كتب أحد الزملاء في بلاط صاحبة الجلالة مقالاً يتهكم فيه على الصحافيين الذين يكتبون مقالات يبينون فيها مدى تفاؤلهم بالأمور من حولهم ويقول إن كلامهم يمثل رغبتهم النفسية في أن يروا العالم من حولهم جميلاً ومتفائلاً وليس وصفاً لشعورهم الحقيقي!!تفكرت فيما قاله الزميل فوجدت أن ذلك يمثل جزءاً كبيراً من شعورنا ولكن ذلك لا يمنع أن نكون متفائلين، فهنالك في واقعنا الكثير مما يدعو الى التفاؤل مهما كانت الأمور تبدو سوداء ومحبطة، بل إن احباطنا مما يجري حولنا قد يكون عامل تفاؤل لأنه يدفعنا إلى الرغبة في التغيير ثم العمل على التغيير، بينما السلبية وعدم الاهتمام هي مقبرة التقدم والرقي.البعض يشعر باللذة في الحديث عن المجتمع الكويتي سابقاً الذي كان مجتمع المحبة والتراحم وانعدام المشاكل، ثم يقارنه بالمشاكل الكثيرة التي برزت في السنوات الأخيرة وزيادة الفرز القبلي والطائفي والفئوي، وانقسام المجتمع إلى مناطق داخلية ومناطق خارجية ومصالح متضاربة، ولا شك أن ذلك صحيح الى حد ما، لكن مجتمعنا سابقاً لم يكن مجتمعاً مثالياً بل كانت هنالك فوارق طبقية ومجتمعية وفقراء وأغنياء، وبدو وحضر، ولكن لا ننسى بأن المجتمعات لا تبقى على حالها بل تنمو وتتسع، وهذا التوسع ودخول فئات جديدة من الخارج اضافة الى تعدد وتوسع متطلبات الحياة وتغير أنماط المعيشة يحتم تغير المعادلة وتشعب المصالح بل وتضاربها.إن المطلوب من القيادات في مجتمعنا أن تجعل نصب أعينها صلاح تلك الفوارق في المجتمع وذلك عن طريق اشاعة روح العدل والمساواة بين الناس وعن طريق التطبيق الحازم للقوانين فإذا كان المجتمع الصيني (أكثر من 1.2 مليار نسمة) قد انصهر إلى حد ما وتحول الى مجتمع منتج، بل ومن أكثر البلدان تقدماً اقتصادياً، فهل نعجز نحن الثلاثة ملايين عن تحقيق ذلك؟ إن من أكبر المشاكل التي نعانيها في الكويت هو ما يسميه الأميركان (Big Mouth) أي كثرة الكلام والتوصيف لمشاكلنا مع بث روح اليأس من إمكانية تغيير الواقع، بينما نرى رجالات الكويت ناجحين على كثير من الأصعدة الاقتصادية - وقد صدروا خبراتهم للعالم كله - والأصعدة الاعلامية وفي أعمال الخير والنشاط الاجتماعي والنقابي وفي التسابق على التعليم بل حتى في التجربة البرلمانية - مهما بدت مظلمة - حيث أصّلت النظام الرقابي والتشريعي بقوة بالرغم من حداثة تجربتنا، اذاً ليسمح لي زميلي الكاتب بأن أقول إني متفائل حتى وان كتبت الكثير عن الخلل في ديرتنا.
د. وائل الحساويwael_al_hasawi@hotmail.com