أفادت «إي إف جي هيرميس» المالية، أن الكويت أوفت بالوعود التي قطعتها، بعدما وصفتها المجموعة قبل عام بأنها «الحصان الأسود» في المنطقة، لتكون السوق الأفضل أداءً في دول الخليج للعام الثاني على التوالي.

وذكرت «هيرميس» في تقرير حديث، أن السوق الكويتي واصل الاستفادة من المعنويات الإيجابية المدفوعة بالإصلاحات، والتي شملت إقرار تشريعات مهمة، في مقدمتها قانونا «التمويل والسيولة» و«الرهن العقاري»، مضيفة أن نمو الائتمان تسارع على ضوء تحسن ثقة قطاع الأعمال، كما واصلت ترسية المشاريع مسارها الصاعد، حيث كانت الكويت الدولة الوحيدة في المنطقة التي سجلت ارتفاعاً في قيمة ترسية المشاريع 2025.

وأوضح التقرير أن سوق المال المحلي استمد زخماً إضافياً من الأسهم القيادية، مدفوعاً ببعض الأحداث الاستثنائية العارضة؛ حيث برز سهم شركة طيران الجزيرة كثاني أفضل الأسهم أداءً في السوق خلال 2025، مدعوماً بعرض الاستحواذ الاختياري المقدم من مساهمها الأكبر، شركة بودي للاعتماد العقارية.

ارتفاعات استثنائية

وفي الوقت نفسه، بينت أن بنك وربة كان ثالث أفضل الأسهم أداءً، مدعوماً بمشروعه للاستحواذ على بنك الخليج. كما شهدت أسهم شركتي وبورصة الكويت وميزان القابضة ارتفاعات استثنائية، بدعم من تعافٍ قوي في الربحية. مشيرة إلى أن ارتفاع أسعار أسهم البنوك جعل معظمها من بين الأعلى تقييماً في المنطقة، لاسيما عند الأخذ في الاعتبار مستويات العائد على حقوق المساهمين المنخفضة نسبياً.

وبالنظر إلى عامين من الأداء الاستثنائي، لاسيما العام الماضي الذي تعزز بالتطورات المشار إليها، ترى «هيرميس» أن السوق بات مهيأً لالتقاط الأنفاس. وبناءً على ذلك، ورغم تفاؤلها الإستراتيجي بمستقبل الاقتصاد الكويتي، عدّلت المجموعة موقفها تكتيكياً إلى «محايد»، بانتظار مزيد من الوضوح أو التطور في محفزات النمو الرئيسية.

وبينت أنه يأتي على رأس هذه المحفزات إحراز تقدم في تشريعات سوق العقار بما يمنح القطاع الخاص دوراً قيادياً في معالجة أزمة نقص المساكن، منوهة إلى أن هذا التحول الجوهري يُعتبر حافزاً أساسياً لتحسين آفاق شركات التطوير العقاري والمقاولات، فضلاً عن كونه خطوة فعلية لتنشيط الإقراض العقاري عقب الموافقة على قانون الرهن.

تحسن الائتمان

وأفاد التقرير بأن إجمالي الائتمان في الكويت (قروض المقيمين وغير المقيمين) تحسن من معدلات نمو بخانة الآحاد المنخفضة والمتوسطة خلال معظم 2024، ليصل نحو 8 في المئة على أساس سنوي حتى سبتمبر 2025.

وأشارت إلى أن قطاع الشركات قاد هذا النمو بشكل رئيسي، ويعكس ذلك تحسناً في ثقة الشركات وبيئة الأعمال في الكويت، منوهاً إلى أن إقرار مجلس الوزراء قانون التمويل والسيولة أدى إلى تنفيذ عدة إصدارات محلية، إضافة إلى أول إصدار لسندات دولية (يورو بوند) منذ 2017.

مشاريع رئيسية

وأضافت «هيرميس» أن الكويت تمضي قُدُماً في تنفيذ مشاريع بنية تحتية رئيسية في قطاعات النقل والطاقة والمياه والإسكان، من بين قطاعات أخرى. كما ارتفع النشاط العقاري، وكانت ترسية المشاريع قوية خلال السنة المالية 2024 وحتى تاريخه من 2025، إلى جانب قراءات قوية لمؤشر مديري المشتريات (PMI)، وجميعها مؤشرات على تسارع النشاط الاقتصادي.

وأشارت إلى أن نمو القروض للبنوك المشمولة في تغطيتها جاء متبايناً، إلا أن الكبرى سجلت عموماً نمواً أقوى في محافظ القروض مقارنة بمتوسطة الحجم، مفيدة أن بنكا الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي حققا نمواً قوياً في القروض محلياً وعلى مستوى الأعمال الدولية.

وذكرت «هيرميس» أن نمو قروض الأفراد سجل نحو 4 %على أساس سنوي خلال 2025 (حتى سبتمبر 2025)، بارتفاع طفيف عن متوسط 3 في المئة على أساس سنوي المسجل في 2024. وترى المجموعة أن تباطؤ نمو قروض الأفراد يعكس عدة عوامل، أبرزها:

أولاً: ارتفاع أسعار الفائدة وتوقعات خفضها.

ثانياً: ترقب المقترضين الأفراد لإقرار قانون الرهن العقاري في المستقبل القريب، دفعهم إلى تقليص قرارات الاقتراض الكبيرة لإتاحة المجال للاقتراض السكني، التزاماً بنسب عبء الدين.

ثالثاً: وبدرجة أقل، ترشيد الحكومة للإنفاق الجاري.

وأضاف التقرير أن إنفاق البطاقات بالأشهر التسعة الأولى 2025 تراجع نحو 5 في المئة على أساس سنوي، ما يشير إلى تباطؤ الاستهلاك الخاص في الكويت.

وأشارت «هيرميس» إلى أن البنوك لم تشهد حتى الآن طلباً على تمويل الإنفاق الرأسمالي المرتبط بمشاريع البنية التحتية الكبرى، نظراً لوجود فجوة زمنية معتادة بين ترسية المشاريع وسحب التسهيلات الائتمانية.

وتتوقع المجموعة أن يتلقى نمو قروض الشركات دفعة إضافية العام المقبل من الإنفاق الرأسمالي المرتبط بالمشاريع، إلى جانب القروض العقارية (مع افتراض بدء البنوك تقديم التمويل العقاري النصف الثاني 2026، رهناً بإقرار اللوائح التنظيمية من قبل بنك الكويت المركزي، فضلاً عن استمرار تحسن المعنويات، ما سيدعم إجمالي نمو الائتمان.

وتتوقع «هيرميس» أن يسجل نمو القروض معدلات تتجاوز 10 في المئة بقليل خلال 2026، بينما ينمو صافي دخل الفوائد بمعدلات لا تزال ضمن خانة الآحاد (بين منخفضة ومتوسطة)، مشيرة إلى أن معظم البنوك مرشحة لتسجيل هوامش أقل مع خفض أسعار الفائدة، باستثناء «وربة»، وبدرجة أقل بنك الكويت الدولي، اللذين قد يشهدان تحسناً في هامش صافي الفائدة (NIM) على المدى القصير، نتيجة إعادة تسعير الخصوم بوتيرة أسرع من الأصول.

مخاوف السيولة

وأكد تقرير «هيرميس» عدم وجود مخاوف ناشئة في شأن السيولة، مفيداً أن نمو القروض بلغ 8 في المئة على أساس سنوي، متجاوزاً نمو إجمالي الودائع البالغ نحو 3 في المئة حتى سبتمبر 2025، مع ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع لـ111 في المئة في سبتمبر، مقارنة بـ 106 في المئة ديسمبر 2024.

في المقابل، بينت «هيرميس» أن نسبة القروض إلى الودائع التنظيمية (التي تشمل مصادر تمويل أخرى) بلغت 79 في المئة على مستوى الجهاز المصرفي، أي دون السقف الرقابي البالغ 90 في المئة، ما يشير إلى مستوى مريح.

وأضافت، أنه عقب تشديد السيولة في السعودية خلال 2025، أصبح موضوع السيولة محل تركيز أيضاً بالنسبة للبنوك الكويتية، إلا أن إدارات البنوك تتفق عموماً على عدم وجود ضغوط ناشئة، وأن البنوك بدأت بالفعل في تنويع مصادر التمويل، وكانت من المصدرين النشطين في أسواق الدين لسنوات عدة. كما لا توجد مخاوف كبيرة في شأن تسعير الودائع مع تضمين علاوة سيولة.

اندماجات واستحواذات

ورجحت «هيرميس» أن يشهد 2026 اندماجاً محتملاً بين بنكي «وربة» و«الخليج»، ما سيؤدي إلى إنشاء ثاني أكبر بنك إسلامي في الكويت من حيث إجمالي الأصول، بعد بيت التمويل الكويتي، موضحة أنه عقب استحواذ «وربة» على حصة 32.75 في المئة من «الخليج» في أبريل الماضي، عين البنكان مستشارين استثماريين لتقييم جدوى الاندماج، وفي حال الحصول على الموافقات التنظيمية ومن المساهمين، قد يتم الاندماج القانوني منتصف 2026.

وذكرت أن هذا الاندماج سيحقق تكاملاً في الإيرادات، حيث يركز «وربة» بشكل أكبر على قطاع الشركات، بينما يركز «الخليج» على قطاع الأفراد، متوقعة على المدى المتوسط، أن تواجه البنوك الإسلامية، لاسيما «بيت التمويل» وبنك بوبيان، منافسة أقوى، خصوصاً في قطاع الأفراد، وأن تستغرق عملية دمج وتحويل أعمال بنك الخليج إلى الصيرفة الإسلامية بالكامل بين 12 و18 شهراً.

الأسهم الكويتية

وذكرت «هيرميس» أن أسهم البنوك الكويتية حققت عوائد جيدة منذ بداية العام، مع تفوق البنوك متوسطة الحجم على البنوك الكبرى، إلا أن التقييمات الحالية تجعل البنوك الكويتية الأعلى سعراً في السياق الإقليمي، سواء من حيث مكرر الربحية (P/E) أو مكرر القيمة الدفترية (P/B)، عند الأخذ في الاعتبار مستويات العائد على حقوق الملكية، التي تُعد، باستثناء «بيت التمويل» و»الوطني»، ضعيفة نسبياً مقارنة إقليمياً.

وأفاد التقرير بأن سوق الاتصالات الكويتي لا يزال إلى حد كبير مشبعاً، ويعاني من كثافة عدد المشغلين مقارنة بحجم السوق، مع توسع محدود في الحجم الكلي، ما لا يترك مجالاً كبيراً لتحقيق نمو عضوي ملموس.

وأشارت «هيرميس» إلى معدل النمو السنوي المركب للإيرادات خلال الفترة 2017–2021 بلغ نحو 0.5%، مقارنة مع 1 في المئة خلال الفترة 2017- 2024. ويعكس هذا الأداء الضعيف، في رأي «هيرميس»، نضج السوق وغياب مبادرات التنويع، وهي ديناميكيات لا تزال دون تغيير، متوقعة استمرارها خلال 2026 وما بعده.

وفي أسواق خليجية أخرى، ترى «هيرميس» نمواً محدوداً في بعض القطاعات الناضجة، مثل المستهلكين، وأن النمو يأتي من مصادر أخرى، لاسيما الشركات، في ظل مستويات إنفاق حكومي أعلى بكثير مقارنة بالكويت، وتطور أكبر في المبادرات الداعمة للاستثمار في القطاعات المجاورة.

النظرة الكلية

وأكدت «هيرميس» أن إصدار قانون الرهن العقاري لا يمثل سوى الخطوة الأولى، إذ يتعين استكماله بإصدار اللوائح التنفيذية التي ستتضمن جميع التفاصيل الأساسية، بما في ذلك نسب القرض إلى القيمة وآليات الحجز والتنفيذ. وبناءً عليه، لا تتوقع المجموعة أن تبدأ البنوك تقديم التمويل العقاري قبل النصف الثاني 2026.

وأشارت إلى أن الحكومة واصلت دفع عجلة الاستثمار، حيث كانت الكويت الدولة الوحيدة في المنطقة التي حافظت على نمو ترسية المشاريع خلال 2025. وحتى نهاية نوفمبر، ارتفعت قيمة ترسية المشاريع 8 في المئة مقارنة بـ2024 لتصل 9.5 مليارات دولار، مدفوعة بقفزة كبيرة في ترسية مشاريع قطاع الطاقة، التي تضاعفت إلى 5.4 مليارات. كما ساهم قطاع النفط والغاز إيجابياً بقيمة 1.7 مليار، بزيادة 4 أضعاف مقابل مستويات 2024.

وترى «هيرميس» أن الزخم الاقتصادي الإيجابي من شأنه أن يدعم تدريجياً نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ليرتفع إلى 2.2 في المئة عام 2025، مع تسارع إضافي 2026 إلى 2.6 في المئة، مبينة أنه رغم ذلك، لا تزال هذه المعدلات أدنى من مستويات النمو في الإمارات والسعودية، التي تتجاوز 4 في المئة، ما يبرز وجود مجال لتعزيز نمو الاقتصاد الكويتي، متوقعة أن يظل الاستثمار المحرك الرئيسي للنمو، في حين يبقى نمو الاستهلاك الخاص محدوداً إلى حد كبير.

الحكومة تشكل بيئة اقتصادية كلية

أشارت «هيرميس» إلى أن الحكومة تواصل إحراز تقدم ملحوظ في إعادة تشكيل البيئة الاقتصادية الكلية، وأن 2025 شكّل عاماً مفصلياً في هذا الإطار، بعد أن نجحت في تنفيذ مبادرات اقتصادية مهمة.

وأضافت، أنه يأتي في مقدمة مبادرات الحكومة إقرار قانون التمويل والسيولة، الذي خفف مخاوف أوضاع السيولة العامة، منوهة إلى أن الحكومة أمنت حتى نوفمبر معظم احتياجاتها التمويلية.

وذكرت أن هذا التحرك شمل 1.95 مليار دينار من الإصدارات المحلية، إضافة إلى 11.25 مليار دولار في أول إصدار سندات دولية منذ 2017، لترتفع قيمة الإصدارات إلى 5.4 مليارات دينار. مقدرة أن الحكومة لا تحتاج إلى اقتراض إضافي خلال السنة المالية 2025 - 2026.

تنفيذ أطر تنظيمية تتيح للقطاع الخاص دوراً أكبر

في 2026، تتوقع «هيرميس» تحول التركيز بشكل متزايد إلى قدرة الحكومة على تحقيق تقدم اقتصادي إضافي، لاسيما في القطاع العقاري، الذي يُعد محورياً لتعزيز الاستثمار.

وأشارت إلى أن الحكومة تعمل على تنفيذ أطر تنظيمية تتيح للقطاع الخاص دوراً أكبر، وأن تحقيق تقدم في هذا المجال يُعد أمراً حاسماً لتفعيل «الرهن العقاري»، مؤكدة أن التمويل متوافر بوضوح في ظل سوق عالية السيولة، فيما يبقى توافر المعروض العقاري المحطة الأساسية الأخرى لمعالجة نقص المساكن.

تقدم الإصلاحات يضمن الاستدامة مالياً

أكدت «هيرميس» على أن إحراز تقدم إضافي في الإصلاحات المالية سيكون مهماً لضمان الاستدامة المالية.

ونوهت، إلى أن الحكومة بدأت بخطوات إيجابية، تمثلت في احتواء الإنفاق خلال السنة المالية 2024/ 2025 وإقرار ضريبة الـ 15 في المئة على الشركات الكبرى متعددة الأسواق، مفيدة أن السوق يتطلع إلى إحراز تقدم في ملف الدعم، إلى جانب اتخاذ إجراءات إضافية لتعزيز الإيرادات غير النفطية.

بلغة الأرقام

8 في المئة نمواً بالائتمان حتى سبتمبر

4 في المئة زيادة بقروض الأفراد

5 في المئة انخفاضاً بإنفاق البطاقات أول 9 أشهر

79 في المئة نسبة التمويلات للودائع التنظيمية مصرفياً

111 في المئة قروضاً إلى الودائع والسيولة التنظيمية عند 79 %

2.6 في المئة صعوداً بالناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 2026

10 في المئة ارتفاعاً بتمويلات 2026 مدفوعة بالإنفاق الرأسمالي و«الرهن العقاري»