| القاهرة - من حنان عبدالهادي |
قال المفتي العام لمسلمي كازاخستان الدكتور عبدالستار دربسالي إن بلاده التي تضم 70 في المئة من سكانها مسلمين و30 في المئة من ديانات أخرى تواجه هناك ظروفا جديدة تتطلب رؤية واضحة لقضايا الواقع ومراعاة فكرة المصالح عند النظر في أي موضوع منها، حرصا على المسلمين ومستقبلهم.
وأشار - في حوار مع «الراي» في القاهرة - إلى أن كازاخستان تمر منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي بمرحلة إعادة بناء أسس معاصرة مع احترام للدين، وأن أهم القضايا التي يسأل عنها الكازاخيون هي عن جماعات البهائية والأحمدية والإسماعيلية وحزب التحرير، وحكم ما يفعله بعض الصوفية وحكم الاستنساخ.
وإلى نص حوار دربسالي مع «الراي»:
• باعتبار أن دولة كازاخستان حديثة الاستقلال وتضم العديد من الأعراق... فكيف تتعامل الدولة التي يشكل المسلمون معظم سكانها مع الدول المجاورة وأبناء المعتقدات الأخرى؟
- جمهورية كازاخستان في آسيا الوسطى «بلاد التركستان»، وهي قريبة العهد بالاستقلال، فقد استقلت في العام 1991، وحققت تقدما كبيرا في جميع المجالات في إطار رؤية واضحة، وهي دولة متعددة الأعراق، وعدد سكانها حاليا يقترب من 16 مليونا و 130 قومية، ونسبة القازاق منهم 58.1 في المئة تقريبا، وفي داخل بلادنا يعيش المسلمون الذين يشكلون نحو 70 في المئة من السكان، وتضم البلاد 30 في المئة من أبناء معتقدات أخرى في مقدمهم المسيحية واليهودية... والتسامح الديني يسود الجميع.
يضاف إلى ذلك أن لكازاخستان علاقات قوية مع أوروبا، وهناك تعاون قوي مع روسيا وعلاقات تجارية مع الصين وصلات مع العالم الإسلامي، وفي هذا كله هناك ظروف جديدة تتطلب رؤية واضحة لقضايا الواقع، ومن هنا كانت أهمية مراعاة فكرة المصالح عند النظر في أي موضوع منها، حرصا على المسلمين وتقدمهم ومستقبلهم، في الإطار العالمي الجديد مع احترام نظام الدولة.
• كيف كان المسلمون في كازاخستان يتعاملون عندما تكون لهم فتوى قبل الاستقلال وبعده؟
- «القازاق» كلهم مسلمون ويتبعون الفقه الحنفي، ونظرا لحاجة المسلمين في كازاخستان إلى معرفة أحكام دينهم تبرز أهمية دور الفتوى، فقبل العام 1990 كانت الفتاوى للمسلمين محدودة، وكانت الفتوى مركزة في الإدارة الدينية في طشقند، وكانت كازاخستان تتبعها.
وكانت تتناول بعض أمور العبادات، وبعد استقلال الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان في العام 1990، أصبحت هي الجهة المختصة بالإفتاء وليست هناك جهة أخرى لذلك في جمهورية كازخستان، والمفتي العام هو رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان.
• ما مدى تعاون تلك الإدارة مع الدول الإسلامية.. وهل هي مقصورة فقط على الافتاء؟
- الإدارة الدينية تشرف على جميع المساجد، وعددها أصبح الآن أكثر من ألفين وثلاثمئة، والأئمة يتعاملون بشكل يومي مع الناس، وأنشأت الإدارة الدينية معهدا إسلاميا يقوم بتنظيم دورات للأئمة العاملين.
كما تتعاون الإدارة الدينية مع الدول الإسلامية مثل جامعة «نور - مبارك» وهذا شكل للتعاون مع مصر، وهناك تعاون مع تركيا والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى التعاون مع جمهوريات آسيا الوسطى وروسيا، وفكرة المقاصد مهمة جدا في الرد على الاستفسارات وعلى أساس خبرة هذه الدول في المسائل المعاصرة.
• هناك دعوة إلى ضرورة وجود علماء دين متخصصين حتى لا يتم ارتكاب أخطاء في الفتاوى التي تخرج عن غير المتخصصين... فهل تنتهج كازاخستان نفس النهج؟
- قديما كان أكثر المسلمين يتحرج من الفتوى، وقال الله تعالى «يستفتونك قل الله يفتيكم» أي يستعلمون منك فقل لهم الله يعلمكم الحق ويدلكم عليه، وقديما قال العز بن عبدالسلام رحمه الله: الشرع كالطب، فالطب وضع لسلامة الأبدان والشرع وضع لسلامة الأديان، فإذا كنا نهتم بالجسم لأجل الصحة والحياة السعيدة ونحتاط لذلك بإعداد الطبيب الجيد والاستفادة بخبرات الآخرين في ذلك، والبحث عن الطبيب المتخصص باهتمام عند الحاجة، فمن باب أولى أن نكون أكثر اهتماما بشريعتنا وإعداد العلماء المتخصصين في العلوم الإسلامية المختلفة والاستفادة بخبرات الآخرين في ذلك.
لقوله تعالى «فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، ومن هنا كان الوعي بأهمية احترام التخصص، لأن الإهمال في ذلك قد يؤدي إلى مضاعفة المشكلة أو تأخير الحل أو الضلال بتحريم الحلال أو تحليل الحرام وإغفال صالح الفرد والمجتمع.
• كيف يمكن إعداد العالم المتخصص في الشؤون الدينية حتى لا يبحث الناس عن غير المتخصصين لسؤالهم؟
- إن مراعاة المقاصد الشرعية أساس مهم في تاريخ الإسلام في بلادنا، ونذكر بعض أمثلة: كتاب الهداية للمرغيناني كان أساس تعليم الدين، ولكنا نجد أيضا الفتوى للكردري وكلاهما من آسيا الوسطى.
وكان رجال الدين ينظرون أيضا في كتب الفتاوى في دول كثيرة من العالم الإسلامي للإفادة من ذلك كله، من أجل المصالح برؤية دينية سليمة، وعلى علماء المسلمين أن يراعوا احترام التخصص - أيضا - لمعرفتهم بخطورة الفتوى وما يترتب عليها.
• ما شروط من يعين في هذه الوظيفة في كازاخستان؟
- نظرا لأهمية رأي الدين فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين»، وهناك شروط يجب توافرها في من يعين في مثل هذه الوظيفة في مقدمتها: الخوف من الله، وذلك بنية سليمة مخلصة لدين الله مستحضرة مراقبة الله دائما دون سواه، حتى يضع الله له قبولا ونورا في الدنيا والآخرة. ولذلك يقول الفقيه مجاهد رحمه الله: «إنما الفقيه من يخاف الله ويكون في الوقت نفسه مدركا للمقاصد الدينية ولظروف الحياة المعاصرة».
إن المقاصد تتناول قضايا معاصرة ولا تتناول قضايا تاريخية، هدف الفتاوى معرفة رأي الدين في مسائل معاصرة، وعلى المفتي أن ييسر على الناس في فتواه، فالشريعة الإسلامية من أهم مقاصدها التيسير والتخفيف على الناس، ويتطلب ذلك حفظ آيات وأحاديث الأحكام حتى تصدر الفتوى على أساس.
والمفتي يشترط فيه أن يكون عالما بالكتاب والسنة، أي بالأحكام الخاصة بالعبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجنايات والقضاء والشهادة، كما يكون عمله واعيا بفكرة المقاصد وبظروف الحياة.
• لكن هناك من يقول إن على العالم الديني أن يعرف فقط الأمور والمسائل الفقهية الدينية... فما رأيك؟
- يجب على من يتصدى للعمل الديني أن يعرف واقع الناس وحياتهم ومشاكلهم ومكرهم وخداعهم، مثل الطبيب الذي عليه أن يعرف الأمراض الجديدة وكيفية علاجها، أما إذا حصر نفسه في المشاكل والمسائل القديمة وجمد على ذلك، فإنه لن يستطيع مخاطبة الأحياء.
ويكون كالطبيب الذي عرف الأمراض القديمة وطرق علاجها ووقف عند ذلك ومسائل المجتمع متغيرة، وقد يتطلب موضوع ما بحث المسألة من الناحية العلمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التربوية، إلى جانب البحث عن الحكم الفقهي، لذا قيل إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولا يكون ذلك إلا بالقراءة الكثيرة المتنوعة، وبمتابعته ومعايشته واحتكاكه المستمر لواقع الناس، وألا يعيش في عزلة عن عصره.
• إذا... هل يجوز لأي عالم أن يفتي دونما أن يكون ملما بظروف مجتمعه بشكل كامل ملما بالمسائل التي كان يتم تداولها لدى العلماء الأوائل؟
- لا يجوز لأحد أن يفتي إلا بعد أن يعرف أقوال العلماء في ظروف عصورهم وبلدانهم، ويعرف معاملات الناس في الماضي والحاضر، فإن سئل عن مسألة يعلم أن العلماء الكبار الذين تذكر مذاهبهم قد اتفقوا عليها، فلا بأس بأن يقول هذا جائز وهذا لا يجوز ويكون قوله على سبيل الحكاية، وإن كانت مسألة قد اختلفوا فيها فلا بأس بأن يقول هذا جائز لفلان ولا يجوز في قول لفلان، فلابد للاجتهاد من معرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمؤول والعلم بعادات الناس وعرفهم، وأما من يحفظ أقوال المجتهدين فليس بمفت في الحقيقة إنما هو مجرد ناقل لا يعرف ظروف الحياة المعاصرة وفتواه ليست حقيقية.
• كيف يكون الإفتاء في كازاخستان باعتبارك، مفتي البلاد؟
- الإفتاء في كازاخستان وآسيا الوسطى بصفة عامة يتم وفقا للمذهب الحنفي، وتعتمد الفتاوى على أقوال أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله وفقهاء الحنفية قسموا المسائل على ثلاث درجات ليختار منها المفتي عند التعارض.
إن مسائل الأصول هي مسائل ظاهر الرواية التي هي مروية عن كبار أصحاب المذهب وهم: الإمام أبوحنيفة وصاحباه أبويوسف ومحمد، وكتب ظاهر الرواية هي المبسوط والجامع الصغير والكبير والسير الكبير والصغير والزيادات، وكلها تأليف محمد بن الحسن الشيباني، ومن مسائل ظاهر الرواية كتاب الكافي للحاكم الشهيد، وهو كتاب معتمد في نقل المذهب وشرحه جماعة منهم الإمام السرخسي وهو المشهور بمبسوط السرخسي.
هذه الكتب مهمة، ولكن قد لا يجد الإنسان المعاصر ومن يفتي في المسائل الحادثة جوابا ولا مثيلا في كتب فقهاء الحنفية وهذا كثير الآن، فالحياة متغيرة والفتاوى تُطلب في أمور كثيرة لم تكن في الماضي، وعلى المفتي أن يجتهد في معرفة الجواب من الأدلة المعتمدة في المذهب الأقوى فالأقوى، ويجوز التوقف في الفتوى إذا تعارض الدليلان.
• ما أهم المسائل الفقهية التي تعرض على الإدارة الدينية في كازاخستان؟
- المسائل التي تعرض على الإدارة الدينية لطلب الفتوى فيها كثيرة ومتنوعة، تشمل أكثر أبواب الفقه تقريبا وذلك مثل الكبائر وأنواعها ومعنى الحلال والحرام، وأحكام الصلاة في جماعة بين أشخاص مختلفي المذاهب وأحكام صلاة عيد الفطر، وكذلك صلاة عيد الأضحي وأحكام الأضحية، وأحكام الجنائز والمقابر ونقل الموتي وإهداء الثواب إليهم، وأحكام يوم القيامة وأحكام الصيام وصدقة الفطر، وكيفية ثبوت الأهلة وحكم طلب العلم بالنسبة للنساء، وأحكام الزكاة وأحكام الحج والعمرة وزيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصلاة في مسجده، وزادت الاستفسارات في السنوات الماضية عن الزكاة. فأحكام الزكاة موضوع اجتماعي مهم ويختلف من مجتمع لآخر طبقا لظروفه الاقتصادية ومصادر الدخل وأوجه الإنفاق.
• لكن ما أهم القضايا المعاصرة التي تهم الناس في كازاخستان وتتوجه بها إلى الإدارة الدينية هناك؟
- هناك قضايا معاصرة مثل الرأي من جماعات البهائية والأحمدية والإسماعيلية، وحزب التحرير وحكم ما يفعله بعض الصوفية، وأحكام الدعاوى والبينات وحكم الاستنساخ، وأنواع القتل وأحكامه وحكم من يفعله وأحكام التداوي بالمحرمات، وحكم الصور والتماثيل، وفكرة المقاصد أساس مهم في بيان رأي الدين، وهناك أسئلة ترد عن مفاهيم وجماعات دينية سياسية، وهنا تكون فكرة المقاصد والحياة والتقدم أساسا للرأي الديني البعيد عن التطرف والتشدد.
وفي هذا كله تنظر الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان وتبحث كل موضوع في ضوء آراء الفقه والمقاصد والواقع المعاصر، ومن هنا كانت أهمية فكرة المقاصد ودور الفتوى في الحياة المعاصرة، وهذا موضوع دقيق ومهم، لأن بلادنا تمر منذ الاستقلال بمرحلة إعادة بناء على أسس معاصرة مع احترام للدين وحرص على الربط الواعي بين الدين والحياة.
ماذا تعرف عن كازاخستان؟
إعداد عبدالله متولي
كازاخستان، وهي جمهورية من جمهوريات آسيا الوسطى، تقع على تقاطع طرق لثقافات وحضارات مختلفة، وهي تمتلك تراثا غنيا ومواقع أثرية قديمة. وكازاخستان جزء من طريق الحرير، ولها حدود مشتركة مع روسيا، أوزبكستان، تركمانستان، قرغيزيا، الصين وبحر قزوين.
وهناك أكثر من 130 قومية في كازاخستان. والقوميات الأساسية هي القزغ والروس، والديانتان الأساسيتان هما الإسلام والمسيحية. ولها ثلاث مناطق موحدة من حيث الزمن، وثلاث مرتبطة بمناخ واحد: هناك منحدرات جبلية تتركز فيها الغابات، منحدرات ليس فيها غابات، شبه صحراء وصحراء. وسلاسل جبال ألتاي والتجان - شان تؤلف حدودا شرقية وجنوبية شرقية تحد من الحرارة والرطوبة.
والبلد غني بموارده الطبيعية، وله صناعة وزراعة متطورتان. صادرات البلد الرئيسية هي النفط والحنطة واللحوم. وبالإضافة إلى كون اللحم من الصادرات الرئيسية، فإن اللحم يشكل جزءا من وجبات الأكل الشعبية. والأكلة الشعبية هي البيشرماك، والتي تتكون من لحم الضأن، لحم الخيل والعجين. والشراب الطبي الكميس، وهو لبن الخيل له خصائص طبية حيث تعالج به آلام الصدر والأمعاء.
ويصل السياح إلى البلد في الأشهر من مايو وحتى منتصف شهر أكتوبر. والمحطة الأولى هي العاصمة أستانة، في وسط البلد، وهي تبعد نحو 1318 كم من العاصمة السابقة المآتا. وفي عام 1830 بنت القوات القوقازية تحصينات عسكرية في المنطقة. وفي 1862 أصبحت أكمولنسك، وهي على مفترق الطريق بين الصين وروسيا وأواسط آسيا، مركزا تجاريا كبيرا في المنطقة.
والمآتا هي واحدة من أكبر المدن في كازاخستان حيث يبلغ تعداد سكانها المليون وربع المليون نسمة. والعاصمة السابقة والتي أسست في عام 1854 كحصن عسكري، هي مركز تجاري ومالي وثقافي، تفتخر بمطاعمها وفنادقها ومتاحفها. ويطلع متحفها القومي الزائرين على تاريخ القزغ، وهناك أجنحة متعددة تحتوي على الآثار القديمة. وساحة بانفلوف تستحق الزيارة لأنها تحوي كنائس روسية مبنية بالخشب، من دون استعمال المسامير، ويعود بناؤها إلى القرن التاسع عشر.
والمآتا هي المنطقة السياحية الرئيسية، وهي تمتد من مدينة المآتا إلى بحيرة البلخاش. وهي تعرف بـ«السميرجي» أو بلاد الأنهار السبعة (زيتيسي باللغة القزخية) والتي يمر خلالها طريق الحرير.
والمنطقة هي أكبر مناطق كازاخستان تنوعا من حيث طبيعتها الجغرافية. وتمتاز الزيتيسي بأنها شهيرة بطبيعتها الحغرافية الفريدة في جاذبيتها منذ قرون بعيدة. وهناك العديد من الأنهار التي تنبع من جبالها، وهي تمتد بشكل قلائد اللؤلؤ التي تنتهي في واحات جميلة. والنهر الكبير هنا هو «إلي»، وهو يبدأ رحلته من الصين في الغرب، ويشكل مجرى كابشاغي، ثم يصب في بحيرة البلخاش. وكانت ذات يوم جزءا من طريق الحرير.
ومنطقة المآتا هي منطقة صحراوية، ولكن فيها أيضا ثلوج دائمة وخضرة. وأحد معالمها الجذابة هي الميديو، وهي أكبر مجمّع في العالم لسياحة رياضة المياه الجبلية في الشتاء، ولها منحدر للتزلج طوله 1700 م. وليس التزلج هنا وقفا على المتخصصين ولكنه أيضا للمتعلمين. وهو مجمع ترفيهي يحسب حسابا لكل الأذواق، فهناك الكثير من الخيول، والفنادق الجميلة، وأحواض السباحة في الصيف، وكذلك المطاعم والمقاهي. وهو أيضا المكان المناسب للالتقاء بالأهالي، لأن أهل المآتا يستمتعون بهذه التسهيلات التي هي ليست وقفا على السياح.
والمكان الآخر الجذاب هو السد في وادي ملايا الماتنكا والذي حمى المدينة من الطمي الذي جلبه الفيضان في أكثر من مرة. واليوم يتسلق السياح المدرجات التي يبلغ تعدادها نحو 830 درجة والتي توصلهم إلى الضفة وتمنحهم رؤية شاملة ومدهشة لجبال ذيلي سكاي ألآتو. والبعض يبقون هناك الليل بطوله، بينما يقبل الآخرون برؤية خاطفة.
وإلى الشرق من المآتا تقع إيسيك عند حافة الجبال. وهذه المدينة صغيرة ومبنية وفيها حدائق كثيرة. وهناك على بعد 15 كم من المركز تقع بحيرة إيسيك. وهي واحدة من جواهر تاين شان، المكان المفضل للاستراحة.
والبلد مشهور بصخور جباله الملونة. ووادي تامغالي، وهو الأكثر شهرة في المنطقة، يقع في منطقة جبال آنراكاي. والكثير من الصخور الملونة تقع في مدخل الوادي.
ومعلم آخر جذاب بالقرب من المآتا هو صهريج المياه في كاب شاغاي، وهو الأكبر في كازاخستان حيث تبلغ مساحته 100 كم في 25 كم. وهو المكان المفضل للسباحة صيفا وللاستمتاع بالشمس. والجهة الشمالية منه هي التي تكون فيها المنازل وأماكن الاستراحة. ونهر إلي البالغ طوله 1439 كم هو المكان المفضل لسياحة المغامرات، خصوصا القوارب الصغيرة والصيد.
والرمال التي تغني هي أيضا معلم آخر من معالم كازاخستان. وتقع على بعد 182 كم إلى الجنوب الشرقي من المآتا على الضفة اليمنى من نهر إلي. والاحتكاك الذي يتسبب عن حركة ذرات الرمال الجافة، يخلق شحنات كهربائية في الذرات ويجعلها تتذبذب. ويمكن سماع الصوت على بعد آلاف الكيلومترات.
وكازاخستان بلد ذو طبيعة مدهشة، فهو بلد البحيرات، الجبال، الغابات، الصهاريج الطبيعية والحدائق الطبيعية الكبيرة. وهي وجهة سياحية للعطلات وتوفر ممرا إلى العديد من دول أواسط آسيا، وهي معلم مهم على طريق الحرير، مع تراث حضاري فريد.
قال المفتي العام لمسلمي كازاخستان الدكتور عبدالستار دربسالي إن بلاده التي تضم 70 في المئة من سكانها مسلمين و30 في المئة من ديانات أخرى تواجه هناك ظروفا جديدة تتطلب رؤية واضحة لقضايا الواقع ومراعاة فكرة المصالح عند النظر في أي موضوع منها، حرصا على المسلمين ومستقبلهم.
وأشار - في حوار مع «الراي» في القاهرة - إلى أن كازاخستان تمر منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي بمرحلة إعادة بناء أسس معاصرة مع احترام للدين، وأن أهم القضايا التي يسأل عنها الكازاخيون هي عن جماعات البهائية والأحمدية والإسماعيلية وحزب التحرير، وحكم ما يفعله بعض الصوفية وحكم الاستنساخ.
وإلى نص حوار دربسالي مع «الراي»:
• باعتبار أن دولة كازاخستان حديثة الاستقلال وتضم العديد من الأعراق... فكيف تتعامل الدولة التي يشكل المسلمون معظم سكانها مع الدول المجاورة وأبناء المعتقدات الأخرى؟
- جمهورية كازاخستان في آسيا الوسطى «بلاد التركستان»، وهي قريبة العهد بالاستقلال، فقد استقلت في العام 1991، وحققت تقدما كبيرا في جميع المجالات في إطار رؤية واضحة، وهي دولة متعددة الأعراق، وعدد سكانها حاليا يقترب من 16 مليونا و 130 قومية، ونسبة القازاق منهم 58.1 في المئة تقريبا، وفي داخل بلادنا يعيش المسلمون الذين يشكلون نحو 70 في المئة من السكان، وتضم البلاد 30 في المئة من أبناء معتقدات أخرى في مقدمهم المسيحية واليهودية... والتسامح الديني يسود الجميع.
يضاف إلى ذلك أن لكازاخستان علاقات قوية مع أوروبا، وهناك تعاون قوي مع روسيا وعلاقات تجارية مع الصين وصلات مع العالم الإسلامي، وفي هذا كله هناك ظروف جديدة تتطلب رؤية واضحة لقضايا الواقع، ومن هنا كانت أهمية مراعاة فكرة المصالح عند النظر في أي موضوع منها، حرصا على المسلمين وتقدمهم ومستقبلهم، في الإطار العالمي الجديد مع احترام نظام الدولة.
• كيف كان المسلمون في كازاخستان يتعاملون عندما تكون لهم فتوى قبل الاستقلال وبعده؟
- «القازاق» كلهم مسلمون ويتبعون الفقه الحنفي، ونظرا لحاجة المسلمين في كازاخستان إلى معرفة أحكام دينهم تبرز أهمية دور الفتوى، فقبل العام 1990 كانت الفتاوى للمسلمين محدودة، وكانت الفتوى مركزة في الإدارة الدينية في طشقند، وكانت كازاخستان تتبعها.
وكانت تتناول بعض أمور العبادات، وبعد استقلال الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان في العام 1990، أصبحت هي الجهة المختصة بالإفتاء وليست هناك جهة أخرى لذلك في جمهورية كازخستان، والمفتي العام هو رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان.
• ما مدى تعاون تلك الإدارة مع الدول الإسلامية.. وهل هي مقصورة فقط على الافتاء؟
- الإدارة الدينية تشرف على جميع المساجد، وعددها أصبح الآن أكثر من ألفين وثلاثمئة، والأئمة يتعاملون بشكل يومي مع الناس، وأنشأت الإدارة الدينية معهدا إسلاميا يقوم بتنظيم دورات للأئمة العاملين.
كما تتعاون الإدارة الدينية مع الدول الإسلامية مثل جامعة «نور - مبارك» وهذا شكل للتعاون مع مصر، وهناك تعاون مع تركيا والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى التعاون مع جمهوريات آسيا الوسطى وروسيا، وفكرة المقاصد مهمة جدا في الرد على الاستفسارات وعلى أساس خبرة هذه الدول في المسائل المعاصرة.
• هناك دعوة إلى ضرورة وجود علماء دين متخصصين حتى لا يتم ارتكاب أخطاء في الفتاوى التي تخرج عن غير المتخصصين... فهل تنتهج كازاخستان نفس النهج؟
- قديما كان أكثر المسلمين يتحرج من الفتوى، وقال الله تعالى «يستفتونك قل الله يفتيكم» أي يستعلمون منك فقل لهم الله يعلمكم الحق ويدلكم عليه، وقديما قال العز بن عبدالسلام رحمه الله: الشرع كالطب، فالطب وضع لسلامة الأبدان والشرع وضع لسلامة الأديان، فإذا كنا نهتم بالجسم لأجل الصحة والحياة السعيدة ونحتاط لذلك بإعداد الطبيب الجيد والاستفادة بخبرات الآخرين في ذلك، والبحث عن الطبيب المتخصص باهتمام عند الحاجة، فمن باب أولى أن نكون أكثر اهتماما بشريعتنا وإعداد العلماء المتخصصين في العلوم الإسلامية المختلفة والاستفادة بخبرات الآخرين في ذلك.
لقوله تعالى «فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، ومن هنا كان الوعي بأهمية احترام التخصص، لأن الإهمال في ذلك قد يؤدي إلى مضاعفة المشكلة أو تأخير الحل أو الضلال بتحريم الحلال أو تحليل الحرام وإغفال صالح الفرد والمجتمع.
• كيف يمكن إعداد العالم المتخصص في الشؤون الدينية حتى لا يبحث الناس عن غير المتخصصين لسؤالهم؟
- إن مراعاة المقاصد الشرعية أساس مهم في تاريخ الإسلام في بلادنا، ونذكر بعض أمثلة: كتاب الهداية للمرغيناني كان أساس تعليم الدين، ولكنا نجد أيضا الفتوى للكردري وكلاهما من آسيا الوسطى.
وكان رجال الدين ينظرون أيضا في كتب الفتاوى في دول كثيرة من العالم الإسلامي للإفادة من ذلك كله، من أجل المصالح برؤية دينية سليمة، وعلى علماء المسلمين أن يراعوا احترام التخصص - أيضا - لمعرفتهم بخطورة الفتوى وما يترتب عليها.
• ما شروط من يعين في هذه الوظيفة في كازاخستان؟
- نظرا لأهمية رأي الدين فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين»، وهناك شروط يجب توافرها في من يعين في مثل هذه الوظيفة في مقدمتها: الخوف من الله، وذلك بنية سليمة مخلصة لدين الله مستحضرة مراقبة الله دائما دون سواه، حتى يضع الله له قبولا ونورا في الدنيا والآخرة. ولذلك يقول الفقيه مجاهد رحمه الله: «إنما الفقيه من يخاف الله ويكون في الوقت نفسه مدركا للمقاصد الدينية ولظروف الحياة المعاصرة».
إن المقاصد تتناول قضايا معاصرة ولا تتناول قضايا تاريخية، هدف الفتاوى معرفة رأي الدين في مسائل معاصرة، وعلى المفتي أن ييسر على الناس في فتواه، فالشريعة الإسلامية من أهم مقاصدها التيسير والتخفيف على الناس، ويتطلب ذلك حفظ آيات وأحاديث الأحكام حتى تصدر الفتوى على أساس.
والمفتي يشترط فيه أن يكون عالما بالكتاب والسنة، أي بالأحكام الخاصة بالعبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجنايات والقضاء والشهادة، كما يكون عمله واعيا بفكرة المقاصد وبظروف الحياة.
• لكن هناك من يقول إن على العالم الديني أن يعرف فقط الأمور والمسائل الفقهية الدينية... فما رأيك؟
- يجب على من يتصدى للعمل الديني أن يعرف واقع الناس وحياتهم ومشاكلهم ومكرهم وخداعهم، مثل الطبيب الذي عليه أن يعرف الأمراض الجديدة وكيفية علاجها، أما إذا حصر نفسه في المشاكل والمسائل القديمة وجمد على ذلك، فإنه لن يستطيع مخاطبة الأحياء.
ويكون كالطبيب الذي عرف الأمراض القديمة وطرق علاجها ووقف عند ذلك ومسائل المجتمع متغيرة، وقد يتطلب موضوع ما بحث المسألة من الناحية العلمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التربوية، إلى جانب البحث عن الحكم الفقهي، لذا قيل إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولا يكون ذلك إلا بالقراءة الكثيرة المتنوعة، وبمتابعته ومعايشته واحتكاكه المستمر لواقع الناس، وألا يعيش في عزلة عن عصره.
• إذا... هل يجوز لأي عالم أن يفتي دونما أن يكون ملما بظروف مجتمعه بشكل كامل ملما بالمسائل التي كان يتم تداولها لدى العلماء الأوائل؟
- لا يجوز لأحد أن يفتي إلا بعد أن يعرف أقوال العلماء في ظروف عصورهم وبلدانهم، ويعرف معاملات الناس في الماضي والحاضر، فإن سئل عن مسألة يعلم أن العلماء الكبار الذين تذكر مذاهبهم قد اتفقوا عليها، فلا بأس بأن يقول هذا جائز وهذا لا يجوز ويكون قوله على سبيل الحكاية، وإن كانت مسألة قد اختلفوا فيها فلا بأس بأن يقول هذا جائز لفلان ولا يجوز في قول لفلان، فلابد للاجتهاد من معرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمؤول والعلم بعادات الناس وعرفهم، وأما من يحفظ أقوال المجتهدين فليس بمفت في الحقيقة إنما هو مجرد ناقل لا يعرف ظروف الحياة المعاصرة وفتواه ليست حقيقية.
• كيف يكون الإفتاء في كازاخستان باعتبارك، مفتي البلاد؟
- الإفتاء في كازاخستان وآسيا الوسطى بصفة عامة يتم وفقا للمذهب الحنفي، وتعتمد الفتاوى على أقوال أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله وفقهاء الحنفية قسموا المسائل على ثلاث درجات ليختار منها المفتي عند التعارض.
إن مسائل الأصول هي مسائل ظاهر الرواية التي هي مروية عن كبار أصحاب المذهب وهم: الإمام أبوحنيفة وصاحباه أبويوسف ومحمد، وكتب ظاهر الرواية هي المبسوط والجامع الصغير والكبير والسير الكبير والصغير والزيادات، وكلها تأليف محمد بن الحسن الشيباني، ومن مسائل ظاهر الرواية كتاب الكافي للحاكم الشهيد، وهو كتاب معتمد في نقل المذهب وشرحه جماعة منهم الإمام السرخسي وهو المشهور بمبسوط السرخسي.
هذه الكتب مهمة، ولكن قد لا يجد الإنسان المعاصر ومن يفتي في المسائل الحادثة جوابا ولا مثيلا في كتب فقهاء الحنفية وهذا كثير الآن، فالحياة متغيرة والفتاوى تُطلب في أمور كثيرة لم تكن في الماضي، وعلى المفتي أن يجتهد في معرفة الجواب من الأدلة المعتمدة في المذهب الأقوى فالأقوى، ويجوز التوقف في الفتوى إذا تعارض الدليلان.
• ما أهم المسائل الفقهية التي تعرض على الإدارة الدينية في كازاخستان؟
- المسائل التي تعرض على الإدارة الدينية لطلب الفتوى فيها كثيرة ومتنوعة، تشمل أكثر أبواب الفقه تقريبا وذلك مثل الكبائر وأنواعها ومعنى الحلال والحرام، وأحكام الصلاة في جماعة بين أشخاص مختلفي المذاهب وأحكام صلاة عيد الفطر، وكذلك صلاة عيد الأضحي وأحكام الأضحية، وأحكام الجنائز والمقابر ونقل الموتي وإهداء الثواب إليهم، وأحكام يوم القيامة وأحكام الصيام وصدقة الفطر، وكيفية ثبوت الأهلة وحكم طلب العلم بالنسبة للنساء، وأحكام الزكاة وأحكام الحج والعمرة وزيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصلاة في مسجده، وزادت الاستفسارات في السنوات الماضية عن الزكاة. فأحكام الزكاة موضوع اجتماعي مهم ويختلف من مجتمع لآخر طبقا لظروفه الاقتصادية ومصادر الدخل وأوجه الإنفاق.
• لكن ما أهم القضايا المعاصرة التي تهم الناس في كازاخستان وتتوجه بها إلى الإدارة الدينية هناك؟
- هناك قضايا معاصرة مثل الرأي من جماعات البهائية والأحمدية والإسماعيلية، وحزب التحرير وحكم ما يفعله بعض الصوفية، وأحكام الدعاوى والبينات وحكم الاستنساخ، وأنواع القتل وأحكامه وحكم من يفعله وأحكام التداوي بالمحرمات، وحكم الصور والتماثيل، وفكرة المقاصد أساس مهم في بيان رأي الدين، وهناك أسئلة ترد عن مفاهيم وجماعات دينية سياسية، وهنا تكون فكرة المقاصد والحياة والتقدم أساسا للرأي الديني البعيد عن التطرف والتشدد.
وفي هذا كله تنظر الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان وتبحث كل موضوع في ضوء آراء الفقه والمقاصد والواقع المعاصر، ومن هنا كانت أهمية فكرة المقاصد ودور الفتوى في الحياة المعاصرة، وهذا موضوع دقيق ومهم، لأن بلادنا تمر منذ الاستقلال بمرحلة إعادة بناء على أسس معاصرة مع احترام للدين وحرص على الربط الواعي بين الدين والحياة.
ماذا تعرف عن كازاخستان؟
إعداد عبدالله متولي
كازاخستان، وهي جمهورية من جمهوريات آسيا الوسطى، تقع على تقاطع طرق لثقافات وحضارات مختلفة، وهي تمتلك تراثا غنيا ومواقع أثرية قديمة. وكازاخستان جزء من طريق الحرير، ولها حدود مشتركة مع روسيا، أوزبكستان، تركمانستان، قرغيزيا، الصين وبحر قزوين.
وهناك أكثر من 130 قومية في كازاخستان. والقوميات الأساسية هي القزغ والروس، والديانتان الأساسيتان هما الإسلام والمسيحية. ولها ثلاث مناطق موحدة من حيث الزمن، وثلاث مرتبطة بمناخ واحد: هناك منحدرات جبلية تتركز فيها الغابات، منحدرات ليس فيها غابات، شبه صحراء وصحراء. وسلاسل جبال ألتاي والتجان - شان تؤلف حدودا شرقية وجنوبية شرقية تحد من الحرارة والرطوبة.
والبلد غني بموارده الطبيعية، وله صناعة وزراعة متطورتان. صادرات البلد الرئيسية هي النفط والحنطة واللحوم. وبالإضافة إلى كون اللحم من الصادرات الرئيسية، فإن اللحم يشكل جزءا من وجبات الأكل الشعبية. والأكلة الشعبية هي البيشرماك، والتي تتكون من لحم الضأن، لحم الخيل والعجين. والشراب الطبي الكميس، وهو لبن الخيل له خصائص طبية حيث تعالج به آلام الصدر والأمعاء.
ويصل السياح إلى البلد في الأشهر من مايو وحتى منتصف شهر أكتوبر. والمحطة الأولى هي العاصمة أستانة، في وسط البلد، وهي تبعد نحو 1318 كم من العاصمة السابقة المآتا. وفي عام 1830 بنت القوات القوقازية تحصينات عسكرية في المنطقة. وفي 1862 أصبحت أكمولنسك، وهي على مفترق الطريق بين الصين وروسيا وأواسط آسيا، مركزا تجاريا كبيرا في المنطقة.
والمآتا هي واحدة من أكبر المدن في كازاخستان حيث يبلغ تعداد سكانها المليون وربع المليون نسمة. والعاصمة السابقة والتي أسست في عام 1854 كحصن عسكري، هي مركز تجاري ومالي وثقافي، تفتخر بمطاعمها وفنادقها ومتاحفها. ويطلع متحفها القومي الزائرين على تاريخ القزغ، وهناك أجنحة متعددة تحتوي على الآثار القديمة. وساحة بانفلوف تستحق الزيارة لأنها تحوي كنائس روسية مبنية بالخشب، من دون استعمال المسامير، ويعود بناؤها إلى القرن التاسع عشر.
والمآتا هي المنطقة السياحية الرئيسية، وهي تمتد من مدينة المآتا إلى بحيرة البلخاش. وهي تعرف بـ«السميرجي» أو بلاد الأنهار السبعة (زيتيسي باللغة القزخية) والتي يمر خلالها طريق الحرير.
والمنطقة هي أكبر مناطق كازاخستان تنوعا من حيث طبيعتها الجغرافية. وتمتاز الزيتيسي بأنها شهيرة بطبيعتها الحغرافية الفريدة في جاذبيتها منذ قرون بعيدة. وهناك العديد من الأنهار التي تنبع من جبالها، وهي تمتد بشكل قلائد اللؤلؤ التي تنتهي في واحات جميلة. والنهر الكبير هنا هو «إلي»، وهو يبدأ رحلته من الصين في الغرب، ويشكل مجرى كابشاغي، ثم يصب في بحيرة البلخاش. وكانت ذات يوم جزءا من طريق الحرير.
ومنطقة المآتا هي منطقة صحراوية، ولكن فيها أيضا ثلوج دائمة وخضرة. وأحد معالمها الجذابة هي الميديو، وهي أكبر مجمّع في العالم لسياحة رياضة المياه الجبلية في الشتاء، ولها منحدر للتزلج طوله 1700 م. وليس التزلج هنا وقفا على المتخصصين ولكنه أيضا للمتعلمين. وهو مجمع ترفيهي يحسب حسابا لكل الأذواق، فهناك الكثير من الخيول، والفنادق الجميلة، وأحواض السباحة في الصيف، وكذلك المطاعم والمقاهي. وهو أيضا المكان المناسب للالتقاء بالأهالي، لأن أهل المآتا يستمتعون بهذه التسهيلات التي هي ليست وقفا على السياح.
والمكان الآخر الجذاب هو السد في وادي ملايا الماتنكا والذي حمى المدينة من الطمي الذي جلبه الفيضان في أكثر من مرة. واليوم يتسلق السياح المدرجات التي يبلغ تعدادها نحو 830 درجة والتي توصلهم إلى الضفة وتمنحهم رؤية شاملة ومدهشة لجبال ذيلي سكاي ألآتو. والبعض يبقون هناك الليل بطوله، بينما يقبل الآخرون برؤية خاطفة.
وإلى الشرق من المآتا تقع إيسيك عند حافة الجبال. وهذه المدينة صغيرة ومبنية وفيها حدائق كثيرة. وهناك على بعد 15 كم من المركز تقع بحيرة إيسيك. وهي واحدة من جواهر تاين شان، المكان المفضل للاستراحة.
والبلد مشهور بصخور جباله الملونة. ووادي تامغالي، وهو الأكثر شهرة في المنطقة، يقع في منطقة جبال آنراكاي. والكثير من الصخور الملونة تقع في مدخل الوادي.
ومعلم آخر جذاب بالقرب من المآتا هو صهريج المياه في كاب شاغاي، وهو الأكبر في كازاخستان حيث تبلغ مساحته 100 كم في 25 كم. وهو المكان المفضل للسباحة صيفا وللاستمتاع بالشمس. والجهة الشمالية منه هي التي تكون فيها المنازل وأماكن الاستراحة. ونهر إلي البالغ طوله 1439 كم هو المكان المفضل لسياحة المغامرات، خصوصا القوارب الصغيرة والصيد.
والرمال التي تغني هي أيضا معلم آخر من معالم كازاخستان. وتقع على بعد 182 كم إلى الجنوب الشرقي من المآتا على الضفة اليمنى من نهر إلي. والاحتكاك الذي يتسبب عن حركة ذرات الرمال الجافة، يخلق شحنات كهربائية في الذرات ويجعلها تتذبذب. ويمكن سماع الصوت على بعد آلاف الكيلومترات.
وكازاخستان بلد ذو طبيعة مدهشة، فهو بلد البحيرات، الجبال، الغابات، الصهاريج الطبيعية والحدائق الطبيعية الكبيرة. وهي وجهة سياحية للعطلات وتوفر ممرا إلى العديد من دول أواسط آسيا، وهي معلم مهم على طريق الحرير، مع تراث حضاري فريد.