| مهندس جادالله فرحات * |
يقع المسجد الأقصى في مدينة القدس المسلمة في فلسطين والقدس مدينة مشهورة ذات تاريخ حضاري مشترك بين اليهود والمسيحيين والمسلمين وقد شهدت كثيرا من الغزاة والطامعين والحروب الطاحنة كما حظيت بكثير من العلماء النابغين والعباد المنقطعين المشهورين.
وقد سمي المسجد الأقصى بهذا الاسم عند ذكر قصة الاسراء في قوله تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير». وإنما سمي الأقصى بمعنى البعيد لأنه لم يكن وراءه مسجد آخر فى الأرض وكان فى أبعد الأماكن التي وصل إليها الغرب في رحلاتهم إلى الشام قبل الاسلام.

مسجد قبة الصخرة
منذ أن أنشئ مسجد قبة الصخرة كان عملا فنيا مميزاً من نوعه زائداً على أمثاله في الفخامة والبهرجة والاتقان حتى توالت فيه كلمات المؤرخين. فمنهم من يقول عنه: هذا مبنى مساجدي فريد من بابه في عالم الإسلام ومنهم من يقول عنه: انه درة الفن المعماري الأموي وأبدع آثاره وهي أيضاً إحدى دور الفنون الاسلامية. ويقول عنها آخر: لم أر في الاسلام ولا سمعت أن في الشرق مثل هذه القبة. بل قال المستشرق الانكليزي «هايتر لويس» في كتابه «الأماكن المقدسة» إن مسجد الصخرة بلا شك أجمل الأبنية الموجودة فوق هذه البسيطة لا بل إنه أجمل الآثار التي خلدها التاريخ. البداية الأولى:-
بدأ بناء مسجد الصخرة سنة 66 هـ بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وقد عهد بمباشرة العمل الى عالمين جليلين من ذوي الخبرة في هندسة البناء إضافة الى علمهما الديني هما «رجاء بن حيوة» من بيسان شمالي فلسطين، «يزيد بن سلام» من أهالي القدس فقاما أول الأمر بتصميم المبنى.

شكل الصخرة المشرفة:
أما الصخرة التي أقيم المبنى حولها والتي منها بدأ معراج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء فهي شكل غير منتظم من الحجر قريب من نصف دائرة أطوالها 56 قدما طولا و 42 قدما عرضا وفي أسفلها يوجد كهف مربع تقريبا طول ضلعه 4.5 متر بعمق 1.5 متر ويوجد في سقف هذا الكهف ثقب أو فتحة قطرها متر واحد تقريبا.
المبنى يتمحور حول الصخرة ونستطيع ابتداء من الصخرة المشرفة هذه أن نسجل وصفا للمبنى الذي يتمحور حولها من الداخل. إذ تقوم دائرة اسطوانية الشكل من البوائك صف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية عددها 16 عموداً وأربع دعائم تلتف حول الصخرة ثم ترتفع في الهواء لتحمل رقبة من البناء بها 16 شباكا.. وتدور ما بين الأعمدة فوق الأرض ستارة من الخشب الملبس بالنحاس تحول بين الناس والصخرة.

المطاف الداخلي
... والمطاف الخارجي:

ويوجد بين الأعمدة المحيطة بالصخرة وجدار المسجد مسافة واسعة نسبيا تلتف حول الصخرة بشكل دائري لتفسح المجال لمن أراد النظر إليها أن يلم بها من جميع أطرافها ويسمى المطاف الداخلي. وخلف هذه الفسحة المحيطة بالصخرة مجموعة أخرى من العقود والدعائم وعددها 24 عقدا محمولة فوق ثماني دعائم وستة عشر عمودا بواقع عمودين بين كل دعامتين لتكون المطاف الخارجي.
مسجد مثمن الشكل فريد ويحمل هذا المطاف الخارجي سقفا جمالونيا يميل قليلا إلى الخارج ومن وراء تلك البائكة تأتي جدران مسجد الصخرة وهي المسماة بالمثمن الخارجي.

أبواب ومداخل جميلة:
ويوجد في الجدار الخارجي المثمن أربعة أبواب في الاتجاهات الأصلية وأمام كل باب هناك مدخل مكون من سقفية ذات برميلي في الوسط. والأبواب الأربعة هذه من حشوات خشبية مشغولة بأنواع جميلة من الزخرفة وأسماء تلك الأبواب: باب القبلى، باب اسرائيل، باب الصور، باب النساء وهو إلى الغرب.
 
القبة الشهيرة والهلال الضخم:
وأما قبة مسجد الصخرة وهي أكثر الأشياء لفتا للنظر من الخارج فهي مصنوعة من الخشب وهي قبة مزدوجة أي عبارة عن قبتين متراكبتين: داخلية وخارجية يتكون كل منهما من 32 ضلعا من الخشب على شكل القوس.

* إمام وخطيب