إن أكثر ما يحزنني إنسانياً هو سقوط حق مريض من تلقي العلاج في خارج البلاد في وقت تشهد فيه إدارة العلاج بالخارج في وزارة الصحة ازدحاماً شديداً خلال فترة الصيف والسبب معروف طبعاً! وإن أكثر ما يحزنني مهنياً وجود خامات طبية من أبناء جلدتنا لا يتم تقديرهم، ويحاربون من أطباء سيّسوا مهنة الطب الإنسانية! هذا ما يحزنني مضافا إليه تلقي التشخيص الخاطئ... وقد ذكرته بعد مطالعة الأسئلة التي وجهها النائب الدكتور محمد الحويلة لوزير الصحة حول الأخطاء الطبية، والثابت في أغلب الأحيان أن النائب حينما يوجه سؤالاً لوزير معين فإنه يرغب في التحقق من معلومات قد وصلت إليه! توقعت من النائب الحويلة، نائب الدائرة الخامسة أن يكون مدركاً للأمرالذي قد غاب عنه وهو: ان الوزارة كنظام إداري إنما هو نظام يحمي نفسه بنفسه والمتعارف عليه بمصطلح: «The System Is Protecting Itself»، فلا تجهد نفسك باحصائيات حول الأخطاء الطبية خلال الخمسة أعوام الماضية... فلن تجد الاجابة الشافية! نرى أن النائب الحويلة مطلوب منه توجيه سؤال حول حالات تم ارسالها للعلاج بالخارج، وتقارير المستشفيات النهائية عن تلك الحالات، وعندئذ يظهر الوجه المؤلم لحالات العلاج بالخارج! إن وزارة الصحة تعاني من الأخطاء الطبية نظراً لعدم وجود تشخيص سليم للحالات المرضية إلا ما ندر! وللتدليل على ذلك أنني أجد نفسي كشاهد عيان لحالات مرضية لأقرباء لي لم يستطيعوا الحصول على التشخيص الصحيح ولم يتمكنوا من الوصول الى أطباء الخاص العاملين في عيادات وزارة الصحة والسبب معلوم! تلك الحالات أخذت تشرح لي المعاناة وقمت بمخاطبة بعض المستشفيات في احدى الدول الآسيوية القريبة بمساعدة الزملاء من تلك الدولة، وبعد البحث والمراسلة قمنا برحلة إلى إحدى الدول و«إن ما لقحت ما ضرها الفحل» وبعد الوصول إلى المستشفى الحاصل على الاعتماد الأميركي تم عمل الفحوصات الشاملة والمفاجأة ظهرت من النتائج التي جاء التشخيص عبرها مختلفا عن تشخيص الكويت ولا حول ولا قوة الا بالله! والمفاجأة الثانية أن التكلفة لم تتجاوز 200 دينار كويتي بما فيها أشعة MRI، فحص القلب، العين، الأنف والحنجرة، منظار معدة، تحاليل طبية شاملة، واستشارات طبية من مختصين، إضافة إلى استشارة خبير تغذية... يا بلاش! أما المفاجأة الثالثة فنهديها لوزير الصحة د. هلال الساير: لقد استغرق الأمر يومين فقط! لذلك... نقول لأخينا النائب الحويلة وبقية النواب لا تتعبوا أنفسكم فـ «الشق عود»، وراجعوا فواتير العلاج بالخارج وفترة العلاج والنتائج أولاً وبعدين تساءلوا عما تشاؤون! في الكويت كل شيء بواسطة، تعمل أشعة بواسطة، حتى على مستوى الخدم ينتظر المواطن اسبوعاً للحصول على النتيجة، وإن كان الخادم أو الخادمة مصاباً بمرض معدي من سيتضرر حينئذ! تبحث عن دكتور جيد بواسطة، والمواعيد بين الأسابيع والأشهر تعطى والمريض «الغلبان» يعاني... وعاد شوف التشخيص! الحقيقة المرة أن الوزارة تجلب استشاريين وهي تمتلك كفاءات من حملة البوردين الأميركي والكندي ولكن بعضهم عينه على الربحية في القطاع الخاص، وبعضهم لم تقدر الوزارة كفاءته... وتوسعة المباني لا تحل مشكلة التشخيص الخاطئ ولا تعالج البيروقراطية في المواعيد... والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com