| بيروت -  من محمد حسن حجازي |
كنا ننتظر اكثر مما شاهدناه من لقاء الثنائي مجنوني الفن ملحم بركات وغسان الرحباني.
منذ الاعلان عن برمجة بعلبك لصيف 2010 وصورة اللمعات الفنية الخاصة تراودنا في التعاطي مع هذا المشروع الخاص بالليالي اللبنانية التي باتت تقليداً يميز مهرجانات بعلبك التي تنهي بهذه الدورة فترة خدمة رئيسة المهرجانات مي عريضة من دون معرفة من سيكون او ستكون الخلف ويسود صمت مطبق حول هذا الموضوع.
السيدة عريضة تم تكريمها لكن بطريقة عابرة وهي في مكانها بالصف الاول حيث قدم لها السيد عماد مرتضى درعاً وميدالية وشهادة تقديراً لما قدمته من خدمات لهذه المهرجانات العريقة (منذ العام 1956).
حتى في يوم الافتتاح (المسرحية تقدم على مدى 3 ليال، الخميس والجمعة والسبت في 5 و6 و7 الجاري) لم تكن الصالة او رحاب المكان ممتلئة عن آخرها، كانت هناك مساحات فارغة بما يعادل الثلاثمئة كرسي من اصل حوالي 4 آلاف، كان اهالي بعلبك ملأوها ليلة الثلاثاء اي قبل 48 ساعة من الافتتاح الرسمي في عرض يخصصه ضيوف القلعة من الفنانين لأهل البلد.
العمل يحاول تقديم رسالة وطنية مركزاً على تقاسم توازعنا ما بين شرق وغرب، حيث تم الاتكاء على الصورتين من خلال الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية وجسد هذين التناقضين ملحم وغسان، وحلت بينهما في خط الوسط من خلال علاقتها بكلتا الثقافتين (او السياستين) رانيا الحاج (سبق وتعاونت مع غسان في «هنيبعل»، ثم في: «كما في المساء كذلك على الأرض»). ورغم ان الفكرة جيدة وتعبر كثيراً عن صورتنا في لبنان الا ان المشكلة هي في المعالجة السطحية لها، اضافة الى حضور غير مكترث لبطلي العمل ملحم وغسان مضافاً الى ذلك حوار لا معنى له، يؤديه الاثنان من دون لفظ صحيح او مفهوم دئماً.
اما المشكلة الكبرى فكانت في بداية العمل، في الفصل الأول، مع فراغات معينة على الخشبة، وإضاءة غير موجودة، فالمسرح مضاء نعم، لكن البروجكتورات لم تقدم نوراً كافياً لاظهار الممثلين المشاركين على الخشبة، فبدت الاضاءة عليهم اقرب الى تلك الموجهة لنا نحن في المكان الرحب حيث نشاهد.
هناك اجواء لا تغتفر اطلاقاً، وتعتبر من العيوب المسرحية، مع كل ما سبق وأوردناه، وحتى عندما ملأ غسان الخشبة بالراقصين والكومبارس كان الحشد فوضوياً غير مضبوط، وأشبه بالتظاهرات التي يلتئم عناصرها على عجل لأداء مهمة ما، وتجرأ غسان (ومعه ملحم طالما النص من توقيعهما) حين كلامه عن الموسيقى الغربية كونها افضل من الشرقية ان يقول شيئاً عن اللواتي يظهرنا بالأسود دائماً ولو لم يكن عونياً (من تيار العماد ميشال عون) لما تجرأ وقال هذا في المسرحية.
يضاف الى كل هذا علامة استفهام كبيرة اسست عليها المسرحية بنيانها وتتعلق باعتبار فنون الدول المغاربية (تونس، والمغرب) والجزائر، من ملامح الثقافة الموسيقية الغربية، وهذا خطأ لا يغتفر، ففنانو هذه المنطقة من العالم العربي يعكسون ثقافات وعادات وموروثات شرقية تمثل تجربتهم الخاصة في السياق الموسيقي والغنائي، وبالتالي فأنغامهم شرقية، وليست غربية اطلاقاً.
رانيا
كانت علامة مضيئة على المسرح وقد منحها النص حضوراً بطولياً سواء في الغناء (3 اغنيات: حبيت الموسيقى، الحلم، وان كان حدا)، وهي مثلت جيداً، وغنت جيداً، لكن في مقابل حضور لا مبالٍ لشخصية الفنان ملحم بركات، وعجقة غسان.
واذا اعتبر الفنان بيار شمعون فاكهة المسرحية كوميدياً فإننا وجدناه يبذل جهداً زائدا في حركته على الخشبة بأطرافه وطريقة ادائه فبدا (over)، يزيدها في المواقع غير المناسبة.
علامة
الفنان ملحم غنى: «روح يا هوى»، «عد الايام اللي راحت»، بدك مليون سنة، وآي لافايو سيل فوبلير، عندما كان يحاول غناء الأجنبي في مبادلة مع غسان الذي خاض مع الشرقي وطلع عدة طلعات في الأوف.
اما الاسقاط السياسي، والوطني على العمل فهو ضعيف لأن الفكرة الجيدة لم تعالج كما يجب في السياق، لم تعط حقها، بدت هزيلة، وترداداً لما يقال من عناوين كبيرة عن الوطن ووجوه ابنائه.
تردد رقم 700 الف دولار كميزانية للعمل، لم نجدها مترجمة في قيمة ومستوى ما شاهدناه.