في تصوري ان العالم الغربي يركض باتجاه تبني النظام الاقتصادي الإسلامي أكثر مما يتم داخل البلاد الإسلامية، وبالطبع فهم لا يفعلون ذلك تديناً وإنما من تجارب مريرة عاشوها مع النظام الربوي، فاكتشفوا بأن الأزمات المالية الطاحنة التي كادت ان تهوي بالنظام العالمي بأسره قبل سنتين كانت بسبب الفوائد، سواء أكانت الرهن العقاري أم فوائد البنوك ام المضاربة غير المشروعة، وأكبر دليل على ما نقول هو لجوء البنوك المركزية الغربية إلى إنزال نسبة الفائدة إلى ما يقارب الصفر، أي باللغة الفصيحة: «نظام لا ربوي».
لقد أوضحت سابقاً بأن الفوائد البنكية لا تخضع لقوانين الطبيعة من العرض والطلب أو المضاربة أو البيع والشراء وإنما هنالك طرف يربح دائماً وطرف قد يربح وقد يخسر، وذكرت أقوال اساطين الاقتصاد الغربي الذين بينوا بأن دائرة المال في ظل هذا النظام تتحول باستمرار إلى ايدي فئة قليلة من المرابين يكدسونها دون تعب، بينما يذهب شقاء الغالبية المعدومة لخدمة هؤلاء.
بل الأدهى من ذلك هو ان ذلك النظام يكرس الكراهية في المجتمع والعداوات بسبب شعور الفئات المعدومة بالظلم ولكنها لا تستطيع التعبيرعن شعورها بسبب إحكام الآلة الرأسمالية القاتلة على رقابها، وهذا لا يتمثل في الأفراد وحدهم ولكن بالدول التي تحول كثير منها إلى قنابل موقوتة بسبب ابتزاز صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي المملوكين للدول الكبيرة لها، ورأينا ثورات الخبز وثورات الجياع، وها نحن نشهد الاضطرابات في اليونان هذه الأيام بسبب فشلها في إدارة اقتصادها واضطرارها للاستلاف من جاراتها الأوروبية بشروط قاسية.
قرار اللجنة التشريعية في مجلس الأمة بحظر الفوائد الربوية هو قمة العدل والإنصاف ويجب ان يقف معه كل محب لوطنه ولدينه، فالناس قد سئمت من ذلك النظام الربوي البغيض الذي يكبل البلد منذ تأسيسه واستئثار البنوك الربوية بالأموال - وأغلبها ايداعات حكومية - ثم يأخذ الفوائد الضخمة على عامة الناس دون رحمة. وأنا أوافق القائلين بأن الدولة يجب ان تأخذ على يد البنوك التي تقرض بفوائد قبل ان تحاسب الناس على عدم تسديد الفوائد، وأحسن طريقة لايقاف ذلك الجشع هي اسقاط فوائد البنوك، والاتجاه نحو النظام الإسلامي القائم على التجارة والمضاربة، ولا بد من توعية المواطنين بالفروق الشاسعة ما بين النظام الاقتصادي الإسلامي والنظام الربوي، ويكفي ان نتذكر قول الله تعالى: «يمحق الله الربا ويربي الصدقات».


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com