| القاهرة - «الراي» |
النبوغ... والتميز... والعبقرية... ثلاثة أشياء لا علاقة لها بالسن، فهناك أطفال كثيرون في العالم استطاعوا أن يكونوا عباقرة في سن صغيرة جدا. وتشير الدراسات إلى أن بين كل 25 طفلا يوجد واحد متميز، متفوق، ليس بالضروة أن يكون عبقريا أو «سوبر مان»، لكنه متقدم على أقرانه، سابق لهم، وتوضح أنه بين كل عدة ملايين من الأطفال يوجد واحد موهوب حقا، عبقري فذ، يتميز ليس فقط على زملائه، بل أيضا على الرجال والنساء كاملي النمو والنضج.
هؤلاء الأطفال أبدوا ذكاء خارقا في سن مبكرة، والعديد منهم نجح في تحطيم أرقام قياسية في شتى المجالات والفعاليات الفردية والجماعية... ليدخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية .
وعبر «الراي»... نرصد قصص نبوغ ونجاحات عدد من الأطفال الذين حطموا الأرقام القياسية... بعضهم رغم وصوله إلى سن الشباب يواصل إنجازاته... ومن أبرزهم «أسطورة السباحة الأميركية»... وقد بدأ إنجازاته في سن صغيرة، والطفل المصري محمود وائل، أذكى طفل في العالم، والسوري علي فارس الذي حطم الرقم الأميركي باختراعه أصغر قمر صناعي، والتونسية سمر المزغني، أصغر قاصة في العالم، والمغربية نوال المتوكل، أول عداءة عربية، والسعودية روان الجهني، أصغر مدربة تنمية بشرية، والمصريان يوسف شريف، أصغر لاعب كرة قدم، وأحمد عدلي الحائز على بطولة العالم في لعبة الشطرنج، إضافة إلى عدد من الأطفال الذين حققوا أرقاما قياسية جماعية، وأبرزهم 300 طفل كويتي رسموا جدارية يعبرون فيها عن حبهم لـ «الديرة» وغيرهم... وفي الحكايات تفاصيل كثيرة.

دخلت التونسية سمر المزغني موسوعة غينيس للأرقام القياسية مرتين، باعتبارها أصغر قاصة في العالم، والأكثر غزارة في الإنتاج، لكن مشوارها نحو الإبداع والتفوق لم يكن سهلا، فقد اتهم البعض والدها بكتابة قصصها وتعرضت هي للتهكم والسخرية في بداية مشوارها الأدبي.
عندما رحل والدها وكتبت سمر لتُثبت أنها موهبة تستحق العناية والاهتمام، تقول في إحدى كتاباتها: «كثيرا ما يدور في ذهني سؤال عنه فأبحث في داخلي عما يجمعني وبقية العرب، أهي لغتنا العربية التي لا يتكلمها سوى الأئمة في المساجد، أهو تاريخنا العربي المشترك، الذي لا نحفظ منه سوى أسماء مبهمة، أهي تقاليدنا وعاداتنا التي لا تشبه بعضها في شيء، أم لعلها تلك القطعة الجغرافية الممزقة جعلوها في شكل هلال كي يُفهمونا أن الهلال لا يصير قمرا إلا إذا كان في السماء، في نهاية المطاف، فإننا سواء اليوم أو بعد 100 سنة أخرى من المهانة سنظل ولو لفترة وجيزة نُطل من نوافذنا كما ببغاوات تتباهى بريشها الملون، ولعل أحدنا سيردد كلاما لا يدري من لقنه إياه من دون علم صاحبه الغائب، يقول متأملا بقية الأميركان في الساحة صارخا: يارعاة البقر دعوا البقر يرعاكم».

أول قصة
ولدت سمر المزغني في 27 من أغسطس العام 1988 وبحسب موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية عضو شرفي في اتحاد الكتاب التونسيين، وقد منحها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي جائزة كتاب الطفل في يوم الثقافة في العام 2000 بقصر قرطاج، وتم إدراجها في موسوعة «غينيس» باعتبارها «أصغر قاصة في العالم» وفي العام ذاته راسلها الرؤساء: الفلسطيني الراحل ياسر عرفات واليمني علي عبدالله صالح والفرنسي جاك شيراك وملك بلجيكا ورئيس سويسرا والملكة رانيا عبدالله والأمير طلال بن عبدالعزيز والأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز والأمين العام لمنظمة الألكسو المنجي بوسنينة والعديد من الوزراء والولاة والسفراء والشخصيات الثقافية والأدبية.
«عرفان» كانت أول قصة أصدرتها في سبتمبر 1997 ولها قصة منشورة في مئتي صحيفة ومجلة تونسية وعربية ولها قصائد باللغة الفرنسية. وكانت عضو لجنة التحكيم الدولية في مهرجان القاهرة الدولي الـ 11 للأفلام الموجهة للطفل. وعضو المؤتمر الـ 21 للأطفال العرب عمان الأردن «يوليو 2001».
وقد فازت بجوائز وشهادة تقدير في العديد من المهرجانات واللقاءات وأقامت أمسيات أدبية مع الأطفال، ومنحتها دار القصة العراقية «قلادة الإبداع» في مايو 2002 وهو أرفع وسام تمنحه الدار وحصل عليه كبار الأدباء في العراق.
من أهم الكتب التي أصدرتها سمر بحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية: «حلم في حديقة الحيوانات» 1999، و«صديقة» في العام ذاته، «محاكمة ذئب» طبعة أولى وثانية2000، «وغدوت... نملة» 2000، «قصص من العالم الجميل» «مجموعة قصصية» العام 2000، «عندما تمطر السماء» 2001 الطبعة الثانية 2002، «حمدا على السلامة» 2002، «عصفور فلسطيني فقد أمه» «مجموعة قصصية» 2003، وقد تبرعت سمر بعائدات كتابها «عندما تمطر السماء» لأرامل وأيتام شهداء الانتفاضة الفلسطينية.
سمر قالت عن نفسها في تصريحات منشورة «أنا طفلة إلى أبعد الحدود، وأتعامل مع الأطفال بكل طفولة وهم يحسون بأني منهم. أنا طفلة أنام وأصحو على صوت قلبي وخيالي يسري بي إلى دنيا لا يعرفها الكبار، عالم كل ما فيه وردي، أخضر وجميل لا سلطان فيه ولا عبد، كل العصافير تطير بأجنحة من ضوء، والدنيا مشرقة. أنا أشجع كل طفل عربي على الكتابة وإذا كانت الموهبة تسكن في داخله حقا، فإن على المحيطين به تشجيعه... «هذا جزء من رسالتي موجهة إلى أطفال العراق» التي قلت فيها أيضا « إخوتي... هذه رسالتي الأولى إليكم ترقبوا رسائل أخرى وأقول لكم في الختام العبوا... العبوا بمرح ولا تبالوا بهذا الحصار لأن الطفولة مرحلة موقتة، وهي من أجمل المراحل لذا تمتعوا بها ولا تهدروا لحظاتها في التفكير بهذا الحصار الذي لن يستمر إن شاء الله».

تشجيع وتوجيه

وأضافت: « أبي ساعدني كثيرا، ولكنه لم يتدخل في كتاباتي... أنا أكتب وهو يروج... والنبتة لا تكبر إذا لم تتم رعايتها والعناية بها، مهمته كانت تشجيعي وتوجيهي والباقي عليَّ... هو لم يشتر لي موهبة من السوق، وعندما كانت سوار أختي الصغيرة في الخامسة من عمرها، تضايق الأسرة بشقاوتها، كنت أروي لها قصصا من خيالي حتى تنام، ومن الطرائف أن أسماءنا جميعا بابا وماما وإخوتي الثلاثة تبدأ بحرف السين، بابا «سمير» ماما «سحر»، أخواي «سامر» و«سرار» وأختي الصغيرة «سوار».
وعن قصتها الأولى قالت سمر: «قصتي الأولى، طبعت ووزعت بشكل جيد... بتشجيع من أبي وأمي وكذلك مدرستي وأصدقائي. هذه التجربة شجعتني على كتابة قصة جديدة بعنوان «صديقة» وهي تتحدث عن صداقة توطدت بين فتاتين، طبعتها أيضا». ولا تكتفي سمر بذلك، بل إن لها وجهة نظر خاصة بالكتابة، حيث قالت: «في حكايات نجيب محفوظ كلمات عامية مصرية، وذلك لا يروق لي، جمال الكتاب والأسلوب بالنسبة إليَّ لا يغطيان جمال الفكرة وعمق المعنى. غابريال غرسيا ماركيز أحببته وأحببت أفكاره وهو يحتل في قلبي ذات المرتبة مناصفة مع فيكتور هيغو.، وفيكتور هيغو كشف بشاعة الموت والإعدام بأحدب نوتردام فقرأت موته 7 مرات، مثلما قرأت «مئة عام من العزلة» لماركيز 9 مرات؛ وعلي الدوعاجي هو الأديب التونسي الوحيد الذي تأثرت به، وطه حسين أحب أن أقرأه وخصوصا كتابه «دعاء الكروان».