الكاتب حينما يقرر التطرق لموضوع معين فان حالته المعنوية هي الفيصل، فان كان ملتزماً الحياد وعقلانياً في طرحه يجد من يشيد في رأيه، وقد يختلف معه البعض الا أن المهم هنا أنه طرح وجهة نظره دون أي ضغوط. أما من يكتب وحالته المعنوية متأثرة بفئة معينة تظهر مع الأيام نواياه ولو بعد حين... وهذه النوعية من الكتاب نلاحظ أن عددهم في ازدياد مع الأسف.
بالنسبة لي أجد مسطرة الفكر القيادي والعقلية الاستراتيجية هي الأفضل كطريق رغبت في اتباعه بحكم الخبرة العلمية والعملية، والدافع هنا يعود لسبب واحد وهو غياب هذه المسطرة من واقع الأحداث بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. لهذا السبب فان الاحتكام للعقل والخبرة المفيدة أمران في غاية الأهمية ويجب الأخذ بهما ان كنا نريد تجاوز الأزمات الملازمة للعلاقة بين السلطتين، ونحن في الكويت لدينا خبرات غير مستغلة! ولو تابعنا توجهات الجهة التنفيذية لوجدناها معتمدة على قرارات ردود أفعال، بمعنى أن أي مؤسسة حكومية تفشل في تنفيذ مشروع أو عمل ما ويواجه هذ القصور بردود أفعال نيابية تجد تلك المؤسسة في وضع تحاول من خلاله تصحيح الخطأ ما يفيد بأنها قيادياً غير فعالة، واستراتيجياً لا تملك الرؤية السليمة، وهذا السلوك الاداري يجعلنا نسير في طريق غير واضحة معالمه. لاحظوا أزمة الجوازات، أزمة المرئي والمسموع، أزمة المشاريع وتمويلها، وأزمة اعلان السكنية في المزايدة على تنفيذ مشروع مدينة الخيران، أزمة جسر جابر، أزمات وزيرة التربية، أزمة تأخر تنفيذ المشاريع، أزمات وزير البلدية، وأزمات الكهرباء والماء، وأزمات وزيري الداخلية والمالية (لا تُعد ولا تُحصى)... انها تنم عن فقدان الفكر الاستراتيجي في العمل وهو ناتج عن فقدان الرؤى الواضحة التي تعتبر أساس الفكر القيادي.
لدينا مشكلة أساسية وهي عدم ملاءمة القياديين وكفاءتهم مع مستلزمات خطة التنمية والنقلة النوعية التي نبحث عن السبل الفعالة لملامستها أرض الواقع حتى في ظل تقديم الحكومة خطتها التنموية. لماذا نجد الحكومة تتصرف بعد وقوع المشكلة، لماذا نعتب دوماً على طول الدورة المستندية في عهد الحكومة الالكترونية، لماذا نضع اللوم على موظف مقصر في أروقة منشآت تشبعت بكل مفاهيم الواسطة والرشوة والفساد الاداري والحل في أيدينا؟ ان كانت الحكومة تريد أن تعمل فعليها استيعاب الدروس والتخلص من طريقة العمل الحالية المعتمدة على ردود الأفعال... علينا أولاً الاعتراف بالقصور والبحث في أسبابه، ونبذ الواسطة، ومحاسبة المقصر، وتسهيل الاجراءات من خلال ربط الكتروني تجرى من خلاله جميع المعاملات والمستوفي للشروط يمر وغيره يرفض ولا يستثنى أحد من النظام! انها وربي العظيم ونحن في شهر فضيل مأساة، دولة صغيرة ولا تستطيع حل معضلات ادارية بسيطة والسبب بسيط: انها العقلية الادارية والقيادية غير المؤثرة رغم توفر الخامات الطيبة التي وبقوة أصحاب النفوذ تم ركنها على جنب وصار أصحاب الاختصاص في عزلة... والله المستعان!


تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
Terki.alazmi@gmail.com