كانت جزر هاواي، دولة مستقلة، لها علاقاتها الدبلوماسية مع دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، تحت حكم الملك كاميهاميها الأول، الذي وحّد الجزر تحت سلطته، ووضع لها دستوراً وعلماً خاصاً بها كدولة ذات سيادة.

كانت مملكة هاواي غنية بالثروات الزراعية، وخاصة قصب السكر والأناناس، مما جذب المزارعين الأميركيين للعمل والتجارة فيها حتى امتلكوا معظم الأراضي الزراعية. ومع مرور الوقت ازداد نفوذ هؤلاء التجار، وطالبوا بالإعفاء من الرسوم الجمركية، عبر الضغط الذي مارسته الحكومة الأميركية على المملكة.

ثم ازداد نفوذهم السياسي، حتى فرضوا دستوراً جديداً على الملك كالاكوا، تحت تهديد السلاح، وذلك عام 1887. وبعد وفاة ذلك الملك، تولّت شقيقته الملكة ليليوكالاني (Liliuokalani) الحكم عام 1891. كانت الملكة تحلم باستعادة سيادة الحكم وتغيير ذلك الدستور المفروض على مملكتها، والذي أُطلق عليه «دستور البندقية» لأنه فرض تحت تهديد البنادق.

أدى توجه الملكة المستقل إلى تنفيذ انقلاب ضدها بقيادة أحد التجار الأميركيين النافذين سانفورد دول (Sanford Dole)، وذلك بدعم من قوات البحرية الأميركية على متن السفينة USS Boston بتاريخ 16 يناير 1893.

أعلنت المجموعة الانقلابية بقيادة دول إسقاط النظام الملكي، وتشكيل حكومة موقتة برئاسته. وقد انقسمت الحكومة الأميركية حول الموقف من هذا الانقلاب، فقرر الرئيس غروفر كليفلاند، إرسال لجنة لتقصي الحقائق لمعرفة ما إذا كان الانقلاب قانونياً أم لا. خلصت اللجنة إلى أنه انقلاب غير شرعي، فطالب الرئيس كليفلاند بإعادة الملكة إلى الحكم، غير أن التاجر دول، رفض ذلك واستمر في السيطرة على السلطة.

وفي عام 1895، حاولت الملكة استعادة الحكم بموجب موقف الحكومة الأميركية، إلا أن مجموعة دول، قامت باعتقالها ووضعها تحت الإقامة الجبرية في قصرها، وأجبرت على التنازل عن العرش. خلال فترة سجنها كتبت أنشودتها الشهيرة «Aloha Oe» (وداعاً لك)، التي عبّرت فيها عن حزنها الدفاق لفقدان وطنها.

في عام 1894، أعلن سانفورد دول، نفسه رئيساً لما سماه جمهورية هاواي. وبعد ذلك، غيرت الحكومة الأميركية موقفها ووافقت على ضم الجزر عام 1898، بعد أن أدركت أهميتها الإستراتيجية في المحيط الهادئ، لتصبح هاواي إقليماً أميركياً رسمياً عام 1900 بموافقة الكونغرس.

سعت الحكومة الأميركية لاحقاً إلى توطين المهاجرين الجدد في الجزر وتغيير الثقافة الهاواية، وجذب الأجيال الجديدة إلى أنماط «الحلم الأميركي» طوال أكثر من خمسين عاماً لتخفيف الرفض الشعبي للضم. وبعدما تأكدت من تغير المزاج العام لصالح الانضمام، أجري استفتاء شعبي عام 1959 أصبحت بموجبه هاواي الولاية الخمسين للولايات المتحدة الأميركية.

منذ ذلك الحين، اعتبر سانفورد دول، بطلاً قومياً في الرواية الأميركية الرسمية، إذ يعزى إليه الفضل في «ضم الجزر الإستراتيجية» إلى الولايات المتحدة. أما الملكة ليليوكالاني، فصارت رمزاً وطنياً للمقاومة والسيادة في الذاكرة الهاواية، وواحدة من أبرز الشخصيات في الإرث السياسي والتاريخي لشعب هاواي الأصلي. ومع ذلك، بقيت قصتها تُروى في الكتب، وتُغنى أنشودتها في المناسبات الوطنية كتعبير عن الحنين والوداع.

توفيت الملكة ليليوكالاني عام 1917، وخلفت مذكراتها في كتاب بعنوان «قصة هاواي» روت فيه أحداث الانقلاب ودفاعها عن سيادة وطنها. رحلت الملكة، لكن أنشودتها «وداعاً لك» ظلت رمزاً خالداً تتردد كلماتها في المناسبات:

يفتخر المطر على المنحدرات،

ويتسلل بهدوء عبر الغابات،

لعله يبحث عن الزهرة الجميلة،

زهرة ليهوا الحمراء في الجبال،

وداعاً لك، وداعاً لك،

أيتها العطرة التي تسكن الوادي،

عناقٌ حنون واحد،

ثم أرحل عنك،

حتى نلتقي مرة أخرى.

أما التاجر سانفورد ب. دول، فقد شهد عصره تأسيس ابن عمه جيمس دول، لشركة الأناناس الشهيرة عام 1901، تحت اسم شركة دول الغذائية (Dole Food Company)، التي أصبحت لاحقاً من أكبر الشركات الزراعية والغذائية في العالم، وأشهر الماركات العالمية (Dole).

ينظر إلى دول في الولايات المتحدة بوصفه رمزاً للتوسع والتمدن، بينما يراه كثير من أبناء هاواي الأصليين رمزاً للاستعمار والظلم. توفي عام 1926 دون أن يحاكم أو ينتقد رسمياً في حياته.

اليوم، يحتفى بالملكة ليليوكالاني، كبطلة وطنية، بينما يذكر سانفورد دول، غالباً في سياق النقد التاريخي والاستعمار السياسي والجشع التجاري.