|بيروت - من ريتا عقيقي|
تجلس سلوى خلف مكتبها وملفات العمل مكدّسة أمامها... لا تلبث أن تزيل العرق المتصبّب من جبينها حتى تلقى اتصالاً من مديرها. يعتريها الخوف والاستغراب معاً وهي تسير نحو مكتبه فنادراً جدًا ما يستدعيها. تطرق الباب، تدخل، تقف أمامه سائلة عن المطلوب... في يد المدير ورقة تعجز في البداية عن فهم مضمونها لكنها سرعان ما تكتشف عنوانها: «ترقية». تطير سلوى من شدّة الفرح فأخيراً أثمرت جهودها، تحملها الغبطة فوق السحاب فتمدّ ذراعها لانتشال الورقة من يد المدير لكنها سرعان ما تفرمل اندفاعها. فها هي شفتا المدير تقتربان منها في محاولة لتقبيلها رغماً عنها. تمسك سلوى حقيبة يدها الحمراء وتُردي بها المدير وتخرج من المكتب مُسرعة.
«سلوى هي كلّ فتاة لبنانية متعلّمة، ظريفة، تحبّ الحياة، قوية الشخصية ولكنها تعيش ما يعيشه الأطفال والنساء في مجتمعاتنا من تحرّش يومي سواء في مكان العمل أو في أي مكان آخر. وتكمن قوّتها في أنها تحارب كلّ من يتعرّض لها بواسطة حقيبتها الحمراء التي ترافقها أينما حلّت». بهذه الكلمات تعرّف لين هاشم شخصية الكرتون «سلوى» التي اعتمدتها مع صديقاتها الاربع أماندا بوعبدالله، رانيا اغناطيوس، هبة رجحا وفرح سلكا لاطلاق حملة ترعاها منظمة «اندي ذ أكت» ضدّ التحرّش الجنسي بالنساء والفتيات والأطفال. وتضيف «اخترنا اللجوء الى الرسوم لأن الموضوع حسّاس جداً وعلى قدر كبير من الجديّة، فضلاً عن أن الأطفال المعرضين كالنساء للتحرّش بصفتهم فئة مهمشّة وعاجزة عن رفع صوتها، يتماثلون والرسوم أكثر من أي شكل آخر، فتصل الرسالة اليهم في طريقة سلسة وواضحة».
ليست المرّة الأولى تطلق فيها الجمعيات والفاعليات المدنية حملات للحدّ من التحرّش الجنسي «الذي يعانيه الجميع حتى الشباب والمراهقون»، بحسب لين. ورغم الاهتمام الذي يلقاه هذا الموضوع فأن الخطوات التي اتخذت في سبيل مكافحته لم تتوصل بعد الى أي حلول، «وهذا يعود الى التكتم الشديد الذي يلتزمه الأطفال والنساء عند تعرّضهم للتحرّش بحيث يساهمون بصمتهم في مساعدة المعتدي على الاستمرار في فعلته».
تعرّف هاشم التي يبلغ متوسط سنها وشريكاتها الأربع في الحملة 23 عاماً، التحرّش بأنه «أي تصرّف أو فعل أو كلام يُقدم عليه فرد حيال فرد آخر خارج على ارادة الأخير سواء بواسطة الترهيب أو التهديد أو الترغيب. ويمكن التحرّش أن يحصل بفعل السلطة التي يمارسها المتحرّش على ضحيته». وتتحدث هذه الشابة المندفعة لقضيتها عن نوعين من التحرش، الجسدي واللفظي، وتضيف «التحرّش الجسدي هو التصرّف الذي يلحظ أي ملامسة بين الفردين خارجة على ارادة الضحية. أما التحرّش اللفظي فهو الكلام الذي يصدر من الشباب عادة بحق فتاة تمرّ أمامهم مثلاً في الشارع، وهو ما يُعرف في مجتمعنا بالـ«تلطيش» الذي أضحى أمراً عاديا،ً علما أن الكلام الذي يصدر من هؤلاء وان كان معسولاً فهو تحرّش جنسي لأنه تعدّ على حرية الفتاة التي لا تريد ربما سماع هذه الكلمات.» وتعزو لين كثرة تعرّض الفتيات لهذا النوع من التحرّش الى سبب بسيط هو نظرة الرجل الى جسد المرأة على أنه «ملك عامّ، وبالتالي يحقّ له أن يقول لها ما يشاء. ويمكن ربط هذا الأمر بـ«العقدة الذكورية» لدى الرجل الذي غالباً ما يُبرّر فعلته بالقول ان على الفتاة أن تفرح بالثناء على جمالها».
وتشدد لين على وجوب أن تعي المرأة أن «حصولها على حقوقها الجسدية يُحررها». وفي هذا الاطار، أطلقت جمعية نسوية في «يوم المرأة العالمي» تحت شعار «جسمي لالي (ملكي)، بدي حقوقي الجسدية» في محاولة لمحاربة التحرّش الجنسي الذي «يمكن أن يصل الى حدّ الاغتصاب».
لا ترى هاشم أي فرق بين التحرّش الجسدي والاغتصاب لأن «منطلقهما واحد وهو الاعتداء على جسد الآخر. ولكن احتراماً لضحايا الاغتصاب لا يمكننا أن نساوي بين من تعرّضت للتحرّش في الشارع ومن تمّ اغتُصابها». أما من الناحية القانونية فهناك فرق شاسع بين الفعلين. ففين حين تناول القانون ضمن مواده جرم الاغتصاب لم يأت على أي ذكر للتحرّش الجنسي سواء اللفظي او الجسدي. وتشرح لين «في القانون اللبناني، الاغتصاب هو علاقة جسدية كاملة بين رجل وامرأة بواسطة العنف والترهيب، شرط ألا تكون المرأة زوجة المعتدي لأن لا اغتصاب في اطار الزواج في لبنان، علما انه جريمة يُعاقب عليها الزوج في الدول الغربية. واضافة الى هذا الواقع المرير، فان المادّة المتعلّقة بالاغتصاب تُتيح للمغتصب الافلات من الاتهام الموجّه اليه بطرق عديدة أولها تقدّمه للزواج من الفتاة، وفي حال رفضت - وهذا ما تقوم به معظم الفتيات لأن من المستحيل أن يقترن بمن اغتصبهن - تسقط التهمة عنه تلقائياً لأنه أدّى واجبه حيالها. وثمة منافذ أخرى للمعتدي للتنصّل من فعلته في حال ثبتت عليه تهمة الاغتصاب».
ليس غريبا أن يفتقر لبنان الى احصاءات دقيقة تشير الى عدد حالات التحرّش التي تحصل يومياً، فالتكتّم هو سيد الموقف في هذه القضايا الامر الذي يُصعّب مهمّة أي كان بحثا عن الأرقام والوقائع. بيد أن لين تلفت الى الابلاغ عن ثلاث حالات تحرّش بالأطفال أسبوعياً بحسب آخر دراسة قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع المجلس الأعلى للطفولة العام 2007. وتشير الدراسة الى أن 36 في المئة من الأطفال هم من الفتيات و58 في المئة تعرضوا لاغتصاب كامل وليس لمجرّد تحرّش.
وتستبعد هاشم أن يكون هذا العدد دقيقاً في ظل عدم الابلاغ عن كل الحوادث التي تحصل والتي يرجّح أن تصل الى 3 حالات يومياً وليس أسبوعياً، موضحة ان هذه الظاهرة تفشّت خصوصا منذ ثلاثة أعوام.
أما في ما يتعلّق بالتحرّش بالنساء فلا دراسات في هذا المجال نظراً الى خجل المرأة من الابلاغ عن الحادثة التي تعرضت لها «خشية نظرة الأهل والمجتمع، فضلاً عن أن القوانين لا تؤمن لها الحماية الكافية وتعطي الافضلية للرجل».
وتتابع لين «غالباً ما نسمع اثر تعرّض احدى الفتيات أو النساء لتحرّش أنها هي من أغوت الشاب بطريقة ملبسها وسيرها، او ان عملها في عرض الأزياء او في مجال ليلي اخر كان بمثابة «مفتاح القابلية» لدى الشاب. لكن ثقافة التبرير هذه غير مقنعة لأننا نصادف فتيات محجبات تعرّضن للتحرّش، بل ان عددهن يفوق أحياناً كثيرة عدد الفتيات غير المحجبات اللواتي وقعن ضحية التحرّش. فالمتحرّش يُقدم على فعلته بغضّ النظر عن ملبس الفتاة او عملها وهو عاجز عن مراقبة أفعاله وأقواله».
وتستطرد «لا نشجّع اللباس غير اللائق، ولكننا في الوقت عينه لا نتدخل في حقّ الفرد باختيار ملبسه، وعلى المتحرّش أن يفهم أن لا حقّ له في التعدّي على أي فتاة وان كان مظهرها يبيح ذلك».
والسؤال: هل من صفات للمتحرّش؟ تجيب هاشم «يصنّف علماء النفس المتحرّشين فئات عدة، أبرزها «المتسلّط» الذي يستغل نفوذه في العمل أو مكان الدراسة لابتزاز الضحية والحصول منها على مبتغاه. وهناك ايضا «المرشد» الذي يؤدّي دور الحضن الدافئ والامن لجذب ضحيته، وعادة ما نصادف هذه الفئة في المدارس والجامعات، اضافة الى «الانتهازي» الذي يستغل المصادفة كوجود الضحية في مكان خارج العمل أو المدرسة للقيام بتصرّف جنسي حيالها، و«المتنمّر» الذي يتحرّش جنسيا بضحاياه انتقاماً لصدّهم اياه أو لتخطّيهم «الأعراف التقليدية» (المثليون والمثليات)، و«المغازل العظيم» الذي يكيل المديح وعبارات الغزل لضحاياه اما بأسلوب ناعم وإما فظ، والمقصود هنا «التلطيش» في الشارع، و«المتحسّس» الذي يستغل المناسبات والأعياد والأماكن العامة كوسائل النقل ليتحسّس ضحاياه من حوله». وتشير ايضا الى «المغرّر المفكّر» وينطبق هذا الوصف على الاستاذ أو رب العمل الذي قد يتذرع بـضرورات العمل لجمع معلومات عن الحياة الجنسية لضحاياه، و«الكوميديان» الذي يتحرش بضحاياه لفظيا او جسديا ثم يتذرّع بأنه لم يقم بذلك بدافع الغريزة، بل التسلية والمتعة.
وعن الخطوات اللاحقة ضمن مشروع «مغامرات سلوى» تقول لين «اضافة الى الرسوم التي بدأنا بتعميمها والتي تتناول قصّة سلوى في مكان العمل والمدرسة وسيارة الاجرة، لجأنا الى موقع «فايسبوك» الاجتماعي لضمّ الأفراد الذين تعنيهم هذه القضية ونحن في صدد الاعداد لموقع خاص بنا على الشبكة العنكبوتية هو Theadventuresofsalwa.com سيتيح لكل فتاة تعرّضت لتحرّش جنسي ان تروي تجربتها، وذلك في سبيل كسر جدار الصمت الذي يغلف هذه المشكلة الاجتماعية. وسيتضمن الموقع ايضا معلومات عن طبيعة التحرّش الجنسي وكيفية تجنّبه والدفاع عن النفس والتعامل معه قانوناً. وسنعمل على اقامة شبكة اتصال مع قوى الأمن الداخلي ووزارة الداخلية من أجل مساعدة الفتيات والأطفال الذين يقصدوننا، على ان نحاول في مرحلة لاحقة جمع ضحايا التحرّش ضمن «حلقات دعم» ندعو اليها اختصاصيين وعلماء نفس لمناقشة التجارب. وفي ختام الحملة، سنوزّع على المناطق اللبنانية «حقيبة سلوى» الحمراء وسنضع فيها كل الوسائل القانونية للدفاع عن النفس اضافة الى كتيب ارشادي يقدّم النصائح الى الاطفال والفتيات والنساء».
تجلس سلوى خلف مكتبها وملفات العمل مكدّسة أمامها... لا تلبث أن تزيل العرق المتصبّب من جبينها حتى تلقى اتصالاً من مديرها. يعتريها الخوف والاستغراب معاً وهي تسير نحو مكتبه فنادراً جدًا ما يستدعيها. تطرق الباب، تدخل، تقف أمامه سائلة عن المطلوب... في يد المدير ورقة تعجز في البداية عن فهم مضمونها لكنها سرعان ما تكتشف عنوانها: «ترقية». تطير سلوى من شدّة الفرح فأخيراً أثمرت جهودها، تحملها الغبطة فوق السحاب فتمدّ ذراعها لانتشال الورقة من يد المدير لكنها سرعان ما تفرمل اندفاعها. فها هي شفتا المدير تقتربان منها في محاولة لتقبيلها رغماً عنها. تمسك سلوى حقيبة يدها الحمراء وتُردي بها المدير وتخرج من المكتب مُسرعة.
«سلوى هي كلّ فتاة لبنانية متعلّمة، ظريفة، تحبّ الحياة، قوية الشخصية ولكنها تعيش ما يعيشه الأطفال والنساء في مجتمعاتنا من تحرّش يومي سواء في مكان العمل أو في أي مكان آخر. وتكمن قوّتها في أنها تحارب كلّ من يتعرّض لها بواسطة حقيبتها الحمراء التي ترافقها أينما حلّت». بهذه الكلمات تعرّف لين هاشم شخصية الكرتون «سلوى» التي اعتمدتها مع صديقاتها الاربع أماندا بوعبدالله، رانيا اغناطيوس، هبة رجحا وفرح سلكا لاطلاق حملة ترعاها منظمة «اندي ذ أكت» ضدّ التحرّش الجنسي بالنساء والفتيات والأطفال. وتضيف «اخترنا اللجوء الى الرسوم لأن الموضوع حسّاس جداً وعلى قدر كبير من الجديّة، فضلاً عن أن الأطفال المعرضين كالنساء للتحرّش بصفتهم فئة مهمشّة وعاجزة عن رفع صوتها، يتماثلون والرسوم أكثر من أي شكل آخر، فتصل الرسالة اليهم في طريقة سلسة وواضحة».
ليست المرّة الأولى تطلق فيها الجمعيات والفاعليات المدنية حملات للحدّ من التحرّش الجنسي «الذي يعانيه الجميع حتى الشباب والمراهقون»، بحسب لين. ورغم الاهتمام الذي يلقاه هذا الموضوع فأن الخطوات التي اتخذت في سبيل مكافحته لم تتوصل بعد الى أي حلول، «وهذا يعود الى التكتم الشديد الذي يلتزمه الأطفال والنساء عند تعرّضهم للتحرّش بحيث يساهمون بصمتهم في مساعدة المعتدي على الاستمرار في فعلته».
تعرّف هاشم التي يبلغ متوسط سنها وشريكاتها الأربع في الحملة 23 عاماً، التحرّش بأنه «أي تصرّف أو فعل أو كلام يُقدم عليه فرد حيال فرد آخر خارج على ارادة الأخير سواء بواسطة الترهيب أو التهديد أو الترغيب. ويمكن التحرّش أن يحصل بفعل السلطة التي يمارسها المتحرّش على ضحيته». وتتحدث هذه الشابة المندفعة لقضيتها عن نوعين من التحرش، الجسدي واللفظي، وتضيف «التحرّش الجسدي هو التصرّف الذي يلحظ أي ملامسة بين الفردين خارجة على ارادة الضحية. أما التحرّش اللفظي فهو الكلام الذي يصدر من الشباب عادة بحق فتاة تمرّ أمامهم مثلاً في الشارع، وهو ما يُعرف في مجتمعنا بالـ«تلطيش» الذي أضحى أمراً عاديا،ً علما أن الكلام الذي يصدر من هؤلاء وان كان معسولاً فهو تحرّش جنسي لأنه تعدّ على حرية الفتاة التي لا تريد ربما سماع هذه الكلمات.» وتعزو لين كثرة تعرّض الفتيات لهذا النوع من التحرّش الى سبب بسيط هو نظرة الرجل الى جسد المرأة على أنه «ملك عامّ، وبالتالي يحقّ له أن يقول لها ما يشاء. ويمكن ربط هذا الأمر بـ«العقدة الذكورية» لدى الرجل الذي غالباً ما يُبرّر فعلته بالقول ان على الفتاة أن تفرح بالثناء على جمالها».
وتشدد لين على وجوب أن تعي المرأة أن «حصولها على حقوقها الجسدية يُحررها». وفي هذا الاطار، أطلقت جمعية نسوية في «يوم المرأة العالمي» تحت شعار «جسمي لالي (ملكي)، بدي حقوقي الجسدية» في محاولة لمحاربة التحرّش الجنسي الذي «يمكن أن يصل الى حدّ الاغتصاب».
لا ترى هاشم أي فرق بين التحرّش الجسدي والاغتصاب لأن «منطلقهما واحد وهو الاعتداء على جسد الآخر. ولكن احتراماً لضحايا الاغتصاب لا يمكننا أن نساوي بين من تعرّضت للتحرّش في الشارع ومن تمّ اغتُصابها». أما من الناحية القانونية فهناك فرق شاسع بين الفعلين. ففين حين تناول القانون ضمن مواده جرم الاغتصاب لم يأت على أي ذكر للتحرّش الجنسي سواء اللفظي او الجسدي. وتشرح لين «في القانون اللبناني، الاغتصاب هو علاقة جسدية كاملة بين رجل وامرأة بواسطة العنف والترهيب، شرط ألا تكون المرأة زوجة المعتدي لأن لا اغتصاب في اطار الزواج في لبنان، علما انه جريمة يُعاقب عليها الزوج في الدول الغربية. واضافة الى هذا الواقع المرير، فان المادّة المتعلّقة بالاغتصاب تُتيح للمغتصب الافلات من الاتهام الموجّه اليه بطرق عديدة أولها تقدّمه للزواج من الفتاة، وفي حال رفضت - وهذا ما تقوم به معظم الفتيات لأن من المستحيل أن يقترن بمن اغتصبهن - تسقط التهمة عنه تلقائياً لأنه أدّى واجبه حيالها. وثمة منافذ أخرى للمعتدي للتنصّل من فعلته في حال ثبتت عليه تهمة الاغتصاب».
ليس غريبا أن يفتقر لبنان الى احصاءات دقيقة تشير الى عدد حالات التحرّش التي تحصل يومياً، فالتكتّم هو سيد الموقف في هذه القضايا الامر الذي يُصعّب مهمّة أي كان بحثا عن الأرقام والوقائع. بيد أن لين تلفت الى الابلاغ عن ثلاث حالات تحرّش بالأطفال أسبوعياً بحسب آخر دراسة قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع المجلس الأعلى للطفولة العام 2007. وتشير الدراسة الى أن 36 في المئة من الأطفال هم من الفتيات و58 في المئة تعرضوا لاغتصاب كامل وليس لمجرّد تحرّش.
وتستبعد هاشم أن يكون هذا العدد دقيقاً في ظل عدم الابلاغ عن كل الحوادث التي تحصل والتي يرجّح أن تصل الى 3 حالات يومياً وليس أسبوعياً، موضحة ان هذه الظاهرة تفشّت خصوصا منذ ثلاثة أعوام.
أما في ما يتعلّق بالتحرّش بالنساء فلا دراسات في هذا المجال نظراً الى خجل المرأة من الابلاغ عن الحادثة التي تعرضت لها «خشية نظرة الأهل والمجتمع، فضلاً عن أن القوانين لا تؤمن لها الحماية الكافية وتعطي الافضلية للرجل».
وتتابع لين «غالباً ما نسمع اثر تعرّض احدى الفتيات أو النساء لتحرّش أنها هي من أغوت الشاب بطريقة ملبسها وسيرها، او ان عملها في عرض الأزياء او في مجال ليلي اخر كان بمثابة «مفتاح القابلية» لدى الشاب. لكن ثقافة التبرير هذه غير مقنعة لأننا نصادف فتيات محجبات تعرّضن للتحرّش، بل ان عددهن يفوق أحياناً كثيرة عدد الفتيات غير المحجبات اللواتي وقعن ضحية التحرّش. فالمتحرّش يُقدم على فعلته بغضّ النظر عن ملبس الفتاة او عملها وهو عاجز عن مراقبة أفعاله وأقواله».
وتستطرد «لا نشجّع اللباس غير اللائق، ولكننا في الوقت عينه لا نتدخل في حقّ الفرد باختيار ملبسه، وعلى المتحرّش أن يفهم أن لا حقّ له في التعدّي على أي فتاة وان كان مظهرها يبيح ذلك».
والسؤال: هل من صفات للمتحرّش؟ تجيب هاشم «يصنّف علماء النفس المتحرّشين فئات عدة، أبرزها «المتسلّط» الذي يستغل نفوذه في العمل أو مكان الدراسة لابتزاز الضحية والحصول منها على مبتغاه. وهناك ايضا «المرشد» الذي يؤدّي دور الحضن الدافئ والامن لجذب ضحيته، وعادة ما نصادف هذه الفئة في المدارس والجامعات، اضافة الى «الانتهازي» الذي يستغل المصادفة كوجود الضحية في مكان خارج العمل أو المدرسة للقيام بتصرّف جنسي حيالها، و«المتنمّر» الذي يتحرّش جنسيا بضحاياه انتقاماً لصدّهم اياه أو لتخطّيهم «الأعراف التقليدية» (المثليون والمثليات)، و«المغازل العظيم» الذي يكيل المديح وعبارات الغزل لضحاياه اما بأسلوب ناعم وإما فظ، والمقصود هنا «التلطيش» في الشارع، و«المتحسّس» الذي يستغل المناسبات والأعياد والأماكن العامة كوسائل النقل ليتحسّس ضحاياه من حوله». وتشير ايضا الى «المغرّر المفكّر» وينطبق هذا الوصف على الاستاذ أو رب العمل الذي قد يتذرع بـضرورات العمل لجمع معلومات عن الحياة الجنسية لضحاياه، و«الكوميديان» الذي يتحرش بضحاياه لفظيا او جسديا ثم يتذرّع بأنه لم يقم بذلك بدافع الغريزة، بل التسلية والمتعة.
وعن الخطوات اللاحقة ضمن مشروع «مغامرات سلوى» تقول لين «اضافة الى الرسوم التي بدأنا بتعميمها والتي تتناول قصّة سلوى في مكان العمل والمدرسة وسيارة الاجرة، لجأنا الى موقع «فايسبوك» الاجتماعي لضمّ الأفراد الذين تعنيهم هذه القضية ونحن في صدد الاعداد لموقع خاص بنا على الشبكة العنكبوتية هو Theadventuresofsalwa.com سيتيح لكل فتاة تعرّضت لتحرّش جنسي ان تروي تجربتها، وذلك في سبيل كسر جدار الصمت الذي يغلف هذه المشكلة الاجتماعية. وسيتضمن الموقع ايضا معلومات عن طبيعة التحرّش الجنسي وكيفية تجنّبه والدفاع عن النفس والتعامل معه قانوناً. وسنعمل على اقامة شبكة اتصال مع قوى الأمن الداخلي ووزارة الداخلية من أجل مساعدة الفتيات والأطفال الذين يقصدوننا، على ان نحاول في مرحلة لاحقة جمع ضحايا التحرّش ضمن «حلقات دعم» ندعو اليها اختصاصيين وعلماء نفس لمناقشة التجارب. وفي ختام الحملة، سنوزّع على المناطق اللبنانية «حقيبة سلوى» الحمراء وسنضع فيها كل الوسائل القانونية للدفاع عن النفس اضافة الى كتيب ارشادي يقدّم النصائح الى الاطفال والفتيات والنساء».