يترقب المواطن الكويتي القرار الحكومي في شأن زيادة الرواتب، والحكومة بدورها تنتظر رأي البنك الدولي، وهكذا في هذه المسألة التي احتارت فيها الحكومة لدرجة عجزها عن وضع تصور علمي ومنطقي للزيادة المطلوبة على الرواتب، وكأن الكويت ليس فيها ولو خبير واحد يأتي بالخبر اليقين.زيادة الرواتب موضوع حيوي ومهم للأسرة الكويتية أهملته الحكومة طوال الأعوام الماضية، ولم تلتزم بالمراجعة الدورية لها للحفاظ على المستوى المعيشي للأسرة الكويتية والمعدل العام للأسعار في الكويت. فأسعار النفط ارتفعت الى مستويات كبيرة وتبعه ارتفاع معدلات الأسعار للسلع والخدمات. ومع هذا لم يرافق هذا التغيير الكبير أي زيادة على الرواتب أو سياسات نقدية أو مالية أو تجارية أو صناعية للحد من الارتفاع في معدلات التضخم وأثارها السلبية الخطيرة على مستوى المعيشة للأسرة الكويتية.الكل متفقون على زيادة الرواتب فأرقام البنك المركزي السنوية، بغض النظر عن مدى دقتها لمعدلات التضخم خلال الأعوام العشرة الماضية تتراوح ما بين 4 في المئة و5 في المئة، ما عدا السنة الأخيرة، إذ ارتفع معدل التضخم الى معدلات متضاعفة، وما رافقه من انخفاض في قيمة الدينار بعد ربطه بالدولار أدت الى إضعاف القدرة الشرائية للمواطن الكويتي، وبالتالي مستواه المعيشي. ومع هذا كله نرى الاختلاف على الزيادة المطلوبة للرواتب لدرجة إدخال البنك الدولي في الأمر، مع أن النسبة المطلوبة والمناسبة للزيادة على الرواتب في ظل المعطيات الاقتصادية وأرقام معدل التضخم تتراوح ما بين 50 في المئة و60 في المئة للرواتب عموماً، ومضاعفة الرواتب المتدنية مع تفعيل الدور الرقابي الجاد والصادق للحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار مع كل زيادة للرواتب. المسألة برمتها لا تحتاج الى دراسات البنك الدولي العتيد، والتي لم تنفع دراساته دول العالم الثالث، وتاريخه يدل على هذا، فالإمارات زادت رواتب مواطنيها 70 في المئة، ولم تستعن بالبنك الدولي. وغالبية دول العالم تحرص في البعد عن هذا البنك وسياساته ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، فكل ما نحتاجه في ظل ما نملك من خبرات وطنية وإمكانيات مادية هائلة سياسة حكومية واضحة المعالم تجاه هذه المسألة وغيرها من المسائل للعمل على جميع مشاكل الوطن بأيدي أبنائه، فهم أدرى بشعابه.***للعلم فقط: بعد أعوام من تطبيق توصيات البنك الدولي بلغ الناتج القومي الإجمالي لتركيا عام 2002 مئة مليار دولار، وفي عام 2006 بلغ أربعمئة مليار دولار بعد ترك توصيات البنك الدولي، والاعتماد على برامج اقتصادية وضعها الأتراك أنفسهم.
سيف الهاجري
كاتب وناشط سياسي كويتيbinrashdan@yahoo.com