يقول النائب أحمد باقر، رئيس لجنة الشؤون المالية البرلمانية، إن هناك قصوراً حكومياً في مراقبة الأسعار، ولم يأت هذا التصريح من فراغ. فالقصور طال معظم القطاعات، ومستواه كان ظاهراً في قضية ارتفاع الأسعار، كما في فضيحة البيض، إذ لم يتم ضبطها من قبل وزارتي التجارة والشؤون بالنسبة إلى السلع الاستهلاكية التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار من دون تدخل ملموس من قبل المعنيين، وإلغاء لجنة الأسعار طامة كبرى!القصور فينا نحن لأننا نشاهد التجاوزات في كل ركن من قطاعات الدولة وحرمنا من الشعور بالأمان أثناء التسوق وتخليص معاملاتنا في أجهزة الدولة.يعتقد البعض أنه خارج نطاق المسؤولية، وهذا الشعور عززته واسطة البعض ونفوذهم الذي حجب عنهم قوة المساءلة القانونية، وكم كنا نتمنى من الحكومة فتح قناة اتصال مع عامة الشعب تتلقى من خلالها شكاوى أي كان نوعها سواء كان على مستوى السلوك أو الأداء الإداري، ويتم التعامل معها بفاعلية تأخذ من القانون سنداً يدعمها.إنها أمنيات، والأماني تحتاج إلى رجال قانون من الطراز الأول لا يرضخون إلى الواسطة، المحسوبية، الفئوية أو النفوذ، فالدولة بحاجة إلى إصلاح إداري يبدأ من عزل «المخربين» أو «المفسدين» من مراكز عملهم وتنصيب أصحاب السمعة الإدارية والسلوك الشخصي الطيبين في مكانهم.هذا الإصلاح بحاجة إلى ميثاق شرف يتفق عليه الجميع من دون استثناء. فمن غير المعقول أن نستمع إلى أضرار تقع على المواطنين من مسؤولين معينين... وينتهي الأمر إلى تعزيز موقف المتسبب في الضرر، وربما ترقيته وكأن شيئاً لم يكن سواء عبر اتصال هاتفي أو شكوى يتم حفظها.لقد تساقطت الشكاوى على صدر صفحات الصحف... وسقوطها لم يحرك ساكناً... لم يحرك ساكناً لأن الخلل فينا نحن حكومة ومجلس أمة.ماذا بعد إعلان النائب أحمد باقر عن القصور الحكومي في مراقبة الأسعار؟ إن الحاجة أم الاختراع... والحاجة هنا تكمن في ضياع حقوق الوطن والمواطنين والاختراع ينتظر المبادرة من المعنيين بالأمر بحيث ترفع الأيادي عن المفسدين والمتسببين في إيقاع الضرر على المواطنين والمقيمين، ما أبعد عنا الشعور بالأمان وأصبحت الأحوال متقلبة أشبه بتغير الطقس لدينا.لا بيت حكومي... لا قسيمة... لا خدمات صحية، تعليم، وبنية تحتية يلامس حد الطموح الذي يتطلع له أبناء الوطن، وهذا تسبب في تدني مستوى الرضا لدى الجميع إزاء أحلامهم في توفير حياة رخاء واحتياجات مذكورة في الدستور الكويتي.إن الخلل كبير وبحاجة إلى ثورة اجتماعية، سياسية، فكرية، إدارية، ونفسية تغير من نمط تفكيرنا من المستوى الفردي إلى التفكير الجماعي الذي يضع نصب عينيه حاجة المواطنين وازدهار المجتمع.إننا رسخنا مفاهيم خاطئة عند تعاطينا مع القضايا العالقة وأصبحنا نسيس الأمور، وندفع بالحسابات والحلول وفق منهجية غريبة تغض النظر عن أصحاب النفوذ وتوقع العقوبة على الضعفاء من البسطاء.هذه الازدواجية في التعامل، وعدم احتكامنا للقانون في ظل غياب الرقابة الفعالة، أوصلانا إلى هذا المستوى الذي لم يعد سراً، فتقارير الشفافية العالمية كشفت المستور، وسنبقى نسمع عن جعجعة التصريحات الجميلة، ولا نرى طحيناً على أرض الواقع.إنه الفساد الإداري بعينه... والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتيterki_alazmi@hotmail.com