تصفحت كتاب «منهاج الصالحين» الذي يحتوي فتاوى المرجع الديني الكبير السيد علي الحسيني السيستاني، والذي يقع في ثلاثة مجلدات تجاوزت صفحاتها 1327 صفحة تتناول مختلف أحكام العبادات والمعاملات ولم أجد أي أثر للفتوى التي تحدث عنها الشيخ العوضي في مقاله، وانتقلت بعدها للموقع الرسمي للسيد علي السيستاني على الإنترنت، وبحثت فيه عن تلك الفتوى ملياً، ولم أجد لها أثراً كذلك، وبالتالي فالحديث عن هذه الفتوى وأي فتوى مشابهة ينطبق عليه الموقف الواضح والمعلن للسيد السيستاني من فتاوى الإنترنت وأي فتاوى تنسب إليه وليست موقعة منه أو ممهورة بختمه. هذا من جانب ومن جانب آخر فإن ما نفهمه من هذه الفتوى الإنترنتية هو خلاف ما ذهب إليه الشيخ العوضي، فالنص يقول بكل صراحة إن «البهرة طائفة من الإسماعيلية»، والإسماعيلية حسبما نعرف طائفة إسلامية على مذهب الدولة الفاطمية التي حكمت مصر وشمال أفريقيا، وهم من بنى القاهرة وجامع الأزهر الشريف الذي خرَّج آلاف الدعاة والعلماء وما زالت مناراته شامخة إلى اليوم. ويضيف النص أن «هناك منهم من يظهر العداء لسائر الأئمة (عليهم السلام)، فإن أظهروا فهم نصاب نجسون، وإلا فلا يحكم بنجاستهم». وهنا يظهر التلبيس الخطير الذي حاول الشيخ العوضي أن يمرره على القراء ويحمله على السيد السيستاني، فالذي نفهمه من هذا النص العام أن من يظهر العداء لأهل البيت (عليهم السلام)، هو ناصبي سواء كان من طائفة البهرة أو أي شخص آخر. أما من يضمر ذلك العداء لأهل البيت (عليهم السلام) في نفسه فحسابه على الله من أي ملة كان أو أي مذهب، وليس كما ذهب العوضي في فهمه من أن ما خفي أعظم، وأن المسألة متأصلة عندهم، فهل شق العوضي عن قلوب ملايين البهرة في الهند واليمن والخليج ومصر وأفريقيا وعلم ما فيها ليحكم بعدها أن المسألة متأصلة لديهم وأن ما خفي أعظم، أم أن الأمر هو في ما خفي لدى العوضي، وأظهره في سلسلة مقالاته المتتالية عن البهرة؟ وإذا كان الشيخ الدكتور العوضي الذي نعده من أكثر الإسلاميين لدينا اعتدالاً وحكمة بهذه الطريقة والمنهجية في البحث العلمي في التعامل مع المخالفين، والذي لطالما سمعنا منه وقرأنا له عن ضرورة فهم الآخر قبل إصدار الأحكام المسبقة عليه، فماذا نقول عن منهجية النائب الدكتور وليد الطبطبائي مثلاً الذي يبدو أنه تأثر من زيارته الأخيرة لقصر المختارة في لبنان، وأخذ يتبع أساليب صاحبها في الإثارة عندما قال في تحريضه الشيعة ضد البهرة «إن البهرة يكفرون الشيعة». وله ولغيره نقول إن من كفرنا، فحسابه على الله سواء كان ذلك من البهرة أو من غيرهم، ولسنا ممن يقابل التكفير بالتكفير أو يجعلنا نبخس حق أحد، مصداقاً لقوله تعالى «يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون»، المائدة 8.وماذا يمكننا أن نقول كذلك في منهجية دكتور الشريعة الذي أفنى أعواماً خمسة من عمره في دراسة وتتبع طائفة البهرة، وهو الذي أخرج قبل أيام فلكياً كويتياً من طائفته لاختلافه معه فقط في هلال العيد، طالباً منه عدم الخوض في مثل هذه القضايا، الأمر الذي حدا بالفلكي الكويتي أن يصرح وعلى صفحات الصحف ثلاثاً بأنه على مذهب دكتور الشريعة، مما يعطي صورة واضحة للكثيرين من أن بعض الإسلاميين لدينا وفي ما يتعلق بنظرتهم لمن يختلف معهم مذهبياً، فإنهم متفقون بالجوهر ويختلفون فقط في طريقة عرض بضاعتهم والمظهر، ولا عزاء للوسطية، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
عادل حسن دشتي
كاتب كويتيDashti2006@hotmail.com