بعد غيابٍ دام أكثر من اثنين وأربعين عاماً خارج أرض الوطن، تعود Q8 إلى الكويت، بعد مسيرة طويلة من العمل في الخارج شملت أوروبا وتايلند، لتفتح أولى محطاتها في وطنها الأم تحت اسمها التجاري العالمي المعروف Q8. عودةٌ تحمل في طياتها رسالة تنافسية واضحة، إذ تدخل «كيو إيت» سوق محطات تزويد الوقود المحلي لتنافس باقي المحطات العاملة، ولتنقل إلى بلدها خبراتٍ تراكمت عبر سنوات طويلة من العمل في الأسواق العالمية.
وقد أثبتت «كيو إيت» حضورها المميز في عدد من الدول الأوروبية المتقدمة، مثل إيطاليا والسويد والدنمارك وهولندا وبلجيكا، إضافة إلى وجودها في تايلند، لتكون بذلك الشركة الوحيدة بين دول أوبك والدول النفطية الأخرى التي استطاعت ترسيخ وجودها في أسواق التجزئة بقارة آسيا إلى جانب أوروبا.
إن دخول الكويت أسواق التجزئة النفطية خارج البلاد لم يكن مهمة سهلة، بل كان تحدياً حقيقياً، إذ وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع كبرى شركات النفط العالمية، في الشارع نفسه وعلى الرصيف المقابل، مطالبة بإثبات وجودها والمنافسة بالأسعار ذاتها. وفي ظل محدودية هوامش الربح في بيع البنزين والديزل، حيث تكاد العوائد تغطي المصاريف التشغيلية فقط، كان لزاماً عليها أن تطور نموذج عملها عبر تنويع أنشطتها وتقليل تكاليفها التشغيلية.
ومن هنا برزت أهمية تقديم خدمات إضافية خارج نطاق الوقود، مثل تغيير زيوت السيارات، وافتتاح متاجر «الشوب» لبيع المأكولات والمشروبات، إلى جانب خدمات تمس احتياجات المستهلك اليومية كالبريد ومغاسل الملابس. كما حرصت بعض محطات «كيو إيت» على تقديم مأكولات مميزة تجعل المستهلك يرتبط بالمحطة هو وأفراد أسرته، لتصبح المحطة جزءاً من نمط حياته اليومي.
ففي ساعات الصباح، تتميز بعض المحطات بتقديم أفضل أنواع السندويشات والقهوة، إلى جانب خدمات متكاملة، لتكون أرباح المتاجر الملحقة هي القيمة المضافة الحقيقية التي تسهم في تحقيق الربحية، لاسيما في المدن والقرى الصغيرة.
ويبقى السؤال الجوهري المطروح: هل ستسمح شركة البترول الوطنية، المالكة لمحطات الوقود، بمنح حق إدارة أو تأجير بعض المحطات الجديدة للمواطنين؟ وذلك وفق نظام يمنحهم حق الإدارة لفترات زمنية محددة، مع الالتزام باستخدام شعار الشركة وتطبيق جميع شروطها ومعاييرها، كما هو معمول به في كثير من دول العالم. على أن تتولى الشركة تزويد المحطات بالوقود، بينما تُدار هذه المحطات من قبل أفراد لديهم الرغبة والطموح للعمل في هذا المجال، في إطار نشاط تجاري بحت يقوم على المبادرة الفردية، لا على إدارة الشركات التجارية الكبرى.
إن هذا التوجه من شأنه أن يفتح آفاقاً واسعة لفرص العمل، ويمنح الشباب الكويتي مجالاً جديداً للإدارة والتجارة، حيث قد يجد كثيرون في إدارة محطة وقود واحدة فرصة حقيقية لتحقيق طموحاتهم وبناء مستقبلهم المهني. وهي تجربة ناجحة في دول مجاورة وعالمية، تجمع بين التحدي والطموح وروح المبادرة.
إنها مجرد فكرة، في ظل محطات جديدة في مختلف مناطق البلاد. فلماذا تُدار حصراً من قبل شركة البترول الوطنية أو شركات وطنية أخرى؟ ولماذا لا تُمنح الفرصة لشبابنا ليكونوا شركاء في الإدارة والتشغيل، ويخوضوا غمار العمل التجاري بثقة ومسؤولية؟ أهلاً وسهلاً ومرحباً بعودة «كيو إيت» إلى الكويت.
كاتب ومحلل نفطي مستقل
naftikuwaiti@yahoo.com