الحكومة تواجه تحدياً كبيراً، فإما أن تبرهن لمجلس الأمة وللمجتمع الكويتي أنها ملتزمة بالوعود التي طرحتها إزاء تنفيذ خطة التنمية الحكومية في الموعد الذي حدده النائب مسلم البراك في مارس 2011 وذلك من خلال تقرير يفيد بإنجاز 25 في المئة من خطة التنمية أو تؤكد فشلها في التنفيذ، وبالتالي يحقق البراك وعده في استجواب رئيس مجلس الوزراء!
هل في الإمكان اعتبار تصريح النائب البراك بداية للاحتقان السياسي بين السلطتين؟ قد تكون الإجابة بنعم أقرب من «لا»... لماذا؟
إن أي خطة عمل في حاجة إلى أرضية مناسبة لحسن إدارة المشاريع، ومن ضمن أبجديات إدارة المشاريع إعداد تقارير دورية حول الانجاز نسبة وتناسب مع مراحل المشاريع المختلفة، وأن تكون الدفعات المالية منسجمة مع كمية العمل المطلوب انجازها، وهذا الأمر قد أشرنا إليه من قبل لضمان استمرار حسن العلاقة والمحافظة عليها بين السلطتين بحيث يتطلب الأمر أن ترفع الحكومة تقارير دورية كل ثلاثة أشهر (ربع سنوية) للمجلس تبين فيه مراحل تنفيذ خطة العمل الحكومية، وهو قصور تعاني منه الحكومة لأن إدارة المشاريع لدينا تخضع لمعايير غير سليمة، والمسؤوليات ملقاة على هذه الوزارة وتلك، والبيروقراطية، وهيكلة الاقتصاد وإدارته غير جاهزين لعبور مرحلة الاختبار!
والاحتقان السياسي قد يأتي من عدم التزام الحكومة بالجدول الزمني المحدد لتنفيذ خطة العمل الحكومية فيصبح أحد أسباب ظهوره بين السلطتين... هذا إن صح عدم تقيدها بالجدول الزمني!
إن الحكومة بمقدورها تلافي مسببات الاحتقان السياسي من خلال إعادة النظر في الكيفية التي تدار فيها المشاريع التنموية، وتصريح النائب مسلم البراك يعد بالنسبة للحكومة مشابهاً استخدام الكرت الأصفر داخل ساحة الملاعب الكروية، وفي شهر مارس إن تكرر رفع الكرت الأصفر مرة ثانية هذا يعني أن قاعة عبدالله السالم ستشهد استجواباً مستحقاً، فالالتزام بتنفيذ خطة التنمية يعتبر القياس الحقيقي لفاعلية الحكومة والتزامها الأدبي الذي تبرهنه الأفعال على أرض الواقع والذي قطعته على نفسها أمام النواب!
فهل تتدارك الحكومة الوضع وتتفهم الدوافع التي قد توصلها إلى حالة الاحتقان السياسي بحيث تراجع أجندة قيادييها ومدى التزامهم تنفيذ خطة العمل حسب الجدول الزمني المحدد لها والذي يتطلب على اثره رفع تقرير فوري عن الفترة الماضية، وتحديد نسبة التنفيذ الحالية فعلياً ما يقلل من أثر العوامل التي دفعت بالنائب البراك إلى رفع الكرت الأصفر!
إنها لعبة قيادية إدارية صرفة ومدى ملاءتها مع المعطيات من عدمه مؤشر لطبيعة العلاقة بين السلطتين في الأشهر الأولى من دور انعقاد الدور المقبل لمجلس الأمة... وسنكون هذه المرة متفائلين ونتمنى أن تفعلها الحكومة وتجنب الوضع السياسي من الوقوع في هفوة كلفتها السياسية عالية... والله المستعان!


تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com