أدْرَكَتْ من نَظراتِهم التي تَزرِدُ صمتَها، من الهميسِ حَوْلها، أنّهم يعلمونَ، وسرّها الصّغير لم يعد مكتوما بين جنباتها ولا مدفونا بين أضلِعها.لم تبح لأحدٍ، لم تتباه به أمامهم.كان ملاذَها، تغْترف منه الحنان، وتجد في رفقته الأنس والطمأنينة متى ما شعرت بالغربة والوحدة.كيف علموا؟هي لم تلجأ اليه الا في غياهب الحزن، لم تحتضنه الا في لحظات البكاء.كيف علموا؟!كلٌ منهم له سرٌ تعرفه...هذا الذي لا يفتح فاه الا ليشهق من سيجارته أنفاسه الرتيبةوتلك التي تتأمل أظافرها الطويلة ثم تجتثها بين شفتيهاوالآخر، يشد شعيرات بيضاء للتو تنبت في لحيتهوذاك... دائما ينكش بقايا اللحم عن أسنانه الصفراءكلٌّ منهمله سرٌّتعرفهُهم الآن أمامها كالأصنام، يحدقون بسرها الصغير.عيونهم بلا بريق، لا يُخيفها تجهّم وجوههم، لا ترتعد من اقتراب خطواتهم.أدنَت كفّها من وجهها...احتضنت ابهامها الصغير بين شفتيهاوأخذت ترتشف منه الحنان والأمن... ولم تعد تبالي.
محليات - ثقافة
قصة قصيرة / لم تعد تبالي
04:52 م
| ياسمين عبد الله |