قال المستشار بمحكمة الاستئناف رئيس لجنة صياغة قانون المخدرات المستشار محمد الدعيج، إن المجتمع كان بأمسّ الحاجة لصدور القانون الجديد بعد تراكم قضايا ومشاهد مؤلمة عاشها خلال مسيرته العملية التي امتدت 27 عاماً، مؤكداً أن بعض الوقائع تترك جرحاً لا يُنسى مهما مرّ الزمن، وأن هناك واقعة واحدة بقيت عالقة في ذاكرته طوال 25 عاماً.

وروى الدعيج، في كلمة له أثناء الندوة، تفاصيل تلك الحادثة التي وقعت في مارس عام 2000، عندما دخلت عليه في النيابة سيدة كويتية مسنّة تجاوزت السبعين ترتجف بصمت وقد أُصيبت بسحجات وثقب في طبلة الأذن، وأخبرته بأن ابنها الوحيد ضربها وطردها من المنزل.

وأضاف أنه استدعى الجاني وتم ضبطه، إلا أن الأم عادت في فجر اليوم التالي تناشد إطلاق سراحه وتبرّر عنفه بأنه «عصبي»، ليكتشف لاحقاً أن حالته كانت نتيجة تعاطٍ شديد. وبعد شهرين فقط، وتحديداً في مايو من العام نفسه، تلقّى خبر مقتل الأم على يد ابنها بوحشية بعدما سدد لها 35 طعنة في حالة ذهان كامل، ثم دخل الابن في انهيار تام وهو يصرخ:«وين أمي؟»، دون أن يدرك أنه قتلها. وأكد أن «مثل هذه الوقائع قد تتكرر إذا لم يكن هناك تشريع واضح ورادع، وأن القانون 159 لسنة 2025 جاء ليضع حداً لهذه الفجوات التي كلّفت الأسر والمجتمع أثماناً باهظة».

تشريع جذري

وأشار إلى أن «القانون الجديد كُتب بدماء ودموع أسر عانت من المخدرات، وبدايته كانت بدعم ورعاية من حضرة صاحب السمو، وبتوجيه مباشرة من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الذي شدد منذ اللقاء الأول على أن المطلوب ليس حلاً موقتاً أو ترقعياً، بل تشريع جذري يوقف النزيف ويحمي المجتمع بصورة دائمة». وأضاف أن «إعداد القانون كان تحدياً ضخماً، إذ استغرق العمل عليه نحو عامين، ومرّ بمراجعات دقيقة حتى خرج بصيغته الحالية التي تضم 84 مادة تعالج واقع المخدرات في الكويت وتحاكي تطور الجريمة عالمياً». وكشف أن «حوادث العنف المرعب التي تقع تحت تأثير الشبو والمؤثرات العقلية، أصبحت تتكرر في المحاكم والجلسات، حتى وصل الأمر إلى أن تقف فتاة تبكي في جلسة كاملة لأن والدتها متعاطية، وأن أباً يصرخ خوفاً من ابنه المدمن الذي يعتدي عليه يومياً ويطلب ألا يُعاد إلى المنزل». وأشار أيضاً إلى خطورة السائقين تحت تأثير الشبو الذين تسببوا في وفيات يومية وحوادث دهس وكسر وإزهاق أرواح، مؤكداً أن «القانون الجديد أغلق هذا الباب تماماً».

المخدرات والإرهاب

وأكد الدعيج أن «قانون 159 لسنة 2025 جاء ممزوجاً بالإنسانية والحزم، وأنه لا مساحة وسط بين العلاج والعقاب، فإما أن يتجه المتعاطي للعلاج ضمن منظومة طبية متكاملة، أو يواجه أشد العقوبات. فالقانون وضع منظومة رقابية صارمة تحت إشراف وزارة الصحة، وشدد العقوبات على كل من يسيء التعامل مع الأدوية أو يزوّر الوصفات الطبية، بما في ذلك الأطباء الذين يصرفون الأدوية المخدرة بلا حق».

وبيّن أن «القانون جرم حتى (الجليس) الذي يرافق المتعاطين ويشاركهم المواد، لأن التجربة أثبتت أن المدمن يدخل دائماً مع ثلاثة أشخاص، إما لمشاركة المزاج أو للحصول على جرعة مجانية، وهذا السلوك يمثل باباً واسعاً لتوسيع دائرة الإدمان».

وقال إن «القانون الجديد شدد عقوبات الاتجار والترويج حتى وصلت إلى الإعدام، وأن المروج لم يعد يشترط أن يكون تاجراً كبيراً، بل يكفي أن يوزع حتى حبتين وهو يعلم أنها مادة مخدرة ليتحول إلى مُروّج يعاقَب بالاعدام».

مَنْ أوصل الإرهابي إلى مسجد الصادق أعطاه «الشبو» لحسم تردّده بالتنفيذ

تطرق الدعيج، إلى قضية الإرهاب في تفجير مسجد الصادق، عندما ارتدى الإرهابي فهد القباع الحزام الناسف وقام بإيصاله عبدالرحمن صباح، أخبره بأنه يفكر في تنفيذ العملية، إلا أن عبدالرحمن صباح، اتصل على التنظيم خارج البلاد، فأبلغوه بأن يعطيه مادة «الشبو» وهي موجودة في الحقيبة التي تحمل الحزام الناسف، وعندما تناولها القباع قام بتنفيذ العمل الإرهابي فوراً.

4 رسائل

ختم الدعيج كلمته بأربع رسائل حاسمة:

- الأولى لتاجر المخدرات، مؤكداً أن «الأمان الذي تعيشه وهم، وأن حبل المشنقة ينتظرك».

- الثانية للمتعاطي الذي وصفه بالمريض الذي عليه أن يسابق الزمن للعلاج قبل أن يقع في يد المكافحة ويتحول من متعاطٍ إلى مروج ثم إلى مجرم.

- الثالثة لوزارة التربية التي دعاها إلى تبني منهج توعوي شامل في المدارس لمنع انتشار الإدمان بين المراهقين.

- الرابعة للمجتمع بأن الكويت ستكون أكثر أمناً في ظل هذا التشريع الجديد الذي وُضع لحماية الإنسان والأسرة والوطن.