في العالم الغربي تسن القوانين التنظيمية للعمل في الشركات الخاصة حماية للفرد العامل، المسؤول وحتى على مستوى الإدارة العليا، وحينما تتغير الملكية ويدخل مساهمون كبار فإن العمل يتغير من جانب رؤية الملاك الجدد والاستراتيجيات المراد تنفيذها فقط ويستمر العاملون في العمل دون تأثير يذكر والبقاء فيها للأصلح... فالشركات الناجحة تلتزم أخلاقياً بالقوانين، وينظر لقوة العمل على أساس عادل ووفق تقييم تتسم فيه الشفافية، وغير ذلك!
أما الحال في الكويت، وهذا ما استنتجته مبدئياً من بحث ميداني، فإننا نفتقر لتلك القوانين، والدليل على ذلك طريقة تنفيذ قانون دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص 19/2000 الذي أقر وتم تعديل سقف الراتب بعدها، فالرغبة في توجيه قوة العمل إلى القطاع الخاص هي نقلة محورية يقصد منها تغيير نمط العمل ولكن هل تم تنوير المجتمع وفئاته حول أهمية العمل في القطاع الخاص والميزات التي يقدمها للعامل ناهيك عن معيار الكفاءة والعدالة عند تقييم إنتاجية العامل في المؤسسة؟
لم يحصل هذا الأمر ولو راجعنا الواقع لوجدنا ظاهرة تقديم الاستقالات مع تغيير الملكية ودخول مساهمين كبار وبروز حالة تذبذب الأمن الوظيفي نظراً لوجود مجاميع محسوبة على فئة وكأن العمل والولاء للأفراد فقط، وهذه ظواهر مزعجة تنعكس آثارها على الإنتاجية وجودة العمل وكان حري بالحكومة وبالتعاون مع القطاع الخاص العمل على الآتي:
أولا: هل جميع الشركات ملتزمة بالنسبة واقعياً، بمعنى هل كل الكويتيين المسجلين فيها يعملون بشكل فعلي، أم إن المسألة يراد منها استيفاء النسبة فقط!
ثانياً: هل ساهمت «الميكنة» في تسهيل عمل الشركات في القطاع الخاص، أم زادت من التعقيد و«روح للجابرية» و«النظام عطلان» و...!
ثالثاً: إقامة ورش عمل تبين أهمية العمل في القطاع الخاص لطلبة الثانوية والجامعة والمعاهد وكذلك العاملين في القطاع الحكومي.
رابعا: من يعتقد ان الخصخصة يقصد منها بيع البلد فهو إما انه يعاني من قصر نظر، أو انه غير مقتنع بما يحصل في القطاع الخاص، وهل يجوز التعميم على القطاع الخاص حينما تظهر مشكلة في بعض الشركات؟ طبعاً لا يجوز فالكفاءة تجد مكانها في القطاع الخاص، ولكن ينبغي أن تكون هناك قوانين لحماية العاملين ويجب ألا يتأثر أي فرد عندما تتغير الملكية.
خامساً: هل تنوي الحكومة دعم القطاع الخاص من خلال تأسيس شركات مساهمة أم ستكون من خلال مزايدات؟
على أي حال تعود الخصخصة بأمور حيوية للأفراد والمجتمع وتأهيل قوة العمل وتثقيفها حول أهمية العمل في القطاع الخاص وكيف انها تساعد في تطوير قدرات العامل من جميع النواحي، إضافة إلى انها تساهم في زيادة الدخل حيث غالباً ما تمنح الشركات المحترمة أسهما ومكافأة نقدية مستقطعة من الأرباح وتمنح التأمين الصحي داخل الكويت وخارجه، وتذاكر سفر، ورسوم دراسية وعلاوات غير متوافرة بالقطاع الحكومي، وفي المقابل نجد القطاع الخاص في حاجة إلى عاملين أكفاء على قدر كبير من الاحترافية ومن تعود على البيروقراطية والمرضيات والتأخير والغياب فالقطاع الخاص يتعذره!
توكلوا على الله ووافقوا على الخصخصة شريطة أن تكون هناك قوانين تنظيمية تحمي القوة العاملة، وأن يتم التوظيف والترقي بشكل عادل مبني على الكفاءة بعيداً عن اذنك خشمك، وإفرازات الكيمياء الشخصية... والله المستعان!

تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
terki_alazmi@hotmail.com