علمتني الحياة ألا أبيع عقلي لآخر، أياً كان هذا الآخر، إلا ان كان نبياً مرسلاً، وثبت لدي ما نُقِل عنه، حسب القواعد المتعارف عليها في علم الجرح والتعديل، وما سوى ذلك، فعقلي هو الحكم، ولن أسمح لكائن من كان أن يفكر عني، ويستنتج عني، ويستنبط عني، عوضاً أن يتخذ قرارات خاصة بي دون الرجوع إليّ.
تلك كانت مقدمة لموضوع لطالما ترددت عن الكتابة فيه، وهو بحث الإنسان لرموز وقيادات يتبعها دون تفكير، فكثير من الناس يفضل أن يريح عقله من تأنيب ضمير القرارات الخاطئة، التي ربما يتخذها يوماً ما ولذا يلجأ إلى البحث عن شماعة الرمزية، ليعلق عليها جميع أخطائه، علّه يتجاوز أزماته النفسية.
المجال الديني والسياسي من الميادين التي تكثر فيها مثل تلك الرموز، ولذا نشأ بيننا مثل وانتشر، ليعزز ذلك السلوك، فنحن نقول «حطها براس عالم، واطلع سالم» أي أرح عقلك، ودعنا نفكر عنك، ولم تفكر أصلاً إن كانت هناك رموز قادرة على التفكير نيابة عنك، كل ما عليك عزيزي المواطن والمقيم هو أن تبحث عن الأنسب لك من بينها، ثم أغمض عينيك، وادخل معنا مطمئنا في نفق عبودية الرموز، ادخلوها بسلام آمنين.
هكذا والله يريدوننا، وبكل تسطيح للمواضيع التي يتناولونها، فبعض الرموز، أياً كان صنفه ونوعه، فلكل شيخ طريقته، لا يريدك أن تناقشه، أو تعارضه، أو أن تبدي رأياً مخالفاً لرأيه، فهو الوحيد الذي يحق له أن يفكر ويقول ويعترض، وإذا لم تتبع ظله كما يفعل الكثيرون، وتكون ذنباً مثلهم، أرسل إليك أتباعه كي يقطعوا عليك السبيل، ويرفعوا في وجهك أسلحة الدمار الشامل، لتبدأ وقتها حملة تشويه السمعة، وتنطلق من فوهات المدافع البشرية قنابل عنقودية مدمرة لكل المعاني الجميلة، دونما أخلاق تمنع الانزلاق.
علمتني الحياة أن أستخدم عقلي كل لحظة، ولعله درس متعب نوعاً ما، على خلاف من يسلم نفسه لمبضع الرمز ومعبود الجماهير، فهو قد أراح نفسه، فهناك دائماً شخص (رمز) يتخذ المواقف المناسبة بالوكالة عنه، فهو مرتاح ابتداء، وصدق الشاعر إذ يقول:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
علمتني الحياة ألا أقيّم الشخص كشخص، وإنما أنظر لسلوكه ومواقفه، فليس المهم من فعل، بل المهم ماذا فعل، وليس المهم من قال، بل المهم ماذا قال.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
alsuraikh@yahoo.com
تلك كانت مقدمة لموضوع لطالما ترددت عن الكتابة فيه، وهو بحث الإنسان لرموز وقيادات يتبعها دون تفكير، فكثير من الناس يفضل أن يريح عقله من تأنيب ضمير القرارات الخاطئة، التي ربما يتخذها يوماً ما ولذا يلجأ إلى البحث عن شماعة الرمزية، ليعلق عليها جميع أخطائه، علّه يتجاوز أزماته النفسية.
المجال الديني والسياسي من الميادين التي تكثر فيها مثل تلك الرموز، ولذا نشأ بيننا مثل وانتشر، ليعزز ذلك السلوك، فنحن نقول «حطها براس عالم، واطلع سالم» أي أرح عقلك، ودعنا نفكر عنك، ولم تفكر أصلاً إن كانت هناك رموز قادرة على التفكير نيابة عنك، كل ما عليك عزيزي المواطن والمقيم هو أن تبحث عن الأنسب لك من بينها، ثم أغمض عينيك، وادخل معنا مطمئنا في نفق عبودية الرموز، ادخلوها بسلام آمنين.
هكذا والله يريدوننا، وبكل تسطيح للمواضيع التي يتناولونها، فبعض الرموز، أياً كان صنفه ونوعه، فلكل شيخ طريقته، لا يريدك أن تناقشه، أو تعارضه، أو أن تبدي رأياً مخالفاً لرأيه، فهو الوحيد الذي يحق له أن يفكر ويقول ويعترض، وإذا لم تتبع ظله كما يفعل الكثيرون، وتكون ذنباً مثلهم، أرسل إليك أتباعه كي يقطعوا عليك السبيل، ويرفعوا في وجهك أسلحة الدمار الشامل، لتبدأ وقتها حملة تشويه السمعة، وتنطلق من فوهات المدافع البشرية قنابل عنقودية مدمرة لكل المعاني الجميلة، دونما أخلاق تمنع الانزلاق.
علمتني الحياة أن أستخدم عقلي كل لحظة، ولعله درس متعب نوعاً ما، على خلاف من يسلم نفسه لمبضع الرمز ومعبود الجماهير، فهو قد أراح نفسه، فهناك دائماً شخص (رمز) يتخذ المواقف المناسبة بالوكالة عنه، فهو مرتاح ابتداء، وصدق الشاعر إذ يقول:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
علمتني الحياة ألا أقيّم الشخص كشخص، وإنما أنظر لسلوكه ومواقفه، فليس المهم من فعل، بل المهم ماذا فعل، وليس المهم من قال، بل المهم ماذا قال.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
alsuraikh@yahoo.com