من المهم دراسة أي حدث أو موضوع مهم وتدارك الدروس والفوائد منه، بحيث يتم العمل بتلك الاستفادة لأي تصوّر مستقبلي يمس القطاع العام أو الخاص، فإن كليهما مكمل لبعضه وذلك لمصلحة الوطن والمواطنين. ومن تلك الأحداث ما قرأنا عنه أخيراً وعلى النطاق الخليجي من إعلان تطبيق (شقردي) السعودي رسمياً عن إيقاف عملياته بعد أن نفّذ أكثر من 7 ملايين طلب وخدمته لحوالي 3 ملايين عميل في 35 مدينة ومحافظة داخل المملكة، كما صرّح التطبيق بذلك.

وجاء في البيان الذي نشره عبر منصة «إكس» أن السبب الرئيس وراء الإيقاف هو المنافسة الحادّة وسياسة حرق الأسعار التي جعلت استمرار النشاط التجاري غير ممكن مالياً. وهنا أريد أن أعلّق على انعكاس تجربة التطبيق السعودي على سوق التوصيل للمستهلك في الكويت فإن ما حدث يُقدّم درساً مهماً بأن النمو السريع لا يعني الاستدامة في النجاح وتطبيقات التوصيل.

في الكويت تشهد بدورها نمواً متزايد بفضل الطلب والاعتماد الكبير على الخدمات الرقمية والاستمرار في خفض الأسعار لجذب العملاء، والذي قد يتحوّل إلى سلاحٍ يرتدّ على الشركات نفسها، وسياسة «حرق الأسعار» قد تؤدي إلى إضعاف قدرة الشركات على تغطية تكاليف التشغيل، مما يجعل خروجها من السوق أمراً محتملاً كما حصل لـ( شقردي ).

وتجربة هذا التطبيق تُظهر أن الأسواق تحتاج إلى توازن بين التوسع والربحية وكذلك وجود آلية تنظيمية شفافة تحدّد العلاقة بين الشركات والمندوبين والمطاعم لاستقرار السوق الكويتي. فغياب توازن عادل في الأسعار بين المستخدم والمطعم والسائق يمكن أن يقود إلى انهيار النموذج الاقتصادي لأي شركة مهما كانت قاعدة عملائها كبيرة.

وتجربة شقردي ليست قصة فشل بل هي نموذج ناجح لفترة طويلة ولكنها إشارة إنذار مهمة لبقية أسواق المنطقة، فالنمو المتسارع في تطبيقات التوصيل يمكن أن يتحوّل إلى أزمة إذا لم تُدار المنافسة والعمولات بشكل منصف، ودولة الكويت لديها فرصة إستراتيجية لبناء سوقٍ أكثر توازناً، لكي تتعايش الشركات المحلية مع البيئة التنظيمية العادلة، ويستفيد المستهلك والمندوب والمطعم من معادلة شفافة ومستدامة. وانعكاس ما حدث يتجاوز الجانب التجاري إلى الجانب التنظيمي والاقتصادي مثل ضرورة تشجيع المنافسة العادلة ومنع الممارسات التي تؤدي إلى احتكار السوق ومراقبة الأسعار والعمولات بشكل دوري لضمان عدم استنزاف الشركات المحلية الصغيرة ودعم الابتكار في قطاع التوصيل من خلال الحوافز الحكومية والتمويل الموجّه للشركات الناشئة.

ومثل هذه الخطوات تؤدي إلى تفادي السيناريو الذي واجهه هذا التطبيق وأتمنى ألا تصير (شقردي)! حالة تحصل مرة أخرى في السوق المحلي. و الخلاصة ضرورة المحافظة على بيئة سوق متوازنة قادرة على الاستمرار والنمو للصالح العام وبما يفيد اقتصاد الوطن والمواطن أو المستهلك، والله عز وجلّ المعين في كل الأحوال.

X @Alsadhankw