|كتب مدحت علام|
حينما نتحدث عن الشاعر الكبير أحمد السقاف رحمه الله سنجد اننا امام قامة شعرية وصلت إلى مستويات عربية متميزة، وان ريادته في التجديد اسهمت في نهوض القصيدة العربية إلى مستويات عالية بجانب رفقاء دربه من الشعراء.
وبالاضافة إلى شاعرية السقاف المتميزة فان اسهاماته في التنوير والمعرفة تعد من المجهودات التي تحسب لشاعرنا السقاف رحمه الله، تلك المجهودات التي دفعت بالحياة الثقافية في الكويت إلى الامام، ولعل من ابرز هذه المجهودات سعيه الناجح في اصدار مجلة «العربي».
وبداية يجب التنويه إلى ما كان يتميز به السقاف من روح إنسانية محبة للجميع، وقلب اتسع لحب الإنسانية بكل اطيافها، انه الشاعر الذي كان حضوره شفافا، تحس بطيبته وانت تلقاه في رابطة الادباء، ويسلم عليك سواء كان يعرفك أو لا يعرفك.
وان طيبته التي اكتسبها من حياته المزدحمة بالشعر قد جعلت له الكثير من المريدين الذين أطلوا على مزاجه الإنساني فوجدوه ناصع البياض يتسع لكل اشكال البشر.
و السقاف رائد في مجال العمل الثقافي منذ ان عمل مدرسا في المدرسة الشرقية عام 1944 حينما نظم ندوة ادبية في منزله، ونتيجة لنجاح هذه الندوة فقد تنقلت بين دواوين نبلاء وفضلاء الكويت كل يوم خميس، ولم يتوقف العطاء عند هذا الحد ولكنه اشترك مع عبدالحميد الصانع في اصدار أول مجلة ادبية ثقافية اسمها «كاظمة» في عام 1949 ولقد تميزت هذه المجلة بأن طباعتها كانت تتم في الكويت وبالتالي تنقل في وظائف عدة ليعمل في دائرة المطبوعات والنشر مشرفا على مطابع الحكومة وتخرج من تحت يديه الكثير من الشباب الكويتي.
ووقع اختيار صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد - وكان وقتها رئيسا لدائرة المطبوعات - على السقاف للسفر إلى بعض البلدان العربية من اجل التعاقد مع نخبة من المثقفين لاصدار مجلة عربية ضخمة، وبالتالي صدرت مجلة «العربي» التي لا تزال إلى الآن منارة مضيئة في جبين الكويت بفضل ما تمثله من قيمة ثقافية مهمة.
كما كان للسقاف إلى جانب ادواره الادبية والثقافية الرائدة ادوار سياسية أخرى فقد عيّن وكيلا لوزارة الارشاد والانباء - الإعلام حاليا - في عام 1965، ثم عيّن في الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي بدرجة سفير.
والسقاف من الاعضاء المؤسسين لرابطة الادباء، وشغل منصب امينها العام في فترة من فتراتها واسهم في تطوير العمل الثقافي والابداعي فيها جنبا إلى جنب مع ادباء الكويت الكبار.
ويتميز شعر السقاف بالقوة في المعنى والاصالة في الاسلوب والتمسك بالقصيدة العربية في شكلها ومضمونها وبالتالي فقد بدت الرؤية في مجملها متجهة إلى اغراض شعرية عدة لعل من ابرزها الاتجاه القومي، الذي توهج في معظم قصائده والرؤية الإنسانية التي تمسك بها في كل قصيدة انشدها، كما ان وطنه الكويت كان حاضرا في قصائده ليقول في قصيدة «شهداء الكويت»:
هي ثكلى والحزن حزن شديد
فاختر اللفظ يوم يُرثى الشهيد
هي ثكلى وفي حشاها جروح
حار فيها الدواء والتضميد
هي ثكلى فأقصري يا قوافي
فمواساة مثلها لا تفيد
ودعيها تنوح فالخطب مهما
قيل عنه فهو البلاء الأكيد
في حين تفاعل السقاف مع كل القضايا العربية التي عاصرها، خصوصا القضية العربية الازلية «فلسطين» وما يواجهها من عدوان صهيوني غاشم، ليقول في تفاعله مع شهداء مجزرة «قانا»:
ويا أهل لبنان اني حملت
فؤادا بحبكم مفعما
فوالله ما غاب عن خاطري
جمال توطن ذاك الحمى
ولم انس كوكبة مبدعين
عروبتهم فوق كل انتما
يذودون عنها بسن اليراع
فوارس حقا وليسوا دمى
واصدر مركز البحوث والدراسات الكويتية عام 2004 كتاب «احمد السقاف... نخبة من مقالاته ومقابلاته»، يعد من الكتب المهمة في المكتبة العربية، بفضل ما فيه من مواضيع كتبها السقاف بقلمه وتؤرخ لحقب مهمة في التاريخ العربي السياسي والادبي.
واعتبر مركز البحوث والدراسات الكويتية الشاعر أحمد السقاف ترجمان العروبة، بفضل دعوته واخلاصه للقومية العربية، وهو الذي كانت دراسته دينية وعربية، وحصل على كلية الحقوق، إلى جانب شغفه بالدراسات الادبية، إلى جانب نجاحه في اخراج مشروعه القومي الكبير إلى النور وهو الذي تمثله مجلة «العربي» كما صدر له 14 مؤلفا منها المقتضب في معرفة لغة العرب و«انا عائد من جنوب الجزيرة العربية» و«تطور الوعي القومي في الكويت»، و«أحاديث في العروبة والقومية» وغيرها، ورصد مركز البحوث والدراسات الكويتية بعضا من اقوال السقاف
مثل قوله: «العربي هو من
اتخذ العربية لسانا، واعتز بالثقافة العربية، واخلص لها واندمج في المجتمعات العربية سواء اكان في الاساس عربيا ام لم يكن».
واوضح المركز ان موقف السقاف من قضية فلسطين... هو موقف المدافع الصلب عن الحق الفلسطيني والباحث المنقب في تاريخ اليهود قديما وحديثا وبيان زيف ادعاءاتهم».
كما كان داعيا إلى وحدة شاملة لابناء الجزيرة العربية، ومؤكدا على ان الكويت اصالة واستقلالية.
وتعد شاعرية السقاف زمنيا الطبقة التالية لشوقي وحافظ ومطران والشابي، وقد كانت نشاطاته العلمية من الاتساع والعمق بحيث وضعته في صفوف المصلحين الاجتماعيين وقادة التنوير وبناة النهضة العربية الحديثة.
ورصد المركز بعض قصائد السقاف عن حبيبته الكويت التي قال عنها:
يقول لي الناس: ما اسم الحبيبة
لقد حير الفكر هذا السؤال
فقلت: الحكاية جدا غريبة
فما من غموض وما من خيال
اعيدوا التأمل في كل بيت
فقالوا عرفنا الكويت... الكويت
كما كانت للسقاف تحركاته المحمودة اثناء الغزو الصدامي الغاشم على الكويت، مدافعا
عن وطنه، متمسكا باستقلال الكويت في كل المحافل الدولية، ليقول:
ياشهيد الكويت مليون باغ
سوف يمضي وسوف يبقى الشهيد
ثم رضيا في جنة الخلد واعلم
انك اليوم بيننا محسود
تتباهى بك الكويت ويعلو
باسمك الحلو في الصباح النشيد
واحتوى الكتاب على مقالات السقاف ومنها «خواطر في العروبة والقومية» و«شيء من مبالغات السخفاء» و«علينا ان نعي هذه الامور» و«القومية العربية والتحديات»، وغيرها إلى جانب بعض المقابلات التي اجريت معه.
وكرمت الكويت عام 2001 شاعرنا السقاف رحمه الله «بجائزة الدولة التقديرية التي حصل عليها ايضا المؤرخ
سيف مرزوق الشملان والاديب الراحل خالد سعود الزيد وسلمها له الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون
والاداب السابق الدكتور محمد الرميحي، كما حصل السقاف على الكثير من التكريمات
من الكويت وبعض البلدان العربية بفضل ما قدمه من اسهامات واضحة للساحة الثقافية.
حينما نتحدث عن الشاعر الكبير أحمد السقاف رحمه الله سنجد اننا امام قامة شعرية وصلت إلى مستويات عربية متميزة، وان ريادته في التجديد اسهمت في نهوض القصيدة العربية إلى مستويات عالية بجانب رفقاء دربه من الشعراء.
وبالاضافة إلى شاعرية السقاف المتميزة فان اسهاماته في التنوير والمعرفة تعد من المجهودات التي تحسب لشاعرنا السقاف رحمه الله، تلك المجهودات التي دفعت بالحياة الثقافية في الكويت إلى الامام، ولعل من ابرز هذه المجهودات سعيه الناجح في اصدار مجلة «العربي».
وبداية يجب التنويه إلى ما كان يتميز به السقاف من روح إنسانية محبة للجميع، وقلب اتسع لحب الإنسانية بكل اطيافها، انه الشاعر الذي كان حضوره شفافا، تحس بطيبته وانت تلقاه في رابطة الادباء، ويسلم عليك سواء كان يعرفك أو لا يعرفك.
وان طيبته التي اكتسبها من حياته المزدحمة بالشعر قد جعلت له الكثير من المريدين الذين أطلوا على مزاجه الإنساني فوجدوه ناصع البياض يتسع لكل اشكال البشر.
و السقاف رائد في مجال العمل الثقافي منذ ان عمل مدرسا في المدرسة الشرقية عام 1944 حينما نظم ندوة ادبية في منزله، ونتيجة لنجاح هذه الندوة فقد تنقلت بين دواوين نبلاء وفضلاء الكويت كل يوم خميس، ولم يتوقف العطاء عند هذا الحد ولكنه اشترك مع عبدالحميد الصانع في اصدار أول مجلة ادبية ثقافية اسمها «كاظمة» في عام 1949 ولقد تميزت هذه المجلة بأن طباعتها كانت تتم في الكويت وبالتالي تنقل في وظائف عدة ليعمل في دائرة المطبوعات والنشر مشرفا على مطابع الحكومة وتخرج من تحت يديه الكثير من الشباب الكويتي.
ووقع اختيار صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد - وكان وقتها رئيسا لدائرة المطبوعات - على السقاف للسفر إلى بعض البلدان العربية من اجل التعاقد مع نخبة من المثقفين لاصدار مجلة عربية ضخمة، وبالتالي صدرت مجلة «العربي» التي لا تزال إلى الآن منارة مضيئة في جبين الكويت بفضل ما تمثله من قيمة ثقافية مهمة.
كما كان للسقاف إلى جانب ادواره الادبية والثقافية الرائدة ادوار سياسية أخرى فقد عيّن وكيلا لوزارة الارشاد والانباء - الإعلام حاليا - في عام 1965، ثم عيّن في الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي بدرجة سفير.
والسقاف من الاعضاء المؤسسين لرابطة الادباء، وشغل منصب امينها العام في فترة من فتراتها واسهم في تطوير العمل الثقافي والابداعي فيها جنبا إلى جنب مع ادباء الكويت الكبار.
ويتميز شعر السقاف بالقوة في المعنى والاصالة في الاسلوب والتمسك بالقصيدة العربية في شكلها ومضمونها وبالتالي فقد بدت الرؤية في مجملها متجهة إلى اغراض شعرية عدة لعل من ابرزها الاتجاه القومي، الذي توهج في معظم قصائده والرؤية الإنسانية التي تمسك بها في كل قصيدة انشدها، كما ان وطنه الكويت كان حاضرا في قصائده ليقول في قصيدة «شهداء الكويت»:
هي ثكلى والحزن حزن شديد
فاختر اللفظ يوم يُرثى الشهيد
هي ثكلى وفي حشاها جروح
حار فيها الدواء والتضميد
هي ثكلى فأقصري يا قوافي
فمواساة مثلها لا تفيد
ودعيها تنوح فالخطب مهما
قيل عنه فهو البلاء الأكيد
في حين تفاعل السقاف مع كل القضايا العربية التي عاصرها، خصوصا القضية العربية الازلية «فلسطين» وما يواجهها من عدوان صهيوني غاشم، ليقول في تفاعله مع شهداء مجزرة «قانا»:
ويا أهل لبنان اني حملت
فؤادا بحبكم مفعما
فوالله ما غاب عن خاطري
جمال توطن ذاك الحمى
ولم انس كوكبة مبدعين
عروبتهم فوق كل انتما
يذودون عنها بسن اليراع
فوارس حقا وليسوا دمى
واصدر مركز البحوث والدراسات الكويتية عام 2004 كتاب «احمد السقاف... نخبة من مقالاته ومقابلاته»، يعد من الكتب المهمة في المكتبة العربية، بفضل ما فيه من مواضيع كتبها السقاف بقلمه وتؤرخ لحقب مهمة في التاريخ العربي السياسي والادبي.
واعتبر مركز البحوث والدراسات الكويتية الشاعر أحمد السقاف ترجمان العروبة، بفضل دعوته واخلاصه للقومية العربية، وهو الذي كانت دراسته دينية وعربية، وحصل على كلية الحقوق، إلى جانب شغفه بالدراسات الادبية، إلى جانب نجاحه في اخراج مشروعه القومي الكبير إلى النور وهو الذي تمثله مجلة «العربي» كما صدر له 14 مؤلفا منها المقتضب في معرفة لغة العرب و«انا عائد من جنوب الجزيرة العربية» و«تطور الوعي القومي في الكويت»، و«أحاديث في العروبة والقومية» وغيرها، ورصد مركز البحوث والدراسات الكويتية بعضا من اقوال السقاف
مثل قوله: «العربي هو من
اتخذ العربية لسانا، واعتز بالثقافة العربية، واخلص لها واندمج في المجتمعات العربية سواء اكان في الاساس عربيا ام لم يكن».
واوضح المركز ان موقف السقاف من قضية فلسطين... هو موقف المدافع الصلب عن الحق الفلسطيني والباحث المنقب في تاريخ اليهود قديما وحديثا وبيان زيف ادعاءاتهم».
كما كان داعيا إلى وحدة شاملة لابناء الجزيرة العربية، ومؤكدا على ان الكويت اصالة واستقلالية.
وتعد شاعرية السقاف زمنيا الطبقة التالية لشوقي وحافظ ومطران والشابي، وقد كانت نشاطاته العلمية من الاتساع والعمق بحيث وضعته في صفوف المصلحين الاجتماعيين وقادة التنوير وبناة النهضة العربية الحديثة.
ورصد المركز بعض قصائد السقاف عن حبيبته الكويت التي قال عنها:
يقول لي الناس: ما اسم الحبيبة
لقد حير الفكر هذا السؤال
فقلت: الحكاية جدا غريبة
فما من غموض وما من خيال
اعيدوا التأمل في كل بيت
فقالوا عرفنا الكويت... الكويت
كما كانت للسقاف تحركاته المحمودة اثناء الغزو الصدامي الغاشم على الكويت، مدافعا
عن وطنه، متمسكا باستقلال الكويت في كل المحافل الدولية، ليقول:
ياشهيد الكويت مليون باغ
سوف يمضي وسوف يبقى الشهيد
ثم رضيا في جنة الخلد واعلم
انك اليوم بيننا محسود
تتباهى بك الكويت ويعلو
باسمك الحلو في الصباح النشيد
واحتوى الكتاب على مقالات السقاف ومنها «خواطر في العروبة والقومية» و«شيء من مبالغات السخفاء» و«علينا ان نعي هذه الامور» و«القومية العربية والتحديات»، وغيرها إلى جانب بعض المقابلات التي اجريت معه.
وكرمت الكويت عام 2001 شاعرنا السقاف رحمه الله «بجائزة الدولة التقديرية التي حصل عليها ايضا المؤرخ
سيف مرزوق الشملان والاديب الراحل خالد سعود الزيد وسلمها له الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون
والاداب السابق الدكتور محمد الرميحي، كما حصل السقاف على الكثير من التكريمات
من الكويت وبعض البلدان العربية بفضل ما قدمه من اسهامات واضحة للساحة الثقافية.