بين الحين والآخر تطفو على السطح في مصر أحداث وإشكاليات بين المسلمين والأقباط، بعضها عادي يقع بسبب الجيرة أو المشاكل اليومية بين الناس، وبعضها يتم نفخه فيصعَّد إلى مشكلة يطلق عليها طائفية، وفي الأيام الأخيرة ظهرت مشكلة ليست من أولئك ولا أولئك، إنها مشكلة كاميليا شحاتة.
فما مشكلة كاميليا؟ الوقائع تقول انها زوجة كاهن بمحافظة المنيا في صعيد مصر، مثقفة، متعلمة، تركت منزل الزوجية واختفت فترة، ثم ظهرت أخبارها بعودتها ولكن ليس إلى بيتها إنما إلى أحد الأديرة. ثم تتابعت الأخبار لتخرج علينا رواية الشهود الذين صاحبوا كاميليا في فترة اختفائها ليشهدوا ويقروا أنها أسلمت وتحفظ أربعة أجزاء من القرآن الكريم، وأنه تم إكراهها بالقوة للعودة إلى الكنيسة واحتجازها هناك. وظهر من الكنيسة من يقول انه جرى لها غسيل مخ... وبدأت الأحداث تتسارع، وتبلور الموقف إلى مشكلة معقدة، فحدثت للمرة الاولى في مصر مظاهرة من المسلمين أمام مسجد النور، أحد أكبر مساجد القاهرة وأهمها، تطالب بعودة كاميليا وظهورها وتحريرها.
البعض قال انها مشكلة طائفية، ولكن عندما نقف مع كل دعاوى الدولة المدنية، وسيادة القانون والدستور، ومواثيق حقوق الإنسان الإقليمية والعالمية، نجد أننا أمام مشكلة قانونية تعرض لها الدستور... فقد كفل حرية الفكر والعقيدة لكل مواطن، كما نص على ذلك الميثاق الدولي لحقوق الإنسان في المادة 18 «لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته». وقد خرجت آلاف القرارات والتقارير والقوانين من المنظمات الدولية والعربية والإقليمية، تدعم حقوق الإنسان في الفكر والرأي والعقيدة، وتدعم حق المرأة كذلك، وتندد باضطهاد الإنسان والمرأة خاصة.
لذلك فإن الحقيقة التي يحاول البعض أن يخفيها، وهي ساطعة كالشمس في منتصف النهار، أننا أمام حالة إهدار تام لحقوق الإنسان وحقه القانوني في الحرية والاختيار، بل وحبسه واضطهاده من دون ارتكاب جريمة، خصوصاً أننا أمام حالة بطلتها امرأة متعلمة مثقفة لها إرادة حرة بالغة وعاقلة، وليست جاهلة أو قاصرة، وبالتالي توجه عدد كبير من المحامين إلى باب النائب العام، ممثل المجتمع المصري، يستغيثون به للتدخل في تلك الحالة الصارخة في إهدار حقوق الإنسان. ولكن لأن البعض أرادها طائفية وليست قانونية أغلقت دكاكين حقوق الإنسان في مصر والوطن العربي ألسنتها ونوافذها الإعلامية عن النطق بأي كلمة خشية أن تتعرض لقطع مواردها، تلك الجهات التي تصرخ عند كل شاردة وواردة ولكنها عميت أن ترى خرقاً كالجبل لكل القوانين والمواثيق بسبب غل يدها بالتمويل الأجنبي الغربي، وسكتت وخرست المنظمات النسوية التي تصرخ بحقوق المرأة، ولا أعلم هل حقوق المرأة عند تلك المنظمات النسوية في التعري والخروج عن القيم الإسلامية فقط وليست لها حقوق في حرية الفكر والعقيدة إن كانت أسلمت لله. والمثير للتعجب هو أين لجنة الحريات الدينية في الكونغرس الأميركي التي تسارع مع كل صيحة محتال تصدر تقريراً عن الاضطهاد من دون تحقيق ولا روية؟، ونحن أمام حالة صارخة أمام العالم كله وهي حالة المواطنة المصرية كاميليا شحاتة ومع ذلك لجنة الحريات لم تتكلم بكلمة وهي التي مخابراتها تنقل لها تحرك الأفاعي في أحراش أفريقيا.
ووقف القانون عاجزاً بسبب شبح التخويف وفزاعة الطائفية مع أن الكل يصرخ ويقول مواطنة وسيادة قانون، ولما جاءت الساعة لينطق القانون أصابه الخرس خوفاً من شبح الطائفية. ومع حتمية الحرص على السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية اعتقد أن الأمر حله سهل جداً لو أخذ القانون مجراه ومثلت كاميليا أمام النيابة العامة وقالت بكل إرادة حرة ما تعتقده وتؤمن به، أليس هذا حقها كإنسانة بالغة عاقلة متعلمة، أم عندما يستدعي البعض عمداً شبح الطائفية ويستدعي عفريته يطفو الهوس المفتعل لتضييع الحقيقة ومن ثم يغيب العدل والقانون وتنقهر إرادة الإنسان في حريته، خصوصاً عندما يعلن الإسلام؟
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب
Elsharia5@hotmail.com
فما مشكلة كاميليا؟ الوقائع تقول انها زوجة كاهن بمحافظة المنيا في صعيد مصر، مثقفة، متعلمة، تركت منزل الزوجية واختفت فترة، ثم ظهرت أخبارها بعودتها ولكن ليس إلى بيتها إنما إلى أحد الأديرة. ثم تتابعت الأخبار لتخرج علينا رواية الشهود الذين صاحبوا كاميليا في فترة اختفائها ليشهدوا ويقروا أنها أسلمت وتحفظ أربعة أجزاء من القرآن الكريم، وأنه تم إكراهها بالقوة للعودة إلى الكنيسة واحتجازها هناك. وظهر من الكنيسة من يقول انه جرى لها غسيل مخ... وبدأت الأحداث تتسارع، وتبلور الموقف إلى مشكلة معقدة، فحدثت للمرة الاولى في مصر مظاهرة من المسلمين أمام مسجد النور، أحد أكبر مساجد القاهرة وأهمها، تطالب بعودة كاميليا وظهورها وتحريرها.
البعض قال انها مشكلة طائفية، ولكن عندما نقف مع كل دعاوى الدولة المدنية، وسيادة القانون والدستور، ومواثيق حقوق الإنسان الإقليمية والعالمية، نجد أننا أمام مشكلة قانونية تعرض لها الدستور... فقد كفل حرية الفكر والعقيدة لكل مواطن، كما نص على ذلك الميثاق الدولي لحقوق الإنسان في المادة 18 «لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته». وقد خرجت آلاف القرارات والتقارير والقوانين من المنظمات الدولية والعربية والإقليمية، تدعم حقوق الإنسان في الفكر والرأي والعقيدة، وتدعم حق المرأة كذلك، وتندد باضطهاد الإنسان والمرأة خاصة.
لذلك فإن الحقيقة التي يحاول البعض أن يخفيها، وهي ساطعة كالشمس في منتصف النهار، أننا أمام حالة إهدار تام لحقوق الإنسان وحقه القانوني في الحرية والاختيار، بل وحبسه واضطهاده من دون ارتكاب جريمة، خصوصاً أننا أمام حالة بطلتها امرأة متعلمة مثقفة لها إرادة حرة بالغة وعاقلة، وليست جاهلة أو قاصرة، وبالتالي توجه عدد كبير من المحامين إلى باب النائب العام، ممثل المجتمع المصري، يستغيثون به للتدخل في تلك الحالة الصارخة في إهدار حقوق الإنسان. ولكن لأن البعض أرادها طائفية وليست قانونية أغلقت دكاكين حقوق الإنسان في مصر والوطن العربي ألسنتها ونوافذها الإعلامية عن النطق بأي كلمة خشية أن تتعرض لقطع مواردها، تلك الجهات التي تصرخ عند كل شاردة وواردة ولكنها عميت أن ترى خرقاً كالجبل لكل القوانين والمواثيق بسبب غل يدها بالتمويل الأجنبي الغربي، وسكتت وخرست المنظمات النسوية التي تصرخ بحقوق المرأة، ولا أعلم هل حقوق المرأة عند تلك المنظمات النسوية في التعري والخروج عن القيم الإسلامية فقط وليست لها حقوق في حرية الفكر والعقيدة إن كانت أسلمت لله. والمثير للتعجب هو أين لجنة الحريات الدينية في الكونغرس الأميركي التي تسارع مع كل صيحة محتال تصدر تقريراً عن الاضطهاد من دون تحقيق ولا روية؟، ونحن أمام حالة صارخة أمام العالم كله وهي حالة المواطنة المصرية كاميليا شحاتة ومع ذلك لجنة الحريات لم تتكلم بكلمة وهي التي مخابراتها تنقل لها تحرك الأفاعي في أحراش أفريقيا.
ووقف القانون عاجزاً بسبب شبح التخويف وفزاعة الطائفية مع أن الكل يصرخ ويقول مواطنة وسيادة قانون، ولما جاءت الساعة لينطق القانون أصابه الخرس خوفاً من شبح الطائفية. ومع حتمية الحرص على السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية اعتقد أن الأمر حله سهل جداً لو أخذ القانون مجراه ومثلت كاميليا أمام النيابة العامة وقالت بكل إرادة حرة ما تعتقده وتؤمن به، أليس هذا حقها كإنسانة بالغة عاقلة متعلمة، أم عندما يستدعي البعض عمداً شبح الطائفية ويستدعي عفريته يطفو الهوس المفتعل لتضييع الحقيقة ومن ثم يغيب العدل والقانون وتنقهر إرادة الإنسان في حريته، خصوصاً عندما يعلن الإسلام؟
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب
Elsharia5@hotmail.com