قرأنا خبر تهديد وزير الصحة الدكتور هلال الساير، وقرأنا ردود الفعل حول قرار المحكمة الدولية حول تأييد شرعية الاتحاد الكويتي لكرة القدم برئاسة الشيخ طلال الفهد وتابعنا ماذا قيل حولهما. إنه لأمر غريب أن تسقط علينا الهموم من كل جهة في بلد صغير المساحة قليل التعداد!
ما هو الرد الملائم، وهل هيبة القانون قد تراجعت إلى هذا الحد... حد التهديد واللجوء إلى المحاكم الدولية، وإذا كانت الشخصيات التي يجب أن تنظر لخصوصية المجتمع الكويتي بنظرة ثاقبة وتهجر الخلافات التي تؤدي إلى اهتزاز سمعة الكويت الدولية والأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي... إنه الفشل القيادي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى!
إنني أخشى أن يصل الأمر إلى حد يصعب معالجة تراكماته لو أن الجميع هجر الكتابة، خاف من عواقب الأمور، ليس خوفاً شخصياً ولكن مراعاة لكرامته في وقت «ساح» فيه الأمر.
إننا عندما نطرح التساؤل أعلاه: ماذا بعد التهديد وحكم «الكاس»؟ فإننا نتمنى من خلاله مراجعة فورية للوضع الذي نلامس جوانبه السلبية من قبل العقلاء... ولو فرضنا أن الخلاف قد تعدى المنظومة الاجتماعية، والسياق الثقافي، وتعدت المصالح على حدود المصلحة الوطنية في كل شيء بما فيها حرية التعبير عن الرأي، فهل يجوز أن ننشر غسيلنا كما يقولون أمام الآخرين خارج محيط الكويت!
ولو فرضنا أن حالة اليأس من تدهور الأوضاع، التي وصلت حد ارتفاع الأسعار الذي غابت الحكومة عن حضور الجلسة الخاصة به، دفعت البعض للجوء إلى ساحة المتفرج في عهد نحن فيه أحوج إلى الفاعلية، وسرعة المعالجة للقضايا محل الخلاف قبل أن تتحول إلى أزمة نتفرج على تداعياتها وكأن الأمر لا يعنينا!
إننا بصدد تلخيص للوضع الحالي الذي تبنى عليه الحالة المستقبلية للوطن، إننا نفتقر إلى الهيبة التي ذابت وتحللت مفاهيمها وقوتها لدرجة التهديد وفرض القوة، إننا في حاجة إلى عقل ناضج يطالع التسلسل في حالة التدهور التي نعاني منها، ومن ثم يتم وضعها في أطر علاجية سليمة تحتكم إلى القانون ومصلحة البلد، ومن ثم الإقرار بمكامن الخلل ومعالجته بقرارات حاسمة لا تميل إلى جهة دون أخرى!
إن الجميع مطالب بالمشاركة في بناء كويت الغد، وصيانة المكتسبات، وعلى رأسها الحرية المسؤولة، فالمجتمع الذي لا يشرك فئاته في صياغة القرار المعتدل لن يفلح، وكثير من المجتمعات تتغير مفاهيمها رأسا على عقب لتواكب المستجدات حينما تستعدي الضرورة ذلك، ولكن في نظري أن المشكلة التي نعاني منها قد سيست، والمعلوم هنا أن كل أمر يتم تسييسه مآله الفشل والضياع!
فليعد القانون إلى هيبته، ولنحترم شرف الخصومة، ونبتعد عن المصالح الضيقة فالبلد ينادي العقلاء لعلهم يتداركون خطورة الوضع: فهل هم فاعلون؟ والله المستعان!

تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com