخ فيها حاقدون لتدمير وحدتنا.


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com