العنوان أعلاه مقتبس من قصيدة للشاعر الكبير وليد الأعظمي، يكرره بعضهم بسذاجة ونظرة تشاؤمية للأحداث والحياة في كل مناسبة وعيد، وبتغليب لنظرة الإحباط التي تفشت في الأمة، حتى أنهم لا يريدوننا أن نفرح في مناسبة دينية، حرم الله فيها عبادة الصيام، وأمرنا فيها بالفرح وصلة الأرحام، وكم كنت ساذجاً عندما كنت أردده مثلهم أيام الصبا حيث يقول الشاعر:
العيد أقبل يا وليد فلا تكن
فرحاً به أبدا فما هو عيد
ما العيد إلا أن نعود لديننا
حتى يعود نعيمنا المفقود
وكنا بذلك نردد فكرة لا أظن أن الشاعر الأعظمي كان يقصدها أبداً، وأحسبه أراد لفت الأنظار إلى معنى مهم، وهو استنهاض الهمم، وكعادة الشعراء والأدباء فإنهم ينزعون إلى المبالغة أحياناً في وصف المشاعر والأحاسيس والمعاني، ولكنها العقليات التي تردد ما تسمع من الآخرين دون تقليب الفكر، وتمحيص الدعاوى.
العيد فرصة نغسل فيها قلوبنا من آفات الحزن إن وجدت، ونقلب تربة الروح من حشائش الأسى والقلق، كي نهيئها لاستقبال بذور التفاؤل والأمل، فما معنى الحياة دون أمل نحياه، وما قيمة العمر دون الاستفادة من كل لحظة في ما ينفعنا في الدنيا والآخرة، بعيداً عن عادة التذمر، وجلد الذات بسياط الضمير تارة، والنقد والتقييم تارة أخرى.
العيد تجربة منحنا الله إياها لترويح النفس، والإقبال على الحياة بنية البناء لا الهدم، هي تجربة إجبارية، بل هو من شعائر الإسلام العظمى، أمرنا فيه بالفرح، وبث الفرح، ونشر الفرح، وغرس الفرح، والبحث فيه عن الفرح، لا أن نردد تلك الأبيات بنظرة سوداوية للواقع الذي نعلم أنه مر المذاق في بعض جوانبه.
لو أخذنا كلام الأعظمي على ظاهره، فلا يحق لنا كمواطنين ومقيمين في الكويت أن نفرح في العيد، لأن فساد البلدية فقط دون سواها من مؤسسات الدولة تنوء بحمله (البعارين)، ناهيك عن بقية مؤسسات الدولة التي اسشترى فيها الفساد وانتشر، حتى ضرب أطنابه، وتجذرت بذوره في أعماق الدوائر الحكومية وشبه الحكومية، بل وحتى جمعيات النفع العام، واستوى على سوقه، وأعجب زارعيه، حتى أغاظ أهل الغيرة والوطنية، وأقض مضاجعهم، وأخذوا يستنفرون كامل جهدهم للدفاع عن أبسط حقوقهم.
العيد كسر لروتين الحياة، وعودة لذات الطفولة في داخلنا... فلنفرح بالعيد.


د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
alsuraikh@yahoo.com