|نادين البدير|
بطاقة رمضانية لأول امرأة مصرية في مجالها. كانت من أجمل ساعات البث تلك التي أدرت بها حلقة (أول مرة في مصر) مع أول شيخة بلد سهير عطا، وايفا كيرلس أول عمدة وأمل عفيفي أول مأذونة أنكحة وأول نائبة حزب وهبة نصار أول نائبة رئيس لجامعة القاهرة. كلهن أجمعن على أن الدعم أحاطهن، شبان قرية ايفا القبطية دفعوها للترشح رغم أنها واحدة من قرى الصعيد المعروف بتشدده حيال المرأة وبحوادثه الطائفية.. رمضان كريم لتلك القرية في مركز ديروط التي تجاوزت مسائل الفروقات الجنسية والدينية، ورمضان كريم لروح الأميرة فاطمة ابنة الخديوي اسماعيل. بنيت جامعة القاهرة على أرضها وبثمن مجوهراتها التي تبرعت بها قبل أكثر من مئة عام، فيما لم تصل المرأة لمنصب رئيسة الجامعة سوى في السنوات الأخيرة.
بطاقة تهنئة لرجل يغلبه الحب والعقل على التفكير بالذكورة والفحولة. تهنئة لرجل بلغ مبلغا من الثقة العالية فلم تعد تساوره الشكوك حول من الأكثر نجاحاً هو أم امرأته؟ ملايين من الشرقيين مازالوا يعتقدوا أن طرفاً واحدا فقط من حدي العلاقة يجب أن يكون منجزاً وهذا الطرف هو الرجل. قال لي ذات مرة: اذا تزوجنا فواحد منا سيحقق ذاته في المجتمع. أجبت: اذاً سأكون أنا. ما نوع هذه التضحيات؟ علق بالقول: اجابة موفقة. ثم افترقنا.
رمضان كريم للأم عائشة الشنا من المغرب. دخلت المناطق المحرمة فأسست داراً لايواء الأمهات العازبات المغربيات والعربيات. المشروع منبوذ مجتمعياً لكنه رفيع انسانياً. وعود زواج كاذبة، اغتصاب، سفاح قربى... أصل المشكلة لا يهم فعائشة لا ترجم أحدا ولا توزع أحكام الخطايا بل تعالج المشاكل، تبحث عن آباء الأطفال وتقف أمامهم في المحاكم لاثبات النسب والاعتراف بالأبوة. حين قابلتها كانت سعيدة لأنها ستحتفل اليوم التالي بزواج احدى العازبات بوالد طفلها الحقيقي. الأم هي أول امرأة عربية ومسلمة تحصل على جائزة أوباس الأميركية وقدرها مليون دولار أنفقتها كلها من أجل جمعية ايواء الأمهات العازبات.
رمضان كريم لأطفال الجوع والتشرد في حياة تنكمش بها البشرية وتبتعد عن مضمار الحنان لأقصى الحدود. أعداد أطفال الشوارع يفوق الوصف. يوقفني بائع ورد عمره سبع سنوات عند باب مطعم كنت أتعشى به برفقة أصدقاء باحدى المدن العربية، كان الوقت منتصف الليل. حكيت مع الطفل وقمت أسأله عن المدرسة وعن أهله وأخذ يرد بلغته الشوارعية وكأنه ابن ثلاثين. يخبرني أصدقائي أن أتركه وشأنه لنمضي بطريقنا. كيف نتركه وشأنه؟
بطاقة رمضانية لأمير قطر حيث اتجه أثناء زيارته الأخيرة للبنان الى دير ميماس وقام بتدشين كنيسة مار ماما، وكانت أول كنيسة تقرر انشاؤها بقطر بتبرع شخصي من الأمير. يمكن للحكومات أن تبني صرحا من التسامح بين العبادات والديانات ويمكنها أن تشعل النيران وتقيم المجازر بين الطوائف والمذاهب. الأمر كله منوط بالسياسة ومصالحها.
بطاقة رمضانية للتعليم العربي. كان يمر بمرحلة الاحتضار واليوم يعلن خبر الموت. رغم أخبار الاصلاح المنتشرة بكل مكان لكننا لم نشهد شيئا بعد. مازال التعليم قائماً على تهميش الفكر وغياب البحث والعقلية الرجعية لكتبة المناهج التي اشتهرت بتفريخ البطالة والارهاب، في دور دراسية لم تعلمنا سوى الخوف وثقافة تخفيض الصوت وكلمة نعم وحاضر.
بطاقة رمضانية لحكيم لقنني درسا زمان. عليك أن تسارع في النضج لتقلل من غضبك وتمحو حقدك. اشفق حتى على الذين آذوك، وكن كبيرا. كبيرا على التفكير بالتنافس والتسابق تعش ناجحاً مطمئنا أبداً. رمضان فرصة لنتسامح ونستسلم لدواخلنا البريئة الميالة للخير.


كاتبة وإعلامية سعودية
Albdairnadine@hotmail.com