قبل أعوام عدة التقيت بالأخ الشاعر خالد المريخي في لندن وهذاك «خبري فيه» إلى أن طالعتنا صحيفة «الراي» في عدد السبت 31 يوليو بخبر تنازله عن جنسيته الكويتية، وفي العدد نفسه جاء في زاوية ثرثرة «نغزة» عن «ناشط سياسي يتردد على بيروت للقاء مسؤولين في سفارة دولة عظمى تمده بالأموال للإنفاق على «نشاطاته»!
من يقرأ الخبر والثرثرة يجد بين السطور حكاية عن مفهوم الولاء الصادق الذي ذكره المريخي ووجدنا منه بداية للحديث عن جزئيات مهمة تحيط بمفهوم الولاء الصادق ويبقى «المعنى ببطن الشاعر» كما يقولون!
لقد أخطأنا في تعاملاتنا وسلوكياتنا مع هذا المفهوم، الولاء الصادق، لأننا في صريح العبارة افتقدنا توافر القدوة الصالحة واختلط السلوك الأخلاقي مع اللا أخلاقي، وصار القدوة في معظم الأحيان غير صالحين أخلاقياً في مؤسساتنا العامة والخاصة...!
القدوة، ونقصد هنا صاحب القرار في المنشأة أياً كانت طبيعتها، يأتي إلى المؤسسة وأول خطوة يقوم بها تتركز في إحاطته بمسؤولين يبدون له الطاعة العمياء وولاؤهم الأول منحصر في «سعادة الريس» على حساب مصلحة المنشأة وإنني أتذكر قولاً لأحد المسؤولين الكبار عندما قال «أنا أعين من أستطيع التعامل معه بغض النظر عن الأمور الآخرى»... طيب وإذا كان هذا المسؤول غير مناسب! هذا في حد ذاته نسف لكل مصطلحات حسن الاختيار، ويرسخ مفهوم الولاء الشخصي الذي يطيح بمفهوم الولاء للمؤسسة وبالتالي تصبح المسألة خاصة بتقدير شخص، فلا معايير ولا ولاء، و«لا يغرك» الكلام الذي يقال مع كل واردة وشاردة... وقس الأمر على جميع سلوكيات العاملين في محيط أي قائد في منظومتنا الإدارية والسياسية كذلك فستجد ردودهم «حاضر طال عمرك... اللي تبيه يصير» وقلما نجد من يطرح وجهة نظره بجرأة لأن القائد نصب بالخطأ والتابعين له يخافون على لقمة عيشهم من الضياع أو التحويل إلى منصب مستشار... والمستشارون «عد وخربط»!
أما زاوية «ثرثرة» فهي جريئة وطرحت نموذجاً عن المفهوم اللا أخلاقي للولاء الصادق في الحقل السياسي، وغيره من التحركات تبين جوانب عدة ذكر منها ما ذكر والبقية في طور البحث إن كان هنالك نية في البحث!
يتحدثون عن الفساد وكيفية القضاء عليه، ولا أعلم إن كان الأخ المريخي ترك الجنسية ولم يبين لنا جزئيات مهمة لاعتبارات يراها الشاعر وله الحق في ذلك فما كل ما يعرف، يقال ولكن نحن في خضم الأحداث نطرح تساؤلات أولها: من وراء الفساد؟
إنني أقسم بالله العلي العظيم أن المسألة ليست سهلة كما يعتقد البعض لأن الفساد لا يعني الحرص على التعامل وفق القانون ووجوب تطبيقه ولكن هناك اعتبارات معنوية أخرى، والمعنويات تختلف من فرد لآخر ولا يحكمها القانون، ولكن في نظري أن المسألة تعود لحسن التقدير عند الاختيار فإن توافرت لنا القدوة الحسنة التي تختار التابعين لها وفق معايير إخلاقية نابعة من حالة معنوية سليمة تعمل وفق القانون وتحدث القانون ليتلاءم مع المتغيرات وهلم جرا... ولكن هيهات أن نستطيع توفير قدوة حسنة ولهذا فالقانون غير مطبق ومع كل يوم تظهر لنا فضيحة جديدة سواء كانت من خلال ثرثرة، أو تلميح، أو تصوير لا يستطيع الاسترسال في سرد التفاصيل؟ والله المستعان!


تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com