شهدت أسعار النفط الخام الأميركي انخفاضاً ملحوظاً لتصل حالياً إلى نحو 59 دولاراً للبرميل، بعد أن تجاوزت حاجز 60 دولاراً، وهو خبر مزعج لجميع الدول المنتجة للنفط. هذا الانخفاض يمثل مؤشراً سلبياً على السوق، ويعكس محدودية تأثير تدخلات المنظمات النفطية، بما فيها منظمة أوبك مع حلفائها، في تثبيت الأسعار.
يبقى التساؤل محيّراً حول قدرة الدول النفطية على تحمل هذا الانخفاض في الأسعار، خصوصاً أن «أوبك» كانت تدعو دائماً إلى نطاق سعري مناسب ومستقر. ومع ذلك، لا يبدو أن هناك جهوداً فعلية للحد من الهبوط، بينما يعاني بعض أعضاء المنظمة من عجز مالي يدفعهم للجوء إلى القروض الخارجية لتغطية احتياجاتهم المالية المتزايدة.
ومن المتوقع أن يستمر الفائض النفطي خلال العام المقبل، وقد يتجاوز 4 ملايين برميل يومياً، دون أي مؤشرات على توقف ضخ الكميات أو التوصل إلى حلول فعالة لمنع تدهور الأسعار. هذا الأمر يؤثر بشكل مباشر على الإيرادات المالية للدول المنتجة، التي تعتمد بشكل شبه كامل على مداخيل النفط. ومع استمرار زيادة المعروض، تتكدّس الكميات في المخازن والصهاريج، ما يعكس تحدياً إضافياً في مواجهة فائض الإنتاج العالمي.
وفي الوقت نفسه، على الرغم من العقوبات الأميركية على النفط الروسي، واستمرار استيراد كميات كبيرة منه من قبل دول مثل الصين والهند وتركيا، لا تزال أسعار النفط في تراجع، حيث وصل سعر برميل خام برنت إلى نحو 63 دولاراً. هذا التراجع يفاقم الضغط على المداخيل المالية للدول المنتجة، ويجعل من الصعب توقع أي تحسن في الأسعار خلال العام المقبل، خصوصاً مع استمرار الفائض المتوقع وتواضع الطلب العالمي.
تطرح هذه التطورات سؤالاً جوهرياً حول قدرة منظمة أوبك+ وأعضائها الـ22 على التدخل بفعالية، وكيفية استعادة أسعار النفط لمستويات تمكن الدول المنتجة من تخفيف العجز المالي، إذ تحتاج معظمها إلى أسعار تتجاوز 90 دولاراً للبرميل لضمان استقرار ميزانياتها. ويظل التحدي الأكبر هو الالتزام الصارم بحصص الإنتاج، إذ ان بعض الأعضاء يستغلون الفرص لزيادة إنتاجهم وتحقيق مكاسب قصوى، متجاهلين أهمية الاتفاقات والالتزام الجماعي.
كما يواجه رفع أسعار النفط تحديات إضافية، أبرزها تأثيره على الإنتاج الأميركي للنفط الصخري والذي يقدر بـ13.500 مليون برميل يومياً، الذي يحتاج إلى نطاق سعري بين 60 و65 دولاراً للبرميل لضمان استمراريته. في ظل الأسعار الحالية التي تقترب من 59 دولاراً، فإن المنتج الأميركي يواجه مخاطر وخسائر محتملة، بينما لا تستطيع دول أوبك التعايش مع هذا النطاق المنخفض على المدى الطويل.
ويظل الحل الأنسب والأكثر فعالية هو خفض الإنتاج، شرط الالتزام الكامل والمطلق بحصص الإنتاج، وهو ما يمثل التحدي الأساسي والصراع الدائم داخل المنظمة النفطية. فالنجاح في تثبيت الأسعار يعتمد أولاً على الانضباط الجماعي لأعضاء أوبك+، لتجنب التدهور المستمر وتحقيق استقرار السوق النفطي العالمي.
naftikuwaiti@yahoo.com